قرارات البنك المركزي الأخيرة للتحكم في السوق السوداء للدولار أدت إلى توقف عمليات استيراد المواد الخام من الخارج بسبب عدم قدرة البنوك على توفير العملة الأمريكية من أجل سد احتياجات المستوردين لتقفز أسعار السلع كنتيجة طبيعية لعدم وجود منافسة مع المنتج المحلى. ورغم أن الحكومة تعمل حاليا على دعم الاقتصاد وتحسين صورة مصر قبل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاستثماري في شهر مارس المقبل بهدف طمأنة المستثمرين، إلا أن تعطل خطوط الإنتاج لمصانع السلع الغذائية والحديد وقطع الغيار والملابس والأدوية يعبر عن واقع مختلف حيث يسهم ذلك في تآكل المخزون الاستراتيجي من المواد الخام التي يتم استيرادها في الخارج لتبدأ حينها أزمة فعلية تحتاج إلى تدخل سريع من جانب المسئولين. أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة القاهرة أكد توقف عدد كبير من خطوط إنتاج بعض المصانع خاصة المنتجة للسلع الغذائية والحديد وقطع الغيار والملابس والأدوية بسبب قرار البنك المركزي فرض حد أقصى للإيداعات الدولارية، ما تسبب في تراجع الاستيراد خلال شهرين، بنحو 40%. وأضاف أن هناك قوائم انتظار طويلة بالبنوك للحصول على الدولار لإتمام صفقات استيراد متوقفة منذ نهاية العام الماضي ما يهدد بنقص الآلات وقطع الغيار المستوردة التي تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار سنوياً. فيما قال الدكتور على عوف رئيس شعبة الأدوية، إن 100 شركة أدوية تعانى خسائر كبيرة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام، التي تتجاوز 90% من سعر خامات الإنتاج، وأكد محمد حنفي، مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، أن استمرار أزمة الدولار في البنوك سيعمل على ارتفاع أسعار السلع. وحذرت غرفة الصناعات المعدنية من حدوث نقص كبير في المعروض من حديد التسليح في الأسواق خلال الأيام المقبلة، مع توقف عدد كبير من المصانع عن الإنتاج، بسبب عدم قدرتها على استيراد الخامات المطلوبة في ظل نقص الدولار. وقال رئيس شعبة مواد البناء في الاتحاد العام للغرف التجارية أحمد الزينى إن استمرار عدم توفر الدولار في البنوك بالكميات المطلوبة يهدد بتوقف إنتاج الحديد والأسمنت موضحًا أن هناك تراجعا ملحوظا في عملية استيراد الحديد والأسمنت منذ أكثر من شهر بسبب أزمة الدولار ووصوله إلى أعلى مستوياته. وأضاف أن هناك عددًا من مصانع الحديد أعلنت توقفها عن العمل خلال الأيام القليلة المقبلة، بسبب عدم قدرة البنوك على توفير الدولار، من أجل شراء احتياجاتها، مشيرًا إلى أن رفض البنوك صرف اعتمادات للمستوردين من الدولار. وشدد نائب رئيس شعبة مواد البناء في الاتحاد العام للغرف التجارية عبد العزيز قاسم، على ضرورة السماح بتخصيص مبالغ مخصصة لاستيراد الحديد والأسمنت، وذلك منعًا لارتفاع الأسعار في السوق المحلية، موضحًا أن نقص الدولار في السوق المصرية، سيؤثر بشكل سلبي على إنتاجية الحديد خلال الأيام المقبلة. وأضاف أن الغرفة التجارية تلقت خلال الأيام الماضية عديدا من الشكاوى من مستوردي الحديد والأسمنت بسبب عدم توافر الدولار في البنوك، مؤكدين أن شراءهم للعملة من السوق السوداء يزيد من العبء المادي على المستهلك النهائي، خصوصا أنهم يحملون فروق الأسعار على سعر البيع النهائي، لافتا إلى أن ذلك ينذر برفع مصانع الحديد للأسعار المحلية، ووصول سعر الطن ليتراوح ما بين 5 و6 آلاف جنيه، مقارنة ب4800 - 4900 جنيه حاليا، إلى جانب إمكانية حدوث ارتفاع في أسعار الأسمنت ليصل سعر الطن إلى نحو 850 جنيهًا، مقارنة بمستوياته الحالية بنحو 700 جنيه.