[هيئة مكافحة الفساد أداة الأغلبية البرلمانية لتأديب الخصوم] د. علي السلمي كتب - إبراهيم شعبان: منذ 1 ساعة 32 دقيقة أثار مشروع القانون الذي قدمه النائب السلفي ياسر القاضي في مجلس الشعب، بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد ذات شخصية اعتبارية وتابعة فقط للبرلمان، مخاوف الكثيرين من العاملين في الهيئات الرقابية والاقتصادية. خاصة أن الهيئة المقترحة تتمتع بالاستقلال التام عن كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها، وتختص بمكافحة كافة صور الفساد المالي والإداري ويكون لأعضائها حق الضبطية القضائية لممارسة مهام عملهم، ولهم كل الصلاحيات في القيام بأعمال الاستدلال والتحري على كافة صور الفساد، وجمع الأدلة والمعلومات والقيام بإجراء التحقيق وإصدار الأوامر المتعلقة بها. وأثار مشروع القانون مخاوف داخل الجهات والمؤسسات الرقابية وفي مقدمتها الجهاز المركزي للمحاسبات، معتقدين أن إنشاء الهيئة قد يكون مقدمة لإلغاء عمل الجهاز الذي يختص بنفس مهامها، بالإضافة إلى التخوف السياسي الواسع من أن تكون هيئة مكافحة الفساد الذي سيشرف عليها مجلس، الشعب بمثابة «محكمة تفتيش»، ضد المخالفين وفلول النظام السابق. ويؤكد د. وليد الجوهري رئيس نادي المحاسبات المصري بالجهاز المركزي للمحاسبات، أن هناك قلقاً شديداً داخل جهاز المحاسبات من اعتماد هذا القانون وإنشاء الهيئة، إذ يراه الكثيرون نوعا من التخبط من جانب البرلمان، لكن الحقيقة وبعدما تم الاتصال برئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني، وأبدينا مخاوفنا من إنشاء هذه الهيئة وخصوصا أنها ستقوم بنفس مهام واختصاصات الجهاز، أوضح الكتاتني أنها لن تكون بديلا عن الجهاز وإنما هيئة للتنسيق بين الأجهزة الرقابية كلها. وأكد الجوهري أن الكتاتني تعهد بعدم اعتماد شيء إلا بمشاورة أعضاء الجهاز، فيما يري د. عبد الجليل مصطفي، رئيس الجمعية الوطنية للتغيير، أن مصر لديها تخمة قانونية وترسانة هائلة من التشريعات التي لا تنفذ، ونحن لسنا في حاجة إلى قوانين جديدة أو هيئات لمكافحة الفساد، لأن لدينا أجهزة رقابية أصيلة يصل عددها إلى نحو 36 جهازا تتنوع ما بين الجهاز المركزي للمحاسبات والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وهيئة الرقابة الإدارية والنيابة الإدارية والأموال العامة والكسب غير المشروع، وجميعها هيئات لمكافحة والفساد والنهب وتكتب تقاريرها الموثقة في هذا الشأن. وأضاف أنه طوال 30 سنة من حكم مبارك، كان يتم تجميد هذه التقارير ولا تقدم إلى المحكمة، وإنما تجهض بقرارات من السلطة التي كانت تلجأ إلى سياسة التعتيم عليه خوفا من الفضيحة، مشيرا إلى وجود هواجس سياسية عديدة من هذا القانون لكنه لا يحب أن يخوض فيها، ويؤكد أنه إذا كانت القضية قضية مكافحة، الفساد فمصر لديها عشرات الهيئات التي يمكنها القيام بهذه المهمة بشرط توافر الإرادة السياسية. ويؤكد الدكتور ابراهيم العناني، أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس, أن هناك العديد من الملاحظات تجاه القانون منها ان الأصل في موضوع مكافحة الفساد من اختصاص الجهات الرقابية القائمة، فلماذا الإصرار علي إنشاء هيئة جديدة، خاصة أن تعدد الجهات المعنية سيؤدي في النهاية إلى ضياع الحقوق كما هو معروف قانونا، ما بين هذه الهيئة وهذا الجهاز؟، كما انه إذا تمت الموافقة علي إنشائها فينبغي نزع أي اختصاصات متداخلة مع الجهاز المركزي للمحاسبات والتنظيم والإدارة وغيرها وتركيزها في جهاز واحد. من ناحية أخرى وحتى لا تتحول هذه الهيئة إلى محكمة تفتيش برلمانية إسلامية علي الغير وحتى لا تعود الذكريات الأليمة في التصنت والمراقبة والتحري لشخصيات بعينها سواء كانت تنتمي إلى النظام السابق أو اي تيار سياسي آخر فينبغي ان تتبع الهيئة المقترحة السلطة القضائية وتبعد تماما عن سلطة الحكومة أو سلطة البرلمان ويكون عملها محاطاً بضوابط في الموضوعية والحياد. في الوقت نفسه اعتبر عضو مجلس الشعب أمين إسكندر أن الهيئة المنتظرة في حال الموافقة علي إنشائها، ستؤدي إلى ازدواجية في السلطة القضائية والتدخل في شئون القضاء، كما أن الفساد لا يكافح بهذه الطريقة والهيئة بها شبهة مجاملة للنظام الجديد. ويكشف الدكتور أحمد صقر عاشور الخبير في الأممالمتحدة لمكافحة الفساد وممثل منظمة الشفافية في مصر الحقيقة كاملة، موضحا انه صاحب فكرة إنشاء هيئة وطنية للنزاهة و مكافحة الفساد، وقد تقدم بهذا المشروع إلى الدكتور علي السلمي وقتما كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء. ويؤكد صقر أن وجود هيئة جديدة للفساد لا يلغي دور هيئات أخري وإنما يتكامل معها وبخاصة ان هذه الهيئة ستكون مهمتها رصد حالات الفساد أو استخدام السلطات منافع ومزايا وتربحاً بغير وجه حق، مشيرا إلى ان كل الهيئات الموجودة هيئات رقابية وليس من بين مهماتها ان تقترح سياسات لمكافحة الفساد لكن ذلك سيكون متاحا في الهيئة الجديدة، وذلك لان الفساد له مفهوم أوسع مما تقوم به الأجهزة الرقابية التي ظلت 30 سنة علي حالها ولم تستطع ان تقدم شيئاً وظل الفساد كما هو بل وتزايد إلى درجة مرعبة. كما أوضح عاشور ان معارضة إنشاء هذه الهيئة من قبل بعض الأجهزة الأخري يعود إلى الرغبة في عدم ظهور هيئات منافسة لها في سلطاتها، لافتا إلى الهيئة الجديدة في حال ظهورها فلن يقتصر عملها علي جهاز الدولة فقط والمؤسسات الحكومية ولكن سيتخطى ذلك إلى مراقبة الفساد في القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وهي لن تكون بدعة كما يتصور البعض فهي موجودة في المغرب وفي الأردن كما ان تونس تنشئ هيئة مماثلة. ونفى ان تتحول الهيئة إلى محكمة تفتيش كما يظن البعض، لأن الفساد الموجود في مصر حاليا يحتاج إلى وقفة جادة، مضيفا انه يتوقع رصد عشرات الآلاف من حالات الفساد بمجرد إنشائها ومطالبا بأن يكون هذا المشروع بعيدا عن التأثيرات الحزبية والسياسية، لذلك فإن المقترح الذي قدمه للدكتور علي السلمي، والمشروع الكامل لقانون الفساد الذي أعطي نسخة كاملة منه إلى المستشار الخضيري في مجلس الشعب يشدد علي أن تكون الهيئة مستقلة ولا تتبع البرلمان أو الحكومة لأنها ستراقبهما ومن الممكن أن ترصد ثروات أعضاء مجلس الشعب قبل دخولهم البرلمان وبعد خروجهم منه.