قرر المنسحبون من عضوية الجمعية التأسيسة، أن من أسباب ذلك أن رئيس الجمعية «المستشار الغرياني» قد حرمهم من إبداء رأيهم وملاحظاتهم علي مسودة المواد الدستورية التي أعلنت للرأي العام في 24/10/2012 ومن الأمثلة الخطيرة علي هذه الملاحظات وضع نص تفسيري للمادة (2) من مسودة الدستور التي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، والزعم بأن ذلك يعني الأدلة الكلية المعتبرة من المذاهب الشرعية للسنة والجماعة!! وذلك دون غيرها من المذاهب الشرعية، بينما تم منذ سنة 1929 اعداد قانون الأحوال الشخصية مستمدا من جميع المذاهب الشرعية، حسبمايتلاءم مع العصر والمصلحة القومية للأسرة المصرية، وقد اتبع ذات الأسلوب، في قانون المواريث والوحيد والوقف .. إلخ والتي صدرت بعد ذلك، وهي نافذة حتي الآن!!، ولم تكتف الأغلبية السلفية الإخوانية بذلك، بل وضعت نصوصا تقرر ان هيئة كبار العلماء بالأزهر هي المرجع النهائي، الحاسم، في أمور الشريعة الإسلامية، وبالتالي فإن هذه الأغلبية، قد قررت الأسس الدستورية للدولة الإسلامية التي تقوم علي مبدأ «ولاية الفقيه» وأهدرت ان الشعب المصري هو مصدر السلطات ونوابه بالبرلمان هم المسئولون عن التشريع للبلاد؟! كما ورد النص كذلك علي التزام الدولة والمجتمع برعاية مكارم الأخلاق والتقاليد المصرية الأصيلة، وبالتالي فإنه يكون قد قنن التحالف الإسلامي النص في المسودة علي شرعية ودستورية إنشاء الجماعات الشعبية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما يلغي مبادئ «حرية العقيدة»، وحقوق الإنسان والديمقراطية! كذلك أصرت الأغلبية السلفية علي النص علي مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في حدود ما تقرره أحكام الشريعة الإسلامية، ولم تكتف بالنص علي «مبادئ الشريعة الإسلامية الواردة في المادة (2) من المشروع والغرض واضح بين الأمرين!!! وبالنسبة للسلطة القضائية فقد تعمدت الأغلبية السلفية الإخوانية وذلك ضمن الحملة الممنهجة ضد السلطة القضائية بعد صدور حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب، وحكم محكمة القضاء الإداري ببطلان الجمعية التأسيسية الأولي، وأحكام دوائر الجنايات ببراءة بعض المتهمين من رجال الشرطة!! وتعمدت النص مسودة الدستور علي اختصاص النيابة العامة بالاتهام أو الإدعاء دون التحقيق بصفة مطلقة، كما نصت علي وضع مادة تقرر ان تنتهي ولاية النائب العام بالقضاء أربع سنوات، حتي ينقل أو يعزل بنص الإعلان الدستوري بدلا من القرار الباطل الذي سبق ان أصدره الدكتور مرسي من قبل بزعم أنه وحده المسئول عن الأحكام الصادرة بالبراءة في قضايا قتل المتظاهرين!!!. وكذلك ورد في المسودة المذكورة أن المحكمة الدستورية لا يشمل اختصاصها القوانين والتشريعات الانتخابية إلا بصفة رأي استشاري قبل إصدارها، وبتقليص عدد أعضائها ويجعل تعيينهم يتم بقرار جمهوري بدون موافقة الجمعية العمومية للمحكمة، كما تضمنت المسودة تحويل هيئة قضايا الدولة إلي ما يسمي بالنيابة المدنية، بحجة زيادة عدد القضاة لسرعة الحكم في القضايا وهذه الهيئة موجودة ضمن السلطة القضائية المصرية منذ 1882 وتقوم بالدفاع عن الدولة في كل المحاكم وهو أمر ضروري لحماية المال العام ومصالح الدولة!!، والنصوص الأخري المفترض عليها من أعضاء الجمعية المنسحبين عديدة في المسودة ومشكوك في سلامتها وصحتها موضوعيا وتتمتع بسوء الصياغة ولا يتسع هذا المقال لذكرها!! وقد لحق ما سلف بيانه كارثة كبري حيث أصدر الرئيس مرسي إعلانا دستوريا استبداديا منذ أيام مع عدد من القرارات الخطيرة الفاشية الباطلة ومعدومة الأثر لانها تتناقض مع الدستور المؤقت، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية لاستقلال القضاء الصادرة بمونتريال وقد تضمنت ديباجة الإعلان الدستوري الاستبدادي ذكر الإعلانات الدستورية النافذة، وخاصة الدستور المؤقت الصادر في 30/3/2012. - وإن د. مرسي بصفته رئيس الجمهورية مسئولاً عن أهداف ثورة 25 يناير سنة 2011 وعن تنفيذها ومنع أي اعتداء عليها بالإضافة إلي مسئولين في المحافظة علي كيان الدولة وتمكين الجمعية التأسيسية، ومجلس الشوري من أداء مهامها في وضع الدستور الجديد!!! وقد نص هذا الإعلان الباطل علي تحصين مجلس الشوري والجمعية التأسيسية المذكورة من أية أحكام قضائية تصدر ببطلانهما، كما قرر إلغاء القضايا المرفوعة بهذا الشأن، أمام المحكمة الدستورية العليا، ومحكمة القضاء الإداري!! كما نص هذا الإعلان الاستبدادي علي تحصين كل القرارات الصادرة والتي تصدر انفراديا من الرئيس مرسي من أي طعن أو وقف أو إلغاء أمام القضاء، أو أية جهة أخري وهذا كله قد حول د. مرسي إلي «فرعون إخواني» ليس مسئولا أمام أية جهة عن ممارسة سلطاته المطلقة!!!، كما نص علي مد مدة الجمعية التأسيسية المطعون في صحتها في «45» دعوي أمام القضاء!!!، وذلك لمدة شهرين، كما نص علي إعادة التحقيق والمحاكمة لكل المتهمين في قضايا قتل وإصابة المتظاهرين مع إنشاء نيابة ومحاكم خاصة تسمي نيابة ومحاكم الثورة، وقرر تحديد مدة النائب العام بأربع سنوات علي أن يسري ذلك علي النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وقد أصاب هذا الإعلان الدكتاتوري الباطل الشعب المصري بالغضب والذهول بل إنه أصاب الدول الديمقراطية في العالم بالصدمة وللحديث بقية!! رئيس مجلس الدولة الأسبق