"يقولون ما لا يفعلون" هذا القول من هذه الآية الكريمة هي تجسيد لحال التيار المدني وفي مقدمته ما تسمى ب "جبهة الإنقاذ" حيث أنهم صدعوا الشعب المصري ليل نهار عن المباديء والقيم وعن وجوب رفض دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب لأنه مليء بالأخطاء والمصائب وفي النهاية وجد الشعب المصري نفسه أمام حفنة من المنافقين لأنهم وبكل بساطة قبلوا وبكل أريحية ما زعموا أنه موجود بدستور 2012 وأنه يجب تغييره. اليوم في الحلقة العاشرة من ملف "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" نبرز بعض الحجج الواهية التي أطلقها ما يسمى بالتيار المدني على دستور 2012 ونفندها ثم نتناول التعديلات التي أجراها هذا التيار على المواد الأصلية للدستور المستفتى عليه بعد أن أتى على ظهر دبابة وليس عبر إرادة الشعب المصري. زعم التيار المدني أن وضع الجيش في الدستور هو الأسوأ ومماثل لوثيقة علي السلمي، وذلك على الرغم من أن وضع الجيش في الدستور تحسن كثيرا عن وثيقة علي السلمي، واليوم وبعد انقلاب 3 يوليو حصلت المؤسسة العسكرية في التعديلات الجديدة على وضع يجعلها دولة موازية للدولة بل أصبحت دولة فوق الدولة. كما زعم أنصار هذا التيار أن الدستور حذف مادة تحظر تشكيل ميليشيات ليمكن جماعة الإخوان المسلمين من تكوين مليشيات، والصحيح أن الدستور عدل فقط مكان هذه المادة عن الموجود في دستور 71 وضم نصها لمجموعة المواد المتعلقة بالقوات المسلحة ويحظر صراحة في مادته رقم 194 : "على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية". وادعت "جبهة المنافقين" (الإنقاذ سابقا) أن دستور 2012 أقر محاكمة المدنيين عسكريا وهذا لأول مرة ، وقالوا لماذا تخلفت الإرادة السياسية عن الأمنيات؟ إن عدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري مطلب شعبي يجب احترامه !!، وذلك على الرغم من أن محاكمة المدنيين عسكريا موجودة في دستور 71 وكنا نتمنى أن يحظرها هذا الدستور تماما بدلا من أن يقصرها على "الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة"، إلا أن هذه الجبهة اليوم وبكل أريحية أقرت هذه المادة بعد أن وضعوا أيديهم في يد الانقلابيين كما قام ممثل ما تسمى بحركة "تمرد" وأعلنها صراحة في لجنة الخمسين "الترزية" أنه لا يجد غضاضة في الإبقاء على هذه المادة بزعم محاربة الإرهاب الذي لم يضع أحدا تعريفا له إلى الآن. من جهة أخرى، وبإجراء مقارنة بين التعديلات اللادستورية التي أجراها الانقلابيين على النصوص الأصلية لدستور 2012 المستفتى عليه من الشعب، نجد أن المادة "179" من دستور 2012 نصت على أن :"هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تتولى الادعاء العام المدني والنيابة القانونية عن الدولة في المنازعات والرقابة الفنية على إدارات الشئون القانونية في الجهاز الإداري للدولة، وتختص بإعداد العقود وتسوية المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها وذلك على النحو الذي ينظمه القانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية. قابل هذه المادة في دستور الانقلابيين المادة "167" والتي نصت على أن :"هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة، تنوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من منازعات ولها اقتراح تسويتها في أي مرحلة من مراحل التقاضي وفقا للقانون، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية. ومن الملاحظ أن الانقلابيين قد حذفوا من المادة الأصلية النص على أن "هيئة قضايا الدولة لها الحق في الرقابة الفنية على إدارات الشئون القانونية في الجهاز الإداري للدولة وتختص بإعداد العقود وتسوية المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها"، وهو الأمر الذي ليس له إلا تفسير وحيد إطلاق يد من يريد أن يعبث بمقدرات هذا الوطن دون مكاشفة أو محاسبة، وهو باب كان قد أغلقه دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب. وفي دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب نصت المادة "195" الخاصة بوزير الدفاع على أن :"وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها". وقابل هذه المادة في دستور الانقلابيين المادة "171" والتي نصت على أن :"وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة". وبالطبع هذه المادة المستحدثة التي وضعها الانقلابيين تظهر بما لا يدع مجالا للشك أن وزير الدفاع في دستورهم هو رجل فوق الدولة فكما أن رئيس الجمهورية الذي جاء بالانتخاب لن يستطيع تعيين وزير دفاعه إلا بعد الرجوع إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة فإنه أيضا لن يستطيع عزله إلا بالرجوع إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وهو ما يجعل المؤسسة العسكرية كيان موازي للدولة مساو لها وقد يكون فوق الدولة. تناقض القوى "المدنية" .. قبل وبعد الانقلاب - الحلقة الأولى تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية -الحلقة الثانية "تناقضات التيار المدني" .. التعديلات الدستورية - "الحلقة الثالثة" "تناقضات التيار المدني" ..التعديلات الدستورية - الحلقة الرابعة تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية - الحلقة الخامسة "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" .. الحلقة السادسة تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية .. الحلقة السابعة "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" .. الحلقة الثامنة "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" .. الحلقة التاسعة