"بلاد العرب أوطاني وكل العُرب إخواني".. كلمات للشاعر فخري البارودي، الذي توفي في 1966، ولا يزال يتغنى بها المواطنون في شتى بلدان الوطن العربي، ويراودهم حلم الوحدة والقومية العربية، تلك الوحدة التي كانت قائمة يومًا ما. ويحل اليوم 22 فبراير الذكرى ال59 على إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، بتوقيع ميثاق من جانب الرئيسين المصري جمال عبدالناصر والسورى شكرى القوتلى، لتأسيس الجمهورية العربية المتحدة في 1958. وقال عبدالناصر في خطاب الوحدة: "أشعر الآن وأنا بينكم بأسعد لحظة من حياتى، كنت دائماً أنظر إلى دمشق وإليكم وإلى سوريا، وأترقب اليوم الذي أقابلكم فيه، والنهارده.. النهارده أزور سوريا قلب العروبة النابض، اللي حملت دائماً راية القومية العربية.. حقق الله هذا الأمل وهذا الترقب وأنا ألتقى معكم في هذا اليوم الخالد، بعد أن تحققت الجمهورية العربية المتحدة". ووقتها تم اختيار عبد الناصر رئيسًا للجمهورية الجديدة، على أن تكون القاهرة عاصمة لها، وفي عام 1960 تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة، وألغيت الحدود بينهم والوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة كذلك. وكانت وحدة مصر وسوريا في خمسينيات القرن الماضي، هي المرة الأولى من نوعها في القرن العشرين، التي تسعى فيها دولتان عربيتان لإقامة حكومة مشتركة، وربما كان حصول بعض البلدان العربية على استقلالها السياسي دافعًا للوحدة العربية. ولم يُقدر لهذه الوحدة أن تعيش طويلًا، فانتهت بعد ثلاث سنوات فقط من قيامها، حيث تم الانقلاب عليها في 28 سبتمبر 1961، عندما أعلنت سوريا انتهاء الوحدة وقيام الجمهورية العربية السورية. وحدث الانفصال، بعد أن تمردت مجموعة من الضباط السوريين فى معسكر قطنة قرب دمشق. وعلى إثرها انتقل جمال عبد الناصر إلى دار الإذاعة المصرية، وألقى كلمة قال فيها:"ما هو موقفنا الآن؟ إننا نريد تجنب سفك الدماء، اليوم أشعر بالأسى، لأنى لا أتصور أن تسفك دماء العرب بيد العرب، لكننى فى الوقت نفسه أقولستبقى الجمهورية العربية المتحدة طليعة الكفاح العربى". واستعادت بعدها سوريا عضويتها في الجامعة العربية وفي الأممالمتحدة كدولة مستقلة، بينما أبقى عبد الناصر علي تسمية مصر بالجمهورية العربية المتحدة، وهو ما تغير في 1970، حيث تم استبداله بالاسم الحالى لها "جمهورية مصر العربية". وفي كتاب للأستاذ محمد حسنين هيكل، يعود لعام 1962 بعنوان "ماذا جرى في سوريا"، ذكر أن الانقلاب قاده العقيد السوري حيدر الكزبري، الذي حاصر منزل المشير عامر بالمدرعات وفتح نيران المدافع عليها، وكان معه أيضًا عبد الكريم النحلاوي، مدير مكتب القائد العام لشئون الجيش الأول. وتقول الدكتورة هدى عبد الناصر، نجلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأستاذة العلوم السياسية، في قراءتها للوحدة والانفصال بين مصر وسوريا، إن أمريكا حاولت جذب ناصر إلى صفها، فأفرجت عن أموال مصر المجمدة لديها، وقررت برنامجا للمعونة الأمريكية، وتعهدت بألا تتدخل فى الشئون الداخلية للجمهورية العربية المتحدة، وألا تبحث فى إقالته هو أو نظامه. وترى عبد الناصر، أن الانفصال السورى عن مصر جاء نتيجة لعوامل متعددة، منها أخطاء فى العمل السياسى وعداء بعض النظم العربية ومن الغرب والشرق للوحدة فى المنطقة، في ظل مخاوفهم أن تكون مقدمة لنشأة دولة عربية كبرى معادية للاستعمار والشيوعية.