أخذ ما يسمى ب "التيار المدني" وفي مقدمته ما تسمى ب "جبهة الإنقاذ" على عاتقهم الدعوة إلى إسقاط دستور 2012 المستفتى عليه من قبل الشعب بنسبة الثلثين بحجج واهية تم الترويج لها على أنها من صميم مبادئهم، ثم ما أن عينهم العسكر في لجنة التعديلات الدستورية خالفوا كل ما كانوا ينادون به بالأمس وكأنها لم تكن مسألة مباديء وإنما حسابات سياسية على أساس المكسب والخسارة. في الحلقة الخامسة من ملف "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" نستعرض أهم ما أثارته جبهة الإنقاذ عند وضع دستور 2012 المستفتى عليه، ثم نجري مقارنات بين تعديلات الانقلابيين على بعض مواد دستور 2012 وبين النصوص الأصلية لهذه المواد. الجمعية التأسيسية كان التيار المدني قد ادعى أن الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012 افتقدت شخصيات وطنية كبيرة وسيطر عليها الإسلاميون، وذلك بالرغم من أن التأسيسية قسمت إلى نصفين شبه متساويين بين القوى الإسلامية والقوى المدنية (بناءا على طلب القوى المدنية) وكان بوسع المطالبين بهذه المطالبات أن يختاروا من يشاءون في النسبة المقررة لهم ولكنهم لم يفعلوا .. وتم استبعاد أحد المنتمين للقوى المدنية من اللجنة لأن لديه (زبيبة صلاة). اضهاد المسيحيين ثم قال أنصار التيار المدني في مقدمتهم جبهة الإنقاذ أن دستور 2012 يظلم المسيحيين وذلك بالرغم من أن هذا الدستور أعطى المسيحيين ولأول مرة في تاريخ مصر حرية بناء دور العبادة بدون قيد أو شرط وأعطى لهم الحق في الاحتكام لشريعتهم في الأحوال الشخصية واختيار قياداتهم الروحية. كما روج هذا التيار للقول بأن الدستور يسمح للرئيس بتغيير حدود البلاد أو التنازل عن أراضي الدولة لغير المصريين وذلك على الرغم من أنه لا توجد مثل هذه المادة في دستور 2012. وقالوا أيضا أن هذا الدستور يعطي للأزهر حق منازعة المحكمة الدستورية في الحكم على دستورية القوانين، وذلك بالرغم من أن كل ما ينص عليه الدستور في هذا الشأن هو أخذ رأي الأزهر في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. الأزهر الشريف وروج هذا التيار أيضا للقول بأن هذا الدستور يمنع انتخاب شيخ الأزهر وذلك على الرغم من أنه ينص على أن القانون يحدد "طريقة اختيار شيخ الأزهر من بين أعضاء هيئة كبار العلماء" ولم يزد على ذلك أي تركها مفتوحة للمشرع دون قيود. وفي إطار المقارنات بين تعديلات الانقلابيين على مواد دستور 2012 والنصوص الأصلية لهذه المواد، نجد أن دستور 2012 خصص المادة "203" للأجهزة الرقابية والهيئات المستقلة والتي نصت على أن "يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها في الدستور، ونظام عملها، ويمنح أعضاءها الضمانات اللازمة لأداء عملهم، ويبين القانون طريقة تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم وعزلهم، وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. موظفي الدولة قابل هذه المادة في دستور الانقلابيين المادة "183" والتي نصت على أن "يصدر بتشكيل كل هيئة مستقلة، أو جهاز رقابي قانون، يحدد اختصاصاتها ونظام عملها وضمانات أعضائها اللازمة لأداء عملهم وسائر أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال، ويعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس الشعب بأغلبية أعضائه لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس ويحظر عليهم ما يحظر على الوزراء. وبإجراء مقارنة بين المادتين نجد مادة الانقلابيين أغفلت (عن عمد) النص على أن يبين القانون طريقة تعيين أعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وترقيتهم ومساءلتهم وعزلهم، مما يفتح بابا للفساد كان قد أوصده دستور 2012. وفي المادة "220" من دستور 2012 المستفتى عليه والخاصة بشؤون العاصمة، نصت المادة على أن "مدينة القاهرة عاصمة الدولة، ويجوز نقل العاصمة إلى مكان آخر بقانون". قابل هذه المادة في دستور لجنة ال 10 "الترزية" المادة "185" والتي تنص على أن "مدينة القاهرة عاصمة جهورية مصر العربية". وبمقارنة المادتين نجد أن العقلية الأمنية طغت على صياغة المادة "185" حيث أغلقت أي باب للنقاش حول إمكانية نقل العاصمة إلى أي مكان آخر بقانون وذلك بالرغم من التكدس والانفجار والزحام الرهيب الذي يعانيه كل سكان القاهرة الكبرى يوميا. وفيما يخص علم الدولة نصت المادة "221" من دستور 2012 المستفتى عليه على أن "يحدد القانون علم الدولة، وشعارها وأوسمتها وشاراتها وخاتمها ونشيدها الوطني". وفي المقابل نصت المادة "186" من دستور الانقلابيين على أن "العلم الوطني لجمهورية مصر العربية مكون من ثلاثة ألوان هي الأسود والأبيض والأحمر وبه نسر مأخوذ عن نسر صلاح الدين باللون الأصفر الذهبي، ويحدد القانون شعارها وأوسمتها وشاراتها وخاتمها ونشيدها الوطني. حرية الإبداع وفي مادة الانقلابيين والتي تحمل رقم "186" نجد أنها أغلقت الباب أمام حرية الإبداع والتفكير في أن يتم تغيير علم مصر بما يتناسب مع حقبة وزمن جديد بعد ثورة يناير المجيدة، حيث أنه من المعروف أن علم مصر بشكله الحالي كان يعبر عن حقبة زمنية أعقبت الاستعمار البريطاني لمصر. الحلقات السابقة من الملف تناقض القوى "المدنية" .. قبل وبعد الانقلاب - الحلقة الأولى تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية -الحلقة الثانية "تناقضات التيار المدني" .. التعديلات الدستورية - "الحلقة الثالثة" "تناقضات التيار المدني" ..التعديلات الدستورية - الحلقة الرابعة