تعرض الجهاز المركزي للمحاسبات لعاصفة اتهامات وانتقادات ركزت علي قصور في دوره في مكافحة الفساد خلال النظام السابق... وسرية تقاريره وعدم نشرها للرأي العام فيما رد مستشار الجهاز خلال ندوة أمس بجامعة القاهرة علي تلك الاتهامات بأن منظومة الدولة كانت فاسدة والجهاز قام بدوره. وأكد د. أشرف عبدالوهاب مساعد وزير التنمية الإدارية والمفوض باختصاصاته أن محاربة الفساد تتطلب تحولا ثفافيا مجتمعيا شاملا من خلال قيم الشفافية وحكومة منتخبة يمكن محاسبتها ومراقبتها ومشاركة المواطنين وإنفاذ القوانين, كما طالب الوزير بضغوط مجتمعية متواصلة عبر إرادة مجتمعية وليست سياسية وعبر مؤسسية التغيير ومؤشرات سهلة القياس مثل التوافق مع المعايير الدولية, كما طالب الوزير بإصدار قوانين حرية المعلومات وحماية المبلغين والشهود في فضائح الفساد والشراكة الحكومية ودورات عمل جديدة للمشتريات والعقود والتعيينات الحكومية, كما طالب بإنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد أو هيئات مستقلة متعاونة واستخدام وسائل الاتصال الاجتماعي والمسوح الميدانية. من جانبه أكد المستشار عاصم عبدالجبار نائب رئيس محكمة النقض خلال ندوة حول آليات مكافحة الفساد بمركز الدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة أمس أن أهم مشكلات مكافحة الفساد هي تبعية الأجهزة الرقابية للسلطة التنفيذية وتداخل اختصاصات الهيئات المختلفة كما أن أجهزة وهيئات مكافحة الفساد مجهولة للمواطنين وطالب المستشار بأن تخضع لجنة التنسيق بشأن الفساد للمجلس الأعلي للقضاء وحظر ندب القضاة للجهات غير القضائية كما طالب بصدور قانون تداول وإتاحة المعلومات, كما أيدت المستشارة نفرتيتي طومسون نائب رئيس هيئة الرقابة الإدارية بأنه لا ضرورة لإنشاء هيئة جديدة لمكافحة الفساد مشيرة إلي شبكة معقدة من القوانين وطالبت بوضع خطة جديدة تقوم علي دراسة ميدانية للأجهزة الرقابية ومشروع قومي لمكافحة الفساد ودراسة إمكانات واحيتاجات كل جهاز وإصلاح الأجهزة المعاونة للجهات القضائية مثل الرقابة الإدارية والطب الشرعي وضرورة مشاركة المجتمع المدني في الخطة. وقال د. عبدالله خطاب أستاذ المالية العامة المساعد في كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة إن أهم عيوب المركزي للمحاسبات هي السرية الشديدة في جميع تقاريره عن فساد الحكومة والجهاز التنفيذي رغم أن الجهاز موكل من الشعب للرقابة علي ماله العام فإن تلك التقارير لا تتاح للشعب ولا ينشر منها إلا ما يسرب للصحفيين أو يسربه أعضاء مجلس الشعب موضحا أن تقارير الجهاز تخالف كل المعايير الدولية للشفافية والنزاهة وقال د, خطاب إنه لا أحد ينكر أهمية بعض الملفات وسريتها ولكن مخالفات الوزراء ورجال الدولة لماذا تصبح سرية وهل هم فوق القانون؟ وقال إنه رغم أن جهاز المحاسبات أقل أجهزة الدولة في الفساد الداخلي لكن يظل الفساد موجودا ومستمرا موضحا أن نظم التعيين بالجهاز لا تجري علي أساس سليم من حيث إجراء امتحانات توظيف سرية تنافسية أو أي عملية رسمية تكفل اختيار العاملين به علي أساس الجدارة وحدها دون محاباة بالشكل المعمول به في كل دول العالم. وأضاف د. خطاب أن تقارير الجهاز من الناحية العلمية ضعيفة وتفتقر إلي غياب الرؤية والهدف فالجهاز مكلف لعمل شيئين أولهما كشف المخالفات المالية والثاني هو التأكد من أن المال العام قد حقق الهدف منه بصورته التي نص عليها قانون الموازنة وغيره من القوانين المنظمة. وأضاف أن أحكام الجهاز تفتقر للدقة المهنية لأنه ليس من وظيفة الجهاز تقسيم الوضع الاقتصادي كما أن الجهاز غير مؤهل للقيام بذلك. وأكد د. خطاب أن المعايير المحاسبية التي يستخدمها الجهاز حتي إن طرأ عليها تعديل وتحسين لا تواكب المعايير الدولية للمراجعة كما أن التقارير الصادرة عن الجهاز لا تواكب المبادئ العامة لإعداد التقارير الصادرة عن المنظمة الدولية للمؤسسات العليا للرقابة المالية المعروفة اختصارا(INTOSAI). واقترح د. خطاب دعم استقلالية الجهاز وأن يكون مستقلا عن السلطات المختلفة وأن يكون تابعا للبرلمان بحيث تكون يد السلطة التشريعية للرقابة الخارجية علي المال العام مع الاحتفاظ باستقلاليته فيما يتعلق بعملياته المختلفة وأن تتوافر الشفافية والإفصاح لتقارير الجهاز ومعلوماته, كما طالب د. خطاب بإعادة هيكلة العمالة داخل الجهاز والتخلص من العناصر الفاسدة وإقرار نظام داخلي للرقابة والمتابعة يقوم علي الثواب والعقاب وتعديل نظام اختيار الموظفين من خلال تطبيق امتحانات التوظيف السرية التي تستند علي مبدأ التنافسية بما يضمن اختيار العاملين بالجهاز علي أساس الجدارة والكفاءة والقضاء علي الواسطة والمحسوبية. كما طالب د. خطاب بالالتزام بالمعايير الدولية المحاسبية في عملية الرقابة وإصدار التقارير المختلفة من خلال طرح استراتيجية واضحة لإصلاح الجهاز من خلال خطة تطوير للكوادر والاستعانة بالخبراء المتخصصين في نظم المحاسبة الحكومية المتطورة وكذلك مجالات التخطيط الاستراتيجي وتنمية الموارد البشرية. وردا علي الانتقادات الموجهة للجهاز المركزي أكد محمد ونيس مستشار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات محاور أساسية لمكافحة الفساد منها برلمان ديمقراطي حر وفعال في مراقبة أعمال الحكومة كما طالب بقضاء مستقل وأجهزة رقابة وهيئات مكافحة الفساد مستقلة وتطبيق صارم للقانون والشفافية الكاملة في عرض القوانين وإعلام قوي ومجتمع مدني حيوي ودافع عن استقلالية الجهاز له تابع لرئيس الجمهورية كرئيس للدولة وليس رئيسا للسلطة التنفيذية موضحا أنه لا يعارض تبعية الجهاز لمجلس الشعب وأن مسألة سرية التقارير تتطلب تعديلا تشريعيا وأن الجهاز لا يعترض علي نشر تلك التقارير وحول اتهامات موجهة للجهاز في عدم القيام بدوره في مكافحة الفساد قال ونيس إن منظومة الدولة كانت فاسدة والجهاز قام بدوره. من جانبها قالت د. عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن مكافحة الفساد موضوع مهم للغاية في ضوء التحولات التي تشهدها مصر حاليا وحيث لم تكن هناك ضوابط ومعايير للهيئات الحكومية ومراقبتها موضحة أن مصر أول الدول التي وقعت علي اتفاقية مكافحة الفساد في عام2003 التي صدق عليها في عام2005 وفي عام2007 وأشارت إلي ما ذكره تقرير مؤشر الفساد حول أن قوانين مكافحة الفساد في مصر غير مفعلة وأن المشكلة في إعمال القانون وليس في وجود عيب في الأجهزة الرقابية موضحة أن القوانين ليس لها فعالية دون إعمال القوانين, وطالبت بنشر تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ولا يكفي إرسالها لمجلس الشعب وذلك لتحقيق الشفافية موضحة أن العلانية خطوة البداية في مكافحة الفساد كما أشارت إلي عدم إصدار قانون حرية وتداول المعلومات رغم مرور7 سنوات علي مناقشته. وقالت إن مكافحة الفساد ليست مسئولية الحكومة وحدها ولكن هناك مسئولية الأفراد والمجتمع المدني والإعلام.