فى ليلة أكثر من رائعة بقصر الأمير «طاز» خرج فيها ابن حزم الأندلسى الفقية صاحب المذهب «الظاهرى» فى زى جديد عن طريق عرض مسرحى أكثر من الرائع مقتبس من كتابه «طوق الحمامة» قدمه المخرج «هانى عفيفى» باسم «عن العشاق». وقد تضافرت عناصرالعمل الفنى لتؤكد قيمة الحب كما رآها ابن حزم -فلسفتة ورؤاه- جسد فيها الممثل الرائع «حمزة العيلى» دور ابن حزم بمنتهى الفهم والصدق؛ لم يَبدُ منفصلا عمن حوله رغم التباين الشديد بين شخصيته تحديدا وباقى الشخصيات التى تجسد حكايا ابن حزم فى كتابه ليبدو راويا أو معلقا على الأحداث فى لحظات من العرض، ومشاركا الأبطال فى لحظات أخرى مفسرا لهم دوافعهم ومجيبا عن تساؤلاتهم عند ذروة الأحداث.. فلم يبد منفصلا عنهم رغم اختلاف لغته مثلا؛ فهو بفصحاه الرصينة جدا -أداء ولغة- وهم يشخصون أدوراهم بين العامية والفصحى أو ما يسمى باللغة الثالثة بين الفصحى والعامية. ورغم جدية ما يقول وما يصيغ من أفكار ورؤى يؤكدها المخرج فى خلفية المشهد تشخيصية مرة وتعبيرية مرة أخرى، واتسمت بخفة الظل فى أحيان أخرى.. كل هذا ولم يبد على هذا الممثل الرائع أى شىء من الغرابة أو الاختلاف عمن حوله متناغما واعيا ومدركا لما يصنعه من اتزان. أما المخرج فنجح بمنتهى الذكاء فى اختيار عرض مناسب للمكان وتوظيف المكان جيدا بما يتلائم مع حالة العرض، متميزا فى رسم صورة سينغرافية من وحى المكان وأصالته وزمن العرض الذى مزج بين الحكى والتمثيل والعزف الحى والغناء والرقص المسرحى الحديث. وقد شارك «أحمد زكريا» و«سارة عادل» و«سارة هريدى» البطل «أحمد العيلى» فى العمل، وكان التناغم بينهم فى أرقى صوره. وتمثل هذه المسرحية نوعا فريدا من المسرح؛ فهى لا تصلح أن تعرض على مسرح تقليدى لما لها من خصوصية فى موضوعها، كما أنها تعد عودة محترمة إلى المسرح العربى الذى تقزم دوره فى الفترة الأخيرة.