18 شهرًا بالكاد ليست كافية لتعليم أي إنسان صنعة فما بالك بشرطي يحمل ضبطية قضائية يلقي القبض على من لا يعجبه أو يثير شغبًا في أحد الشوارع .. "معاون أمن" وظيفة جديدة حلت على المصريين من قبل قائد الانقلاب أمس وسط عاصفة من الإدانة والاستنكار من أوساط شبابية ومثقفين، يقولون إن عسكرة الدولة تعمل على قدم وساق. وكان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أصدر، أمس الإثنين، قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971. وصرح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن القرار بقانون يستهدف استحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة بمسمى "معاون أمن"، يتم تعيينهم وتأهيلهم وفقًا لأسس ومعايير خاصة؛ للاستفادة من حملة الشهادة الإعدادية ذوي القدرات الصحية والنفسية والرياضية المؤهِلة لعمل رجل الشرطة. وأضاف "يوسف" أنه سيتم الاستفادة من الفئات العمرية الشابة ما بين 19 و23 عامًا من خلال تأهيلهم وتدريبهم وفق أحدث البرامج الشرطية المتطورة، بما يضمن تعزيز القدرات الأمنية في مواجهة خطر الجريمة بكل أشكالها وأنماطها، مشيرًا إلى أنه سيكون لمعاوني الأمن صفة الضبطية القضائية، كما سيسري عليهم ذات القواعد الخاصة بأفراد هيئة الشرطة عدا بعض القواعد، ومن بينها قواعد الترقي ومدة الدراسة والتأهيل ومدة الترقية. مخاطر جمة تحدث عنها البعض عندما يكون لحاملي الإعدادية قرار ضبطية قضائية.... مخاطر حقوقية حيث أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن إقرار ما يسمى الشرطة المجتمعية في مصر يعد تعزيزًا لدولة القمع والبوليس وتقنينًا للبلطجة. وقالت المنظمة -في بيان لها اليوم الثلاثاء- إن هذا القرار كارثي يعزز بوليسية الدولة المصرية، ويعكس رؤية السلطات في تضخيم الأجهزة الأمنية، وزيادة القمع للمعارضين المصريين، خاصة بعد توسيع اختصاص القضاء العسكري باعتبار المنشآت والمؤسسات المدنية في حكم المنشآت العسكرية، واستخدم شركات أمن خاصة في الجامعات لقمع الطلاب المعارضين. القرار خطوة واسعة في الاتجاه الخاطئ، ولا ينتظر منه إلا مزيدًا من إهدار حقوق الإنسان، خاصة في ظل حالة غياب الرقابة القضائية، وانهيار منظومة العدالة المصرية، وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب، وانعدام حياد المؤسسات الأمنية. مخاطر مجتمعية حيث أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن القرار يقنن البلطجة والعنف ضد المناهضين للنظام، فمن المعلوم عن الشرطة المصرية منذ عهود استعانتها بالخارجين عن القانون ومدنيين موالين للنظام في مواجهة أي تحركات معارضة للنظام، وتفاقمت هذه الحالة في أعقاب الثالث من يوليو2013. مضيفة أن أولئك الأشخاص قاموا بقتل مئات المعارضين باستخدام أسلحة نارية وأسلحة بيضاء في وجود الشرطة وتحت إشرافها. وأضافت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن انتقاء فئة المتخلفين عن استكمال تعليمهم لهذه المهمة "حاصلي الإعدادية" يعكس رغبة النظام في صناعة أدوات أمنية عمياء، مستغلًا في ذلك حالة الجهل والعوز وانتشار البطالة وانعدام فرص العمل الكريمة لتلك الفئات. فتح باب التقدم إلى المعهد سيشترط حصول المتقدم علي الشهادة الإعدادية كحد أدني، والسن سيكون من 19 إلى 23 سنة، ولا يقل الطول عن 170 سم، وسينضم إلى معهد الضباط لمدة 18 شهرًا، يدرس خلالها 6 شهور دراسة عامة أمنية وقانونية، و6 شهور أخرى دراسة تخصصية، ليصبح الخريج قادرًا علي العمل بكافة التخصصات الأمنية، ويتم منحه الضبطية القضائية. فيما رفض بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري مشروع قانون الشرطة المجتمعية قائلاً: "أنا ضد هذا التوجه بشكل كامل لأن انتشار هيئات لها صفة الضبطية القضائية من خارج المؤسسة الرسمية في الدولة هو أمر لا يفيد خصوصًا في ظل الأزمة الراهنة التي يعاني منها المجتمع. وأكد "بهاء الدين" أنه مهما بلغت التشديدات علي تلك الأجهزة فإن ذلك لن يمنع من تسلل عناصر مشبوهة داخل الهيئة، مشيرًا إلي أن جهاز الأمن المصري وحده هو المنوط به الحماية الآن، وتلك المسؤولية التي يختص بها سببًا في وحدته من الداخل، لافتًا إلي وجود محاكم أسرية من شأنها أن تتولي حل تلك المشاكل والخلافات المجتمعية. بينما قال الخبير القانوني الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية، أكد على أن القانون يكفل عدم التقيد بوظيفة، فأمين شرطة المطار من حقه ضبط أي "مجرم" في قطاع آخر غير المطار أو السياحة، والهدف منه هو "مكافحة الجريمة" مخاطر أمنية ويتساءل البعض كيف لشخص غير متعلم يحمل "كارنيه" فقط يقوم بالقبض على أستاذ جامعي .. من جانبه، رأى نائب رئيس حزب الوسط ووزير الشؤون البرلمانية الأسبق، الدكتور محمد محسوب، أن "تضخم أجهزة الأمن وما أسماه "بعثرة" صفة الضبطية القضائية على مؤيدي السلطة الحالية، والاستعانة بشركات أمن خاصة وشرعنة فرق البلطجة والمخبرين، هو سلوك كل سلطة قمعية مذعورة تشعر بقرب زوالها". ويرى اللواء عادل العبودي الخبير الأمني والاستراتيجي، ل"البوابة نيوز" أن أمين الشرطة يتملك الضبطية القضائية بالفعل، ولكن القانون الجديد يستهدف استحداث شرطة جديدة، وأنه عقب ثورة يناير تم تقديم مشاريع حول تجنيد وتدريب طلاب الجامعات والخرجين لمدة ثلاثة شهور؛ ليكونوا شرطة مجتمعية لمكافحة الجرائم. وأضاف أن أمناء الشرطة أثبتوا عوارًا شديدًا داخل النظام الشرطي بسبب عدم تأهلهم دراسيًّا. مخاطر مستقبلية وفي هذا السياق، حذرت "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" من أن استحداث فئة "معاون شرطة مجتمعية" ومنحها حق الضبطية القضائية، "سيكرس للعنف المجتمعي، ولن يحل المشكلات الأمنية الراهنة". وقالت التنسيقية في بيان لها، إن الفئة الجديدة المرتقبة ستكون امتدادًا لعصر المخلوع مبارك في استخدام "البلطجية" في مواجهة الشعب. وأضافت بأن استحداث "الشرطة المجتمعية" خاصة في هذا التوقيت لن يؤدي سوى إلى مزيد من شرعنة العنف و"البلطجة" في المجتمع، خاصة وأن معتادي الإجرام هم الفئة المرشحة الأولى لشغل تلك الوظيفة، ما يعني تكريس الإجرام في المجتمع ومنحه غطاء قانونيا". واختتم البيان بالتحذير من زيادة مخاطر وجود "حروب شوارع" خاصة بين العائلات وفي أماكن العصبيات في الصعيد والمناطق البدوية، وكذلك زيادة انتشار السلاح بين شريحة أكبر في المجتمع، "غير واعية وغير مدربة". بينما حذر الدكتور يسري حماد نائب رئيس حزب "الوطن"، من أن "استحداث جهاز الشرطة المجتمعية يمثل مزيدًا من التصعيد الذي يقود إلى حرب أهلية". وأضاف "حماد" - عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي في "فيسبوك " أن "الداخلية تدرك قرب سقوطها في حال انسحاب الجيش إلى ثكناته....."