نستكمل في الحلقة السابعة من هذا الملف "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية"، رصد تناقضات هذا التيار وعلى رأسهم جبهة الإنقاذ التي أقامت الدنيا ولم تقعدها لأسباب واهية تبين فيما بعد أنها تجارة بالمباديء والشعارات الرنانة الجوفاء ليطيحوا من خلالها بأول دستور مدني مستفتى عليه من الشعب بنسبة تقارب الثلثين. انتقد ما يسمى بالتيار المدني في دستور 2012 أنه لا يحفظ حقوق العمال وذلك بالرغم من أن هذا الدستور نص على حفظ حقوق العمال بشكل واسع وعلى سبيل المثال لا الحصر في المواد 14 و 15 و 17 و 27 و 52 و 63 و 66. وقالت ما تسمى ب "جبهة الإنقاذ" إن دستور 2012 يقوض الحريات وذلك بالرغم من أن هذا الدستور ينحاز للحريات بشكل كبير كما ورد في العديد من مواده ومنها على سبيل المثال المواد 8 و 34 و 38 و 39 و 42 و 43 و 45 و 46 و 47 و 48 و 49 و 50 و 51 و 52 و 59 و 73 و 81، ولا يقيد الدستور أية حريات إلا بما يتعارض مع حقوق الآخرين. وادعى "التيار المدني" إن دستور 2012 ضد حرية الاعتقاد والصحيح أن حرية الاعتقاد مصونة بشكل عام طبقا للمادة 43 والتي نصت على حرية ممارسة الشعائر الدينية وبناء دور العبادة مكفولة للمسلمين والمسيحيين واليهود. وزعم هذا التيار وفي مقدمته "جبهة الإنقاذ" إن الدستور المستفتى عليه من الشعب يقيد حرية الرأي والفكر والعكس هو الصحيح فطبقا للمادة 45 حرية الفكر والرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير. كما ادعوا أن دستور 2012 لا يشجع حرية الإبداع، وهذا الكلام منافي تماما للواقع بدليل المادة 46 والتي تنص على أن "حرية الإبداع بأشكاله المختلفة حق لكل مواطن وتنهض الدولة بالعلوم والفنون والآداب وترعى المبدعين والمخترعين وتحمي إبداعاتهم وابتكاراتهم وتعمل على تطبيقها لمصلحة المجتمع وتتخذ الدولة التدابير اللازمة للحفاظ على التراث الثقافي الوطني وتعمل على نشر الخدمات الثقافية. وزعم التيار المدني أن دستور 2012 يحد من حرية الصحافة والإعلام وذلك على العكس تماما حيث إن المادة 48 من هذا الدستور تنص على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المباديء الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة، ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة. وفي إطار المقارنات بين تعديلات الانقلابيين على الدستور المستفتى عليه من الشعب وما يقابلها من المواد الأصلية بهذا الدستور، نصت المادة "209" من دستور 2012 على أن "يتولى إدارة المفوضية الوطنية للانتخابات مجلس مكون من عشرة أعضاء ينتدبون بالتساوي من بين نواب رئيس محكمة النقض، ورؤساء محاكم الاستئناف ونواب رؤساء مجلس الدولة وقضايا الدولة والنيابة الإدارية يختارهم مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة لتلك الهيئات بحسب الأحوال من غير أعضائها ويكون ندبهم للعمل بالمفوضية على سبيل التفرغ لدورة واحدة مدتها ست سنوات وتكون رئاستها لأقدم أعضائها من محكمة النقض، ويتجدد انتخاب نصف عدد أعضاء المجلس كل ثلاث سنوات، وللمفوضية أن تستعين بمن تراه من الشخصيات العامة والمتخصصين وذوي الخبرة في مجال الانتخابات ويكون لها جهاز تنفيذي وكل ذلك على النحو الذي ينظمه القانون. قابل هذه المادة في دستور الانقلابيين المادة "178" والتي تنص على أن "يقوم على إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات مجلس مكون من عشرة أعضاء ينتدبون من بين نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ونواب رئيس مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية ولدورة واحدة مدتها ست سنوات بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة للجهات والهيئات القضائية المتقدمة بحسب الأحوال وتكون رئاسة المجلس لأقدم أعضائه من محكمة النقض على أن يتفرغ للعمل بالهيئة وللهيئة أن تستعين بمن ترى من الشخصيات العامة والمتخصصين وذوي الخبرة في مجال الانتخابات، ويكون للهيئة جهاز تنفيذي يحدد القانون تشكيله، ونظام العمل بالهيئة، وحقوق وضمانات أعضائها وواجباتهم بما يحقق لهم الحياد والاستقلال. في المادة "178" الانقلابية حذف واضعيها كلمة "بالتساوي" فيما يخص المجلس المكون من عشرة أعضاء ينتدبون من بين نواب رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ونواب رئيس مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية. كما نصت هذه المادة على أن تعيين يصدر بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى وليس كما نصت المادة "209" والتي نصت على أن يختارهم مباشرة مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة لتلك الهيئات بحسب الأحوال من غير أعضائها، وهو ما يفتح بابا للفساد كان قد أغلقه دستور 2012. الحلقات السابقة من الملف تناقض القوى "المدنية" .. قبل وبعد الانقلاب - الحلقة الأولى تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية -الحلقة الثانية "تناقضات التيار المدني" .. التعديلات الدستورية - "الحلقة الثالثة" "تناقضات التيار المدني" ..التعديلات الدستورية - الحلقة الرابعة تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية - الحلقة الخامسة "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" .. الحلقة السادسة