فى أقل من خمسة أشهر قامت حكومات الانقلاب بتغيير التوقيتات المحلية من صيفى لشتوى ومن شتوى إلى صيفى 4 مرات متتالية مما ينم عن ارتباك شديد فى اتخاذ أبسط القرارات وأيسرها فقد قامت حكومة الانقلاب بالعمل بالتوقيت الصيفى قبل شهر ونصف من رمضان بتاريخ17 مايو ثم العودة للتوقيت الشتوى فى رمضان بتاريخ 28 من شهر يونية ثم الرجوع للتوقيت الصيفى بعد انتهاء رمضان بتاريخ 31 من شهر يوليو ثم خرج علينا اليوم السبت متحدث مجلس وزراء الانقلاب بقرارا العمل بالتوقيت الشتوى الخميس الأخير من شهر سبتمبر أى بعد حوالى 10 أيام وبغض النظر عن البعد السياسى والاجتماعى للأمر فقد أكد خبراء الصحة النفسية أن تغيير الوقت له أضرار نفسية وصحية، كما يؤدي تغير التوقيت إلى اضطرابات في النوم، وخلل في السلوك ويقول أمين عام الاتحاد العربي للعلوم النفسية الدكتور محمد أحمد النابلسي إن «تغيير التوقيت يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية عند الإنسان. وهذا الاضطراب يبدو أكثر وضوحا عند أولئك الذين يعيشون حياة فيها التزامات صباحية مبكرة. فمن يضطر للاستيقاظ عند الساعة السادسة صباحا بدلا من السابعة بينما ... حياة فيها التزامات صباحية مبكرة. فمن يضطر للاستيقاظ عند الساعة السادسة صباحا بدلا من السابعة بينما لم يتمكن من النوم عند الثانية عشرة كما اعتاد ولم يخلد للنوم قبل الواحدة، لن يشعر بالراحة خلال اليوم، وسيبقى محتاجا لتعويض ساعة النوم التي فاتته». ويوضح النابلسي أن الجسد يستعد للنوم عند ساعة معينة بحيث يتغير إفراز الهرمونات، وتنخفض درجة حرارة الجسم، ليستكين الشخص ويخلد إلى الراحة. وبالتالي بإمكاننا القول إن الغدد كلها تقريبا، متورطة في عملية الاستعداد للنوم». اختلال في هرمونات حذر دكتور نشأت عبد الحميد، طبيب وجراح قلب، من تأثيرات تغيير الساعة من وقت لآخر على صحة الإنسان، مشيرًا إلى أن ذلك يؤدي إلى حدوث خلل في الساعة البيولوجية، حيث يؤثر على إفرازات الهرمونات مما يؤثر على ضربات القلب، مضيفًا أن زيادة ساعة في اليوم، ثم تقليلها مرة أخرى، بعد أن يكون تعود عليها جسم الإنسان يتسبب في اختلال الهرمونات. اختلال نفسي
"لو يعلم القائمون على تغيير الساعة ماذا يفعلون بالجهاز العصبي والنفسي لما أقدموا على تغيير الساعة" جاءت تلك العبارة على لسان عزة كريم، دكتور علم الاجتماع والنفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
فأكدت كريم أن التغيير الذي يحدث في التوقيت كل فترة له تأثير سلبي للغاية على الساعة البيولوجية للإنسان، وعلى نفسيته، فيفقد الإنسان اتزانه النفسي، ويصاب بنوع من التوتر والقلق وعدم الإحساس بالاستقرار، مشيرة إلى أن أهم أنواع الاستقرار التي يحتاجها الإنسان هو استقرار الوقت.
واستنكرت كريم فكر الحكومة بأن تغيير التوقيت يوفر الطاقة الكهربائية، قائلة: "لو تغيير الوقت عشان توفير الكهرباء فهذا لا يحدث، لأن الناس بقت تسهر أكثر وبالتالي بتستخدم كهرباء أكثر، وللأمر بعد سياسي يهدف إلى العودة بالتوقيت لما كان عليه قبل ثورة 25 يناير".
تأثير على إنتاجية الفرد عمرو سلامة، استاذ التنمية البشرية والنفسية، أكد على أن تغيير التوقيت يؤثر على الساعة البيولوجية للإنسان عن طريق تغيير إفراز الهرمونات، وغيرها من العمليات الفسيولوجية، مما يؤثر على الحالة المزاجية وبالتالي يؤثر على إنتاجية الفرد.
وتابع، "الساعة البيولوجية للمصريين بدأت تتعود على التوقيت الصيفي، وسيتم تغييرها مرة أخرى، وأنا مش عارف هتفرق في إيه، إحنا كده كده هنصوم 16 ساعة في اليوم".
وتساءل سلامة ما هي الاستفادة الاقتصادية والنفسية والسياسية من وراء تغيير التوقيت، مضيفًا أن تغيير التوقيت إهدار للوقت ويتسبب في التأثير على إنتاجية الفرد، مطالبًا الحكومة في اتباع توقيت موحد وعدم تغييره.
سامية خضر، استاذ علم الاجتماع، كان لها رأي مختلف، فترى أن اجتماعيا سهل على الإنسان التكييف مع تغيير التوقيت، فمثلًا إذا سافر المصري بلدًا غريبًا يختلف توقيته تمامًا مع التوقيت المصري فيأخذ يومًا واحدًا ثم يتكيف مع التوقيت الجديد، مطالبة المصريين بأن يكون لديهم ثقافة سلاسة التكييف مع المتغيرات. يذكر أن الساعة البيولوجية عند البشر تعمل حسب جداول زمنية ضرورية للحياة وللصحة، فللبشر إيقاعات بيولوجية يومية، وأسبوعية، وشهرية، وسنوية، ويختلف مستوى الهورمون والكيميائيات الأخرى في الدم على مدى هذه الفترات الزمنية. فيما أثار هذا الخبر سخرية النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى حيث وصف "الفارس الذهب" القرار قائلا:" الحكومة بتفكرنا بلعبة دوخينا يا ليمونة"، مضيفا:" إيه لزمة كل هذه التعديلات". وفي السياق ذاته علق "مصطفى محمود" على القرار قائلا :" شغلانة هي بقى..الشعب بقى لعبة في إيد الحكومة ولا إية يا جدعان". أما "شهد السحاب" فكتبت على صفحتها معلقة على القرار قائلة:" الحكومة دي مش عارفة تعمل لنا اية ولا اية، بتفكرنا بأغنية "لفي بينا يا دنيا..دوخينا يا دنيا" في إشارة منها إلى تغيير التوقيت. أما "محمد رسمي" فكتب على صفحته قائلا:" حتى الحاجة الوحيدة اللي كسبناها في ثورة يناير..حرمونا منها" في إشارة إلى تثبيت التوقيت عقب ثورة يناير. جدير بالذكر أن فكرة تغيير التوقيت تعود إلى سنة 1784، حيث اقترح الفكرة بنيامين فرانكلين الذي كان يعمل في باريس كمندوب للولايات المتحدة، ضمن خطة اقتصادية تقدم بها، ولم يؤخذ باقتراحه يومها. وعاد وليم ولست ليتقدم بالفكرة ذاتها أمام البرلمان البريطاني عام 1907 ليتم تبنيها في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب العالمية الأولى بهدف توفير الطاقة. وبات هذا النظام متبعا اليوم في 87 دولة حول العالم. أما عن الوقت الذي يحتاجه الإنسان ليعيد تنظيم ساعته البيولوجية، فيقول الدكتور نابلسي: «إن من ينتقل من لبنان إلى سنغافورة، حيث فارق الوقت يصل إلى 6 ساعات تقريبا، قد يبقى مضطربا لمدة عشرة أيام، وثمة من يدخل في حالة من الكآبة، إن لم يتمكن من استعادة توازنه بسرعة.