عاجل - "تعالى شوف وصل كام".. مفاجأة بشأن سعر الريال السعودي أمام الجنيه اليوم في البنوك    اختفاء عضو مجلس نواب ليبي بعد اقتحام منزله في بنغازي    أنباء عن حادث على بعد 76 ميلا بحريا شمال غربي الحديدة باليمن    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    موعد انتهاء امتحانات الشهادة الإعدادية الترم الثاني محافظة الإسماعيلية 2024 وإعلان النتيجة    برلمانية عن حوادث شركات النقل الذكي: هناك خلل رقابي.. وسلامتنا خط أحمر    حكايات| «نعمت علوي».. مصرية أحبها «ريلكه» ورسمها «بيكمان»    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    رقص ماجد المصري وتامر حسني في زفاف ريم سامي | فيديو    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الترجي في نهائي أفريقيا    موعد مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    زيلينسكي: الهجوم على خاركيف يعد بمثابة الموجة الأولى من الهجوم الروسي واسع النطاق    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    ملف يلا كورة.. رحيل النني.. تذاكر إضافية لمباراة الترجي والأهلي.. وقائمة الزمالك    أحمد السقا يرقص مع ريم سامي في حفل زفافها (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    فيضانات تجتاح ولاية سارلاند الألمانية بعد هطول أمطار غزيرة    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آثر أن ينجو بنفسه وأسرته علي متن أول طائرة تاركاً‮ "‬صديقه‮" للمجهول
نشر في الوفد يوم 11 - 02 - 2011

في عام‮ 1928‮ ولد رجلين في اسرتين متواضعتين،‮ الأول أصبح رئيساً‮ للجمهورية،‮ والثاني أصبح أكبر رجل أعمال في بطانة هذا الرئيس‮.‬
جمع بينهما البيزنس وفرقتهما ثورة الغاضبين علي تحالف السلطة والثروة الذي مثله الرجلان طوال‮ 30‮ عاماً‮ في حكم مصر،‮ وما بين هذين التاريخين،‮ يبقي الكثير للتاريخ أن يكتبه‮.‬
لولا الاستجواب الذي تقدم به النائب الوفدي الكبير علوي حافظ في مجلس الشعب عام‮ 1990‮ لظل الرجل الثاني مجهولاً‮ في كواليس حكم مصر في عهد مبارك‮.. رغم أن ثروته بلغت في سنوات هذا الحكم مليارات الدولارات في حين تقدر ثروة الرئيس والصديق والرجل الأول بنحو‮ 70‮ مليار دولار فقط‮.‬
إنه حسين سالم الملقب ب‮ "‬الملك‮" والذي يعتبره المقربون من الرئيس مبارك الرجل الثاني في هذا البلد‮.‬
استطاع سالم أن يكسب صداقة مبارك منذ التحاق الأخير بالكلية الجوية حيث توطدت العلاقة بينهما،‮ واختار سالم طريق‮ "‬البيزنس‮" الذي جني من ورائه الملايين بسبب صداقته لمبارك‮ "‬الرئيس‮" فيما بعد‮.‬
تفاصيل الاستجواب الذي تقدم به‮ "‬حافظ‮" تم اخفاؤها من مضابط مجلس الشعب منذ أن كان الراحل رفعت المحجوب رئيساً‮ للبرلمان‮ "‬سيد قراره‮" حيث يحمل الاستجواب تفاصيل كثيرة وخطيرة في حياة الرجل الغامض حسين سالم،‮ لكن النائب السابق محمد شردي استطاع توثيق الاستجواب الخطير من خلال حوار طويل مع‮ "‬حافظ‮" كما حمل كتاب‮ "‬الفساد‮" لعلوي حافظ نفسه اسراراً‮ اخري خطيرة حول تجارة السلاح في مصر،‮ واسماء المتربحين من تلك التجارة وعلي رأسهم حسين سالم ورئيس وزراء مصري أسبق واثنان آخران‮.‬
يكشف الاستجواب عن قضية خطيرة كانت تنظرها محكمة فيرجينيا بالولايات المتحدة الامريكية وتحمل رقم‮ 147‮ لسنة‮ 1983‮ والمتهم فيها ملياردير مصري بالحصول علي عمولات من صفقة أسلحة لمصر بالاشتراك مع اثنين من عملاء المخابرات الامريكية‮ "‬سي آي إيه‮" بالاضافة الي رئيس الوزراء الأسبق،‮ ومعهم عدد من رجال حكم مبارك‮.. وحسب ما قدمه حافظ من مستندات ووثائق فإن المفاوض المصري في صفقات السلاح كان شريكاً‮ في شركة تدعي‮ "‬فور وينجز‮" حيث رفض رئيس الوزراء وقتها أن تأتي صفقة السلاح لمصر عن طريق منحة لا ترد،‮ وقدم حافظ صور الشيكات التي تسلمها الفاسدون،‮ ولولا تضخم ثروة حسين سالم لذهبت هذه القضية طي النسيان بعدما قامت وزارة‮ العدل بإخفاء هذه القضية لأنها تخص صديق رئيس الجمهورية‮.‬
بعدما تردد اسمه في صفقات السلاح بسنوات،‮ تردد اسمه في صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل،‮ واصبح المستفيد الأول من الاتفاق السري بين مصر وتل ابيب فيما عرف بفضيحة تصدير الغاز المصري إلي اسرائيل‮.‬
بدأ سالم في عام‮ 1967‮ في مجال السياحة في شرم الشيخ وسيطر علي خليج نعمة بالكامل وهو ما جعل الرئيس مبارك يذهب الي هناك كل عام لقضاء اجازته الصيفية،‮ في منتجع‮ "‬موفنبيك جولي فيل‮" الذي يملكه سالم،‮ بالاضافة الي فنادق بالأقصر وشركة مياه في جنوب سيناء،‮ فضلاً‮ عن استثمارات في الساحل الشمالي‮.‬
لم ينس‮ "‬سالم‮" صديقه الذي تربح من ورائه،‮ فقد قام ببناء قصر كبير ليصبح بديلاً‮ عن قصر المنتزه في الاسكندرية،‮ وقام بإهداء القصر إلي مبارك،‮ حتي يكون في مصاف ملوك ورؤساء دول الخليج الذين يملكون قصوراً‮ في ذلك المكان وشوارع تحمل اسماءهم،‮ لم يكتف سالم بذلك بل قام ببناء أكبر مسجد في شرم الشيخ وهو‮ "‬السلام‮" عندما علم بنية الرئيس بقضاء اجازة‮ "‬عيد الفطر‮" هناك بتكلفة‮ 2‮ مليون جنيه،‮ وبالطبع فإن سالم من اوائل الذين يملكون طائرات خاصة في مصر فلديه طائرتان له ولابنه الوحيد خالد‮.‬
اعتبره الكثيرون من المحيطين بالرئيس الرجل الثاني في الدولة واستطاع أن يملك نسبة‮ 65٪‮ من اسهم شركة‮ "‬EMG‮" وهي الشركة المسئولة عن تصدير الغاز للكيان الصهيوني بينما يملك رجل الأعمال الاسرائيلي‮ "‬يوشي ميمان‮" 25٪‮ منها ويتبقي نسبة‮ 10٪‮ مملوكة للحكومة المصرية،‮ ونصت البنود السرية في اتفاقية تصدير الغاز علي أن تقوم شركة‮ "‬شرق المتوسط‮" بتصدير‮ 120‮ مليار متر مكعب من الغاز لاسرائيل مقابل‮ 28‮ مليار دولار‮!‬
وتعد شركة‮ "‬EMG‮" المسجلة في المنطقة الحرة الوحيدة التي تملك حق تصدير الغاز من مصر لتل ابيب بعد أن تأسست الشركة عام‮ 2000،‮ ليركز نشاطها الرئيسي علي انشاء وتملك وادارة شبكة خطوط الأنابيب الناقلة للغاز لدول حوض البحر المتوسط‮.‬
حاول سالم في حوار نادر أن يغسل يده من العار الذي لحق به جراء صفقة تصدير الغاز عندما قال‮: إنه تم تكليفه بإنشاء الشركة تحت اشراف الاجهزة الأمنية وفي اطار موافقة مجلس الوزراء،‮ لكن لم يفصح أحد من الذي كلفه تحديداً‮ بإنشاء تلك الشركة‮.‬
لم يأت لقب الرجل الثاني من فراغ،‮ فقد لعب دوراً‮ مهماً‮ وكبيراً‮ في عام‮ 2006‮ بعد اندلاع الحرب بين اسرائيل وحزب الله وأن مبارك جعله خزانة لأدق الاسرار في تلك الفترة،‮ حيث كلفه بنقل اقتراح مبارك الي الاسرائيليين بوقف اطلاق النار علي جنوب لبنان في مقابل اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين لدي حزب الله،‮ يأتي ذلك في الوقت الذي كان يمتلك فيه سالم مصفاة لتكرير النفط بمدينة‮ "‬حيفا‮" خاف سالم من تدميرها بعد اطلاق حزب الله صواريخ علي المدينة الساحلية،‮ حتي وصل الأمر الي وصف سالم بأنه المسئول الأول عن ملف التطبيع‮.‬
ومن نافلة القول ان سالم كان أبرز الحضور للحفلات التي كان يقميها سفير اسرائيل في مصر بمقر اقامته بحي المعادي،‮ ورغم ان بعض اعضاء مجلس الشعب وجهوا الاتهام لسالم بأنه قام بتبديد جزء من ثروة مصر القومية بسبب بنود اتفاقية تصدير الغاز التي يحافظ علي هذا التدفق مدة‮ 15‮ عاماً‮ الا أن ذلك لم يجد نفعاً‮ ما دفع طلعت السادات النائب السابق بالتحفظ علي ممتلكات سالم وادراج اسمه علي قوائم الممنوعين من السفر،‮ حيث وصف السادات سالم بأنه‮ "‬جوكر النظام‮".‬
فضائح كثيرة لنظام مبارك تجد فيها اسم حسين سالم فارضاً‮ نفسه علي مجرياتها فقد تفجرت فضيحة كبري بعد بيع الشريك الاسرائيلي لحصته في شركة‮ "‬ميدور‮" للبترول والتي يمتلك فيها الرجل الغامض اسهماً‮ بلغت‮ 2٪‮ وتمتلك الهيئة المصرية للبترول‮ 60٪‮ و18٪‮ للبنك الأهلي بينما تمتلك شركة‮ "‬ميرهاف‮" الاسرائيلية نسبة‮ 20٪‮ من رأس المال،‮ وشركة ميدور بسيدي كرير تمتلك مصفاة ضخمة وتعد من أحدث المصافي البترولية في العالم وتبلغ‮ طاقتها‮ 100‮ ألف برميل يومياً،‮ وتفجرت الفضيحة عندما اشتري البنك الأهلي‮ 38٪‮ من معمل تكرير‮ "‬ميدور‮" وهي حصة الشركة الاسرائيلية وأسهم حسين سالم ثم عاد سالم ليشتري حصته وحصة الشريك الاسرائيلي مرة اخري‮!‬
استطاع‮ "‬سالم‮" أن يلعب أدواراً‮ كثيرة لكن بعيداً‮ عن الضوء ففي الوقت الذي قام فيه وزير المالية بطرس‮ غالي بفرض الضريبة العقارية لتزيد المصريين أعباء،‮ لم يتراجع‮ غالي عن ركوب رأسه بفرض تلك الضريبة وحاول أكثر من مرة أن يقنع المصريين بتلك الضريبة الا انه فشل في ذلك ونجح في تمرير قانون الضريبة العقارية قبل ان يطرح الرئيس مبارك ليعلن من كفر الشيخ بأن أمر الضريبة العقارية لم يحسم بعد،‮ وتصور المصريون لوهلة ان الرئيس ينحاز للفقراء لكن المعلومات التي تكشفت بعد ذلك اكدت ان حسين سالم صاحب المليارات والقري السياحية والمنتجعات،‮ هو من تحدث مع الرئيس مبارك بأن تلك الضريبة سوف تؤلب رجال الاعمال والمستثمرين علي الحكومة،‮ وتؤثر علي شعبية النظام،‮ ونقل سالم للرئيس الغضب الذي أحيط بالأغنياء وأصحاب المنتجعات والقصور من هذه الضريبة،‮ ونصح سالم الرئيس بإعادة النظر مرة اخري في قانون الضريبة العقارية قبل تطبيقها بشكل فعلي‮.‬
أخيراً‮.. وفي يوم الأربعاء‮ 26‮ يناير وفي صبيحة ثورة الغضب المصري قام حسين سالم بمغادرة مصر علي متن طائرته الخاصة متجهاً‮ لاسرائيل ومنها جنيف ليستقر هناك هرباً‮ من نار الغضب وسياط الملاحقة القانونية‮.. ورغم المحاولات التي بذلها سالم لنفي هروبه خارج البلاد،‮ إلا أنها باءت بالفشل ونشرت الاهرام نبأ مغادرته مصر مع اسرته دون ان يسعي سالم لمعرفة ما حدث للرئيس‮ "‬صديقه‮" فضلاً‮ عما حدث لمصر وشعبها‮.‬
وعوداً‮ الي استجواب علوي حافظ الذي فجر قضية صفقات الاسلحة فقد كان استجوابه صادماً‮ ما دفع رئيس مجلس الشعب آنذاك رفعت المحجوب ان يطلب من مقدم الاستجواب ألا يتناول الأسماء التي وردت في المستندات،‮ بل وأصدر أوامره بعدم كتابة الأسماء في مضبطة الجلسة التاسعة والثلاثين بتاريخ‮ 5‮ مارس عام‮ 1990.‬
وقال الراحل علوي حافظ في استجواب‮: تجمعت لدي وثائق عن فضائح ارتكبها بعض الكبار،‮ كلهم لصوص،‮ كلهم نهبوا مصر،‮ ان أمامنا تجربة ايران مع الشاه،‮ وتجربة الفلبين مع ماركوس وزوجته ايميلدا،‮ وكلهم سرقوا اموال الشعب،‮ واودعوها البنوك الخارجية وتصوروا انهم يستطيعون الاحتماء بقوانين البنوك في فرض السرية علي الودائع،‮ ولكنها ظهرت الآن وهناك بيوت خبرة اجنبية متخصصة في اقامة الدعاوي القضائية والبحث لاستعادة الأموال المنهوبة مقابل نسبة من هذه الاموال،‮ فلماذا لا تلجأ الحكومة المصرية الي ذلك‮.‬
وأخذ علوي حافظ في سرد الوقائع من خلال الوثائق التي حصل عليها‮ "‬لدي محاضر رسمية موثقة وأفلام فيديو ممكن نشوفها وخطابات رسمية بتوقيعات مسئولين وأجانب،‮ ومضابط رسمية لمجلس الشيوخ الامريكي وتقارير رسمية للجان الكونجرس الامريكي ووزارة العدل الامريكية،‮ وأيضا معي كشف بأسماء وشخصيات مصرية وعالمية ابدت استعدادها للشهادة أمام لجنة استماع او تحقيق برلمانية يحددها مجلسكم الموقر‮".‬
ومضي يقول‮: "‬لقد قادتني الصدفة الي رجل أعطاني وثائق ومستندات خطيرة منها القضية رقم‮ 147‮ لسنة‮ 83‮ والتي تؤكد أن هناك مصرياً‮ يحاكم أمام محكمة جنايات في أمريكا واتضح أنه‮ - حسين سالم‮ - الذي يحن الي مصر بين حين وآخر بطائرة خاصة في زيارات متقطعة وتم منحه آلاف الأفدنة في سيناء واقيمت عليها قرية سياحية وأقام هذا الشخص لأول مرة ابراجاً‮ في سيناء رغم ان التخطيط العمراني‮ السياحي يمنع ذلك‮.‬
وجاء في الاستجواب ان‮ "‬سالم‮" نفسه اعترف بأنه قدم فواتير شحن مزيفة ومزورة لوزارة الدفاع الامريكية ودفع‮ 3‮ ملايين و20‮ ألف دولار وهي قيمة الزيادة‮ التي تقاضاها هذا‮ "‬اللص‮" عن قيمة‮ 8‮ شحنات من أصل‮ 34‮ شحنة وباعتباره رئيسا لشركة وهمية تسمي‮ "‬اتسكو‮" يشارك فيها بعض كبار المسئولين في مصر وعناصر ملوثة ومشبوهة من عملاء المخابرات الامريكية،‮ لقد كان اعتراف هذا اللص يا نواب الشعب المطحون هو بداية رفع الأقنعة عن فضيحة كبري في عالم القروض العسكرية لمصر،‮ وكانت المفاجأة عندما قدم ممثل النيابة للمحكمة الامريكية مظروفاً‮ اصفر مغلقاً‮ بالشمع الأحمر وطلب من هيئة المحكمة أن تفتحه سراً،‮ لأنه يضم أسماء متهمين مصريين،‮ ولكن نظراً‮ لحساسية أسمائهم ومواقعهم في حكم بلادهم رأت النيابة عدم اذاعة اسمائهم‮".‬
‮"‬سالم محمي من مسئولين كبار في الدولة‮" هذا ما أكده الاستجواب الذي راح يوضح أنه رغم تورط‮ "‬سالم‮" في جرائم نصب ونهب وتزوير وخيانة امانة من اموال القروض التي تحصل عليها مصر وتمثل عبئاً‮ علي الاقتصاد الوطني وفضائح تسيء الي سمعة مصر فهذه شركات وهمية اسستها عصابة مصرية امريكية بأسماء مختلفة بدأت احداها باسم‮ "‬ترسام‮" وسجلت في جنيف عام‮ 1979‮ ثم‮ غيرت اسمها‮" "‬أتيكو‮" وتم تسجيلها هذه المرة في ولاية فيرجينيا الاميركية عام‮ 1981‮ ثم سجلت اخيراً‮ باسم‮ "‬الفور وينجز‮" وكان ذلك في سان دياجو بألبهاما ولاتزال الشركة تعمل وتبتز اموال مصر لحساب الاربعة الذين وردت اسماؤهم في المظروف السري الذي قدمته النيابة الامريكية لمحكمة فيرجينيا‮..‬
واشار الاستجواب الي أن هذه الفضيحة رفعت القناع عن كارثة التلاعب بالقروض العسكرية بواسطة عصابة الاربعة،‮ وكان يجب أن تتحرك الحكومة للتحقيق معهم فالمتهم حسين سالم وشركاؤه نهبوا من مصر بالتحايل والتزوير‮ 73‮ مليون دولار حتي المحاكمة ودفع منها‮ "‬اللص‮" لخزينة المحكمة‮ 3‮ ملايين دولار،‮ لينجو من السجن اما الباقي فقد تم توزيعه علي الشركاء المصريين والأجانب وهذه القضية ارسلت بكامل مستنداتها الي وزارة العدل المصرية لكنها اختفت يوم وصولها‮.‬
وذكر‮ "‬حافظ‮" في استجواب ان دين مصر العسكري للولايات المتحدة تجاوز وقتها‮ 4.‬5‮ مليار دولار بفائدة‮ 14٪‮ وأن الشعب المسكين يتحمل فوائد الدين التي بلغت‮ 600‮ مليون دولار سنوياً،‮ وهذا الدين بدأ مع معاهدة السلام عام‮ 1979،‮ وبعدها بدأت عصابة‮ "‬الأجنحة الأربعة‮" فوراً‮ العمل برئاسة سالم الذي منحته الحكومة اخيراً‮ أغلب وأجمل أرض في سيناء في شرم الشيخ ليقيم عليها فندقاً‮ عالمياً‮.‬
وتؤكد الوثائق ان مصر كان من الممكن ان تحصل علي هذه القروض في شكل منح لا ترد،‮ لكن المفاوض‮ - وهو رئيس وزراء أسبق‮ - وجد أن المنح لن تمنحه فرصة التلاعب،‮ فالعمولة التي فرضتها شركاته المشبوهة هي‮ 10.‬25٪‮ من قيمة المنقول،‮ اي ان الدبابة التي ثمنها‮ 2‮ مليون دولار تنقل ب‮ 2‮ مليون و250‮ الف دولار،‮ وبهذا وصل السلاح مصر بسبعة أمثال ثمنه الحقيقي‮.. وتكشف وثائق القضية ان اللصوص والشركاء الامركيين الأربعة هم‮ "‬توماس ليكنز‮" و"ادرين ولسن‮" و"ريتشارد سكوارد‮" و"فون مارلد‮" والأول والثاني من أقذر رجال المخابرات الامريكية إذ قبض عليهما لاحقا في قضية مخلة بالشرف،‮ وصدر علي أحدهما‮ "‬ولسن‮" احكام بالحبس بلغت‮ 37‮ عاماً‮.‬
واتهم الاستجواب‮ "‬الذي تبخر‮" عصابة الأربعة بأنهم كانوا وراء مصرع المشير أحمد بدوي بعد أن لقي حتفه ومعه‮ 14‮ ضابطاً‮ في ظروف‮ غامضة بينما طالب الحكومة بإعادة التحقيق في الواقعة دون أي نتائج‮.‬
فضائح حسين سالم لا تقف عند حد،‮ حيث قامت شركته‮ "‬فور وينجز‮" بشراء‮ 10‮ طائرات عسكرية من طراز‮ "‬بافلو‮" لنقل الجنود من شركة كندية تدعي‮ "‬دي هافلن‮" مقابل عمولات،‮ وانكشفت الواقعة وحققت فيها الحكومة الكندية ثم قررت اغلاق الشركة الكندية،‮ بينما اكتفي مبارك كعادته في حماية شريكه الدائم ازاء القضية بالصمت‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.