بدأ العد العكسي في المغرب لانتخابات تشريعية تجري يوم الجمعة المقبل، بعزوف عن التصويت يراه المراقبون ظاهرة اجتماعية أكثر من كونها موقفا سياسيا. وكانت الانتخابات التشريعية عام 2007 منيت بنسبة مشاركة ضعيفة لم تتجاوز 38%، لذلك فإن الترقب يتزايد لما ستسفر عنه النتائج بخصوص الخريطة السياسية المغربية المقبلة، ومن سيشكل الأغلبية الحكومية، ومن سيكون في دائرة المعارضة، وهل يحكم الإسلاميون لأول مرة مستفيدين من تنامي المد الإسلامي في العالم العربي، أم أن التحالف من أجل الديمقراطية ذو التوجه الليبرالي سيتسلم مفتاتيح تدبير شؤون البلاد؟. وبالطبع لم يغفل المراقبون سيناريو تشكيل حكومة وحدة وطنية، والذي بدأت تتداوله الطبقة السياسية، وكيف سيكون مجلس النواب "الغرفة الأولى" في البرلمان المقبل، والذي سيكون أول تطبيق حقيقي للدستور الجديد الذي صوت عليه المغاربة في يوليو/تموز المنصرم بنسبة مشاركة بلغت 70%. الشارع المغربي يتابع التحديات التي قد تواجهها الحكومة المقبلة داخليا، من الحراك السلمي في الشارع الداعي لمقاطعة التصويت، ومن غلاء المعيشة وتدني الأجور، بالإضافة إلى التحديات الخارجية المتمثلة في إخراج المملكة من سياق الحراك الإقليمي الداعي لإسقاط الأنظمة. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن عدد الناخبين المغاربة يبلغ 13.6 مليون، لانتخاب 395 عضوا بمجلس النواب، في انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، كان من المفترض أن تجري في سبتمبر/أيلول 2012، إلا أن السياق الخاص باعتماد دستور جديد للمملكة فرض بحسب النخبة الحزبية التوجه بتوافق صوب انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، والتي ستفرز لأول مرة حكومة يتواجد على رأسها رئيس حكومة عوضا عن الوزير الأول، كما كان سابقا. واعتمدت الرباط 4000 مراقب دولي، للوقوف عن قرب على تمرين مغربي في التغيير وفي الإصلاح السياسي من الداخل، في تجاوب مع شعارات الحراك السلمي في الشارع، والذي أطلقته حركة العشرين من فبراير التي نادت بإسقاط الفساد والاستبداد. وفي المشهد الحزبي المغربي 3 أحزاب سياسية تنتمي إلى اليسار أعلنت مقاطعتها للانتخابات، إلا أنها أحزاب تعتبرها الصحافة المغربية غير انتخابية، فيما يخوض أكثر من 30 حزبا الحملة الانتخابية التي تنتهي منتصف ليلة الخميس 24-11-2011. ومن أبرز الأحزاب 7 تنتمي لما تسمى بالعائلة الحزبية الانتخابية، وهي من تعود عليها المغاربة بالتموقع ما بين الأغلبية والمعارضة، إلا أن ألوان المشهد الحزبي خاضت حملة شابها البرود عموما واكتفت خلالها الأحزاب بالتجمعات داخل المركبات الرياضية والقاعات المغلقة، ولم تتمكن من استعادة الشارع الذي يدعم حاليا حركة العشرين من فبراير. ونشطت الأحزاب على الإنترنت من خلال مواقع خاصة يتم تحديثها بانتظام، وشنت هجوما شرسا بالخطابات المصورة وبالأشرطة القصيرة الدعائية الحزبية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك وتويتر، من أجل استمالة الشباب المغربي العازف عن التصويت من خلال ما يعبر عنه من تصريحات مكتوبة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولأن الشباب هم قاعدة الهرم السكاني المغربي، ولأن الحراك المغربي السلمي قاده شباب المملكة من خلال تحضيرات على موقع فيسبوك قبل أول مسيرة أعلنت ميلاد الربيع المغربي في يوم الأحد 20-02-2011.