«الجيل» يشيد بتحركات جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لتدعيم الإنتاج    «التموين»: وصول الطائرة الثانية من المساعدات إلى غزة    كونساه يسجل الهدف الثالث لليفربول في شباك أستون فيلا    مدرب توتنهام: جماهير الفريق لا ترغب في فوزنا على مانشستر سيتي    تطورات أحوال الطقس في مصر.. أجواء حارة على أغلب الأنحاء    أشرف زكي يكشف عن حقيقة تعرض عادل إمام لأزمة صحية: 'الزعيم زي الفل'    أحدهما محمد صلاح.. تطور عاجل في مفاوضات أندية السعودية مع ثنائي ليفربول    بعد موافقة الشيوخ.. ننشر أهداف قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي    دفاع ضحية عصام صاصا: سنطالب بالدية الشرعية لقبول الصلح    خلع البدلة الحمراء.. المؤبد لقاتل زوجته لتقديمها "قربانا للجن" في الفيوم    مواعيد قطارات عيد الأضحى الإضافية.. الرحلات تبدأ 10 يونيو    فرديناند يهاجم تين هاج بسبب كاسيميرو    أحمد موسى للمواطنين: نتزنق أحسن ولا البلد تخرب.. تخيلوا أسعار السلع بدون المشروعات!    برج الجوزاء.. تعثر من يوم 16 إلى 18 مايو وانفراجة في هذه الإيام    عاجل: اللقاء المرتقب.. موعد مناظرة عبد الله رشدي واسلام البحيري مع عمرو أديب على قناة MBC مصر    فطائر المقلاة الاقتصادية.. أصنعيها بمكونات سهلة وبسيطة بالمنزل    تعرف على شروط التقديم للوظائف في المدارس التكنولوجية    أطلق النار على جاره أمام منزله..والمحكمة تحيل أوراقه للمفتي (تفاصيل)    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    إيرادات الأحد.. "السرب" الأول و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بالمركز الثالث    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: لو بتسرح في الصلاة افعل هذا الأمر «فيديو»    بدء التشغيل التجريبي للتقاضى الإلكتروني بمحاكم مجلس الدولة .. قريبا    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    وزيرة الهجرة تفتتح ندوة "اللغة العربية مصدر الإلهام" بقصر محمد علي    الصين تدعو إلى دعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    مشاورات بين مصر والولايات المتحدة بشأن السودان    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    مياه الشرب بالجيزة تستطلع رأى المواطنين بمراكز خدمة العملاء    "نيويورك تايمز": حماس راقبت النشطاء المعارضين لها من خلال جهاز سري    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    الغموض يحيط بموقف رياض محرز من الانضمام للمنتخب الجزائري    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    شقق المصريين بالخارج .. خطوات حجز الوحدات السكنية بجنة ومدينتي والأوراق المطلوبة وسعر المتر    "الليجا" تكشف عن موعد مواجهات الجولة الأخيرة    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    تطوير مطارات وموانئ.. مشروعات عملاقة بمحافظة البحر الأحمر لجذب السياحة والاستثمارات (صور)    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    محافظ القليوبية يستقبل رئيس جامعة بنها (تفاصيل)    بينها 1000 لتر خل، إعدام 2.5 طن أغذية ومشروبات فاسدة بأسيوط    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    مستشار خامنئي: طهران مستعدة لإجراء محادثات مع واشنطن    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا: علمانية هشة!
نشر في التغيير يوم 23 - 07 - 2004


\r\n
الفرنسيون يعرفون كمال اتاتورك كمؤسس للجمهورية التركية. والدستور الكمالي لعام 1924 ينص على «ان الدولة التركية دولة جمهورية وطنية وشعبية ودولانية وعلمانية وثورية» (المادة 2). وهو يؤسس ايضا لحرية الضمير والدين (المادة 70 و75) اما الدستور الأخير الذي اعده العسكر عام 1982 فانه يستخدم كلمات ثلاث «دولة ديمقراطية وعلمانية واجتماعية» (المادة 2)، هذا الدستور الاخير يؤكد الحقوق والحريات (المادة 12، 14 الى 26). فمنذ عهد مصطفى كمال اتاتورك أنشئت مديرية للشؤون الدينية مرتبطة مباشرة برئيس الحكومة وتمارس مراقبة على الدين (وهي المراقبة التي امتدت اليوم الى التعليم الديني في المدارس) ويشرف على هذه المديرية رجل دين من الطائفة السنية.
\r\n
والحال ان هذا هو اول موضوع للتساؤل، فبينما يشكل العلويون (تيار اسلامي منبثق عن الشيعة) ما يقرب من ربع السكان الاتراك ورغم وجود اقليات يهودية ومسيحية مما يجعل هذا المجتمع مجتمعا متعدد الاديان فان العلمانية التركية تمنح الاحتكار الديني للطائفة السنية ذات الاغلبية والمرتبطة بحكم حجمها بالدولة. فالأئمة السنة يتقاضون رواتبهم من قبل الدولة، بينما تعاني بقية التيارات المسلمة من فوارق واضحة في الرواتب.
\r\n
فالعلمانية التي بنتها فرنسا بكثير من العناء والمشقة علمانية تقوم على المساواة ما بين كافة الاديان، في تعددية متفق عليها، والفصل ما بين الدين والدولة الذي أسست له الجمهورية التركية التي يحرسها الجيش بكثير من العناية يفترض في فرنسا الاستقلال الحقيقي للأديان المرهون بعدم التمويل العمومي للعبادات، والمركز الاساسي لأتاتورك الذي فرض العلمانية والجمهورية بيد من حديد، يجعل من وجهة النظر هذه قضية جديرة بالاهتمام حقا!
\r\n
في منتصف القرن العشرين كان رجال الدين يحظون بالاعتراف ببعض التعددية الدينية التي جعلتهم يظهرون شيئا فشيئا في الحقل الاجتماعي تم تدريجيا كما هو الشأن اليوم في الفضاء السياسي، وقد كان هذا الوضع مصدر العديد من القضايا التي أهملت كثيرا في اوروبا. وموازاة مع ذلك فمن المؤكد ان الجمهورية التركية قد تعرضت في مناسبات عديدة لهزات عنيفة لم تنقذها منها سوى الانقلابات العسكرية. فالحاصل اذن ان العلمانية التركية تبدو مدعومة على حساب الحريات. ولذلك فالمسألة الملحة على كل الحوارات الجارية في الوقت الحالي هي: هل الانتصار الذي حققه بشكل ديمقراطي الحزب الاسلامي «حزب العدالة والتنمية» يشكل على المدى المنظور او البعيد خطرا على العلمانية اولا ثم على الحريات أخيرا؟ أم اننا بصدد ظاهرة شبيهة من بعض الاوجه بالديمقراطية المسيحية في فرنسا وفي اوروبا بوجه عام؟
\r\n
ان مبدأ العلمانية ينطوي بالطبع على فكرة المجتمع المستقبل الذي لا يستند الى اي مبدأ ديني، فضلا عن افتراض تحرر الدين نفسه من كل تدخل للدولة في تنظيماته. فمبدأ العلمانية يقوم اذن على فكرة تقلص السلطة السياسية التي تفتح للحياة الروحية حرية كاملة. ونضيف الى ذلك ان العلمانية الصحيحة المفهومة حق الفهم تفترض تنازل كل طائفة دينية عن التدخل المباشر في الفضاء العام بصفتها حزبا سياسيا.
\r\n
لا شك ان التاريخ العلماني لتركيا تاريخ ثري حين ينظر اليه من حيث طول المدة ومن حيث تعدد الفضاءات الاجتماعية المعنية، فتاريخ القانون وتاريخ المؤسسات التعليمية والصراعات التي تحدث احيانا ما بين الدولة والمجتمع عوامل تحمل الكثير من الاهمية في فهم تركيا الحالية، لأن دستور العام 1982 يكرس الاسلام اساسا قويا لبناء الوحدة الوطنية. ولذلك صار التعليم الديني والاخلاقي اجباريا في الطور الاساسي والثانوي، وبذلك تتعمق الرؤية الدينية في المجتمع وفي الفضاء السياسي على السواء. ولذلك فمن الصعوبة القول في هذه الساعة الى اين تسير العلمانية في تركيا. كما اننا لا نستطيع ان نسبق الاحداث ونحسم في امر تعايش هذه العلمانية ونمو الديمقراطية في تركيا الذي ينطوي بالضرورة على مخاطر الانتصار الذي قد يحققه في النهاية أعداء الحرية وأعداء العلمانية.
\r\n
غير انه امام التحدي الاسلامي تظل تركيا هي المرآة التي ينعكس عليها مستقبل العلمانية الفرنسية ومستقبل العلمانية في أوروبا كافة.
\r\n
\r\n
* فيلسوف وكاتب فرنسي
\r\n
لوفيغارو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.