ونحن نريد أن نؤسس لمصر الحديثة، وعلينا أن نفكر فى ذلك حتى ونحن تحت ركام الانقلاب الفاشل قريبا بإذن الله، علينا أن نؤكد المسائل الجوهرية التى من المفترض أن تكون محل إجماع القوى الناهضة فى الأمة، ونخبتها الشريفة الوطنية، وأعود اليوم إلى قضية دولة المؤسسات. كان من الممكن قبل الانقلاب تحصين الأمة من خطر استيلاء تنظيم واحد (الإخوان المسلمين)، وهو خطر واقعى أو احتمال واقعى غير مرغوب فيه، كان من الممكن بسهولة التحصين من هذا الاحتمال بدليل أن وقائع الانقلاب تثبت أن معظم جهاز الدولة الأساسى لم يكن مع الإخوان، بل كان ضدهم ويتآمر عليهم (الجيش - الشرطة - الأجهزة الأمنية - القضاء بأغلبه - أغلب الإعلام بما فى ذلك الإعلام الرسمى! – الحكم المحلى - القلب الداخلى للوزارات). لو كان كل هؤلاء المتآمرين يحبون البلد، لكان بإمكانهم بسهولة وضع كل الضوابط القانونية والفعلية لمنع انفراد فصيل أو تيار بالبلاد. بل لقد نجح الجيش بسطوته فى أخذ كل ما يريد من استقلالية فى صياغات الدستور، مستغلا انشغال الإخوان بالهجمات عليهم من التيارات العلمانية، فلم يكن من الممكن مواجهة الجبهتين. ومع ذلك فإن قيادة جيش كامب ديفيد النهمة للسلطة ولمزيد للسلطة، لم يعد شىء يشبعها، ولا تزال فى قرارة نفسها لا ترضى بأقل من رئيس جمهورية عسكرى؛ لأن هذا هو الأمان الكامل لمملكتها الاقتصادية القائمة على السخرة والإعفاء من الضرائب والجمارك والرقابة، كما أن متعة السلطة حلوة؛ فهذا محافظ وهذا رئيس مدينة وهذا وكيل وزارة وهذا وزير. وهذه هى الرقابة الإدارية؛ كل العاملين بها من القوات المسلحة، لماذا وهو عمل مدنى أقرب إلى العمل القانونى أو لعمل جهاز المحاسبات؟! لماذا تحتكر عسكريا ويمنع منها المدنيون؟! لتأكيد أن مفاصل السلطة فى يد العسكر. وأيضا الامتيازات، والصغار يحصلون على مجرد سيارة وفيلا ومرتب كويس ومكافأة حلوة لنهاية الخدمة. أما باب السرقة فمفتوح، ولم يغلق فيه باب الاجتهاد؛ كل بقدر مجهوده، وكل حسب رغباته، وكل حسب طموحه الدنيوى وقلة دينه، كل بحسب شطارته، وقدرته على فهم قواعد اللعبة ومقاسمة الكبار. باب الاجتهاد مفتوح، ونقصد أن هناك عددا لا بأس به من العسكريين الشرفاء لا يلجون هذا الباب، لكن المنظومة ككل فاسدة. إذا كان تحالف 30 يونيو يحب هذا الوطن (المقصود قادة الإنقاذ والعسكر وحثالة وفلول النظام البائد، لا المواطنون المخدوعون الذين يكتشفون الحقائق الآن) إذا كان هذا التحالف يحب هذا الوطن فعلا، لاستطاعوا بسهولة وضع كل الضوابط القانونية التى تحول دون سيطرة الإخوان، كخطر محتمل، على النظام السياسى الجديد. وبالعكس فقد كانت هناك فرصة سانحة لاختبار وتأكيد ذلك، وهى الانتخابات التشريعية التى كانت وشيكة، وكان يعطلها الاختراعات التآمرية لمحكمة مبارك الدستورية (التى تركها الإخوان بدون تغيير وهذه من أخطائهم الفادحة فى حق أنفسهم وفى حق الوطن). فى هذه اللحظة كانت شعبية الإخوان فى أدنى مستوياتها، بسبب نجاح هذه الحملة الإعلامية الفاجرة التى حدثت فى الإعلام الرسمى (رغم وجود وزير إعلام إخوانى!!) وكان إجراء الانتخابات سيتم فى ظل وزير الداخلية الحالى، وفى ظل القضاء الحالى، وفى ظل السيسى الحالى؛ فكيف يمكن الحديث عن مخاطر تزوير الإخوان الانتخابات؟! هذه سماجة وكذب وإدعاءات فارغة. كتبت فى ذلك الوقت وقلت من وقائع اختلاطى بالناس ومرورى على كل محافظات مصر والحديث مع كل الناس لا مع أعضاء حزب العمل فحسب.. قلت -وهذا مكتوب ويمكن الرجوع إليه- إن شعبية الإخوان هبطت إلى ما يتراوح بين 20 و30%، وفى الانتخابات القادمة ستحصل على 20% تقريبا من المقاعد، وسيكون المجلس غير إخوانى، ومن ثم سيكون هناك توازن بين الرئيس الإخوانى وهذا البرلمان، بل إن هذا البرلمان سيكون من حقه طبقا للدستور أن يشكل الحكومة، ستكون أغلبيتها غير إخوانية، أو لا يوجد بها إخوان بتاتا، وبذلك سيتحقق مزيد من التوازن. وصدر بعد أيام استطلاع رأى حكومى أجراه مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء الذى يتولى رئاسته هشام قنديل ،جاء فى نتيجته أن 29% من الجمهور فقط هو الذى يشعر بالرضى عن أداء الحكومة، وهذا معناه أن 71% غير راضين، وهو تقديرى نفسه. وهذا هو المناخ المناسب إذا كنت معارضا للإخوان لإجراء الانتخابات لا لإجراء انقلاب!!. فى برنامج تلفزيونى أقمت الحجة على أحد عناصر جبهة الإنقاذ بصورة فاجأته، قلت له: لماذا أنت غاضب من أخطاء حكومة قنديل وتريد تصويبها؟! اتركه يخطئ؛ لأن الانتخابات على الأبواب، وكلما أخطأ زادت فرصتك كمنافس. ارتبك عنصر الإنقاذ؛ لأنه لم يستطع أن يقول لى: إننا لا نفكر فى الانتخابات أصلا بل نعد لمؤامرة. ورغم أننى أصف الحملة الإعلامية ضد الإخوان والرئيس مرسى بأنها فاجرة -ولا تزال طبعا- فإن هذا لا يبرئ الإخوان والرئيس مرسى من أخطاء أساسية، ليست هى التى يثيرها الإعلام الفاجر، الذى هبط لمستوى سوستة البنطلون، لكن فى الأمور الاستراتيجية تجاه أمريكا وإسرائيل وركائزهما المحلية التى تشن حملة على الإسلام والحل الإسلامى لا على الإخوان، علما بأن المقصود أساسا بالحل الإسلامى: الاستقلال وإقامة العدل، وهذا ما لم يوضحه الإخوان لا بالعمل ولا بالحديث. زيارات روسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وإيران والصين حملت نوايا طيبة، لكن لم تكن هذه الجولات لتثمر وأنت تارك الغول الأمريكى الصهيونى داخل البيت، فدمروا البيت على من فيه؛ فهم لن يتركوك تصنع البديل أمام عيونهم، حتى تستغنى عن خدماتهم يوما ما. وقد أوضح دينس روس هذا المعنى بجلاء حين قال: إن الرئيس مرسى تصور أنه يحكم مصر وأنه مستقل عن أمريكا ونسى أنه يأخذ مننا المعونات!!. وقال نعوم تشومسكى المتجلى هذه الأيام فى أحاديثه عن مصر: أما مرسى فلم يوافق على الجملة التى عرضت عليه ليقولها أثناء المؤتمر الذى كان سيعقد بينه وبين أوباما أثناء زيارته إلى أمريكا وهى: (وستعمل مصر وأمريكا على إيجاد حلول لكى ينعم الشعبان الفلسطينى والإسرائيلى بالأمن الدائم والسلام الشامل. والهدف من الجملة هو الضغط على مرسى فقط لذكر كلمة «إسرائيل» والتلفظ بها ولو مرة واحدة تكون اعترافا بدولة إسرائيل، وهو الذى ذكرهم بالقردة والخنازير فى عهد مبارك. وهنا توترت العلاقات فى السر). وهنا وما دمت أنتقد فلا بد أن أسجل إعجابى وتقديرى بصمود الرئيس مرسى فى هذه المحنة، وإن كنت لست مفاجأ بها، فهذا ما أتوقعه منه، ومن أى قيادة إخوانية كانت ستكون محله، بالإضافة إلى ما أذكره دائما من أنه نظيف اليد شريف وطنى منتخب، وهذا ما لا ينطبق على السيسى وزمرته ولا مبارك وأذنابه. كما أننى لا أنكر البتة حجم التآمر المنظم داخل جهاز الدولة لإفشال الرئيس مرسى بافتعال الأزمات التموينية، وعرقلة دولاب الدولة وعجلة الاقتصاد، بل كشفنا ذلك فى حينه. ولكن مواجهة ذلك كانت مترابطة مع الهدف الذى دعونا إليه: تصفية بقايا النظام، بدلا من الحديث الفارغ عن العدالة الانتقالية، والدخول فى معارك وأنت على قمة السلطة ضد هذه الفلول لا عقد المصالحات والتعاون مع بعضها، والدخول فى معارك لتصفية النفوذ الأمريكى والصهيونى وأنت فى قمة السلطة من الناحية الشرعية، واستدعاء الجماهير لهذه المعركة، بدلا من الحديث المتواصل عن أن كل شىء تمام. ونحن نقول ذلك للمستقبل لا للتلاوم على الماضى. مرة أخرى، أقول إن تحالف 30 يونيو من المصريين كان غير مخلص للوطن من الزاويتين الرئيسيتين: الديمقراطية وكان معه كل الأوراق ليحقق ما يريده من ضمانات ضد الاستئثار المفتوح للإخوان، ولكنه كان يقدّر أن أى تراجع انتخابى للإخوان سيكون أساسا لصالح أحزاب إسلامية أخرى لا لصالح التيارات الليبرالية والعلمانية؛ لذلك رأوا أن الحل أن (يطربقوا) البلد على دماغ الجميع، ويسلموا السلطة للعسكر، ثم يبحث مدنيو الإنقاذ عن نصيبهم فى السلطة. وأيضا كان تحالف 30 يونيو من المصريين غير مخلص للبلد حين يدعى أن الإخوان عملاء أمريكا وإسرائيل. وهذه بجاحة منقطعة النظير!.. اتركوا هذا الكلام لأمثالنا مثلا، ولكن أن يتهم الغاطس من رأسه حتى أخمص قدميه فى التبعية لأمريكا منذ عشرات السنين، الإخوان بأنهم عملاء؛ لأن فلانا التقى فلانا والسفيرة الأمريكية زارت مقر الإخوان عدة مرات؛ فهذا عبث. وإن كنت على ثقة بوجود تفاهمات أمريكية إخوانية لم يلتزم بها الأمريكان، بل يتهمون الإخوان بعدم الالتزام بها، وقد كتبت فى ذلك كثيرا من قبل، وقد رفضنا هذه التفاهمات، لكننا لا نتهم الإخوان بالعمالة، ونطالبهم بنفض أيديهم من هذه اللعبة التى ثبت أنها خاسرة، كذلك يجب فصل مصر عن أى تفاهمات لفروع التنظيم الدولى للإخوان مع الأمريكان فى سوريا أو ليبيا أو أى مكان آخر. وهى مرفوضة عموما من وجهة نظرنا؛ لأن معركة الإسلام مع أمريكا وإسرائيل لا مع أى طرف آخر فى هذه اللحظة. أما بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية فإذا كانت جادة فى سعيها إلى التحرر من الهيمنة الصهيونية الأمريكية، فإن الإخوان سيسيرون معها بلا تردد.. هذا فى تقديرى. وإذا رفضوا ستكون الأمة مع موقف المؤسسة العسكرية، لكن بدون أن تسلمها الحكم طبعا!!. لكن العسكر كانوا يستهدفون الوقيعة بين الإخوان وأمريكا، وكانوا يؤكدون للأمريكان أن المؤسسة العسكرية هى الأقرب لهم، والأمريكان يفهمون ذلك تماما. والإعلام التابع للمؤسسة العسكرية كان يقول ذلك بمنتهى الصراحة والبجاحة ولا يزال. ولا نزال نتحدى السيسى والمجلس العسكرى وكل أجهزة الأمن والمخابرات والسلطة مغتصبة فى يدهم الآن؛ أن يعلنوا التالى: أولا- إلغاء معاهدة كامب ديفيد وملاحقها السرية، ومعاهدة السلام وملاحقها السرية؛ لأنها عقدت قبل اندلاع ثورة 25 يناير. والآن توجد شرعية جديدة. وهذا حدث فى كل الثورات الحقيقية، وهذه أمور معروفة فى القانون الدولى. والأمر يعتمد أولا وأخيرا على الإرادة. ثانيا- أن تكون مصر أول دولة فى العالم تعلن من جانب واحد رفض تلقى المعونة الأمريكية العسكرية والمدنية. ثالثا- الاحتفاظ بالهدنة مع إسرائيل إلى أجل غير مسمى، ما دامت إسرائيل لا تعتدى على الأراضى المصرية ولا تنتهك السيادة المصرية بأى شكل من الأشكال. رابعا- وقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، وهذا أبسط رد على استغلال إسرائيل للتطبيع فى الترويج للسموم وضرب الشعب المصرى كيمياويا وبيولوجيا، وغير ذلك من الأضرار التى يعرفها الشعب المصرى وأقرت بها المحاكم والأجهزة الرقابية المصرية. خامسا- الدخول فى مفاوضات جادة مع السودان وليبيا وتونس ومن يقبل من الدول العربية لإقامة سوق عربية مشتركة على النمط الأوروبى فى بدايته. سادسا- إلغاء كل التفاهمات والاتفاقات السرية مع حكومتى الولاياتالمتحدة وإسرائيل فى شتى المجالات فى عهد نظام مبارك. ومراجعة ما يخص الولاياتالمتحدة خلال فترة انتقالية للعلاقات. سابعا- مراجعة كافة الاتفاقات الجائرة مع الشركات الأمريكية والبريطانية فى مجال استخراج البترول والغاز، ومراجعة الموقف من استيلاء إسرائيل على الغاز المصرى فى البحر المتوسط. ثامنا- يظل التعامل التجارى والاستثمارى (فيما عدا ما سبق) مع الولاياتالمتحدة بصورة اعتيادية وفقا للأعراف الدولية وبهدف تأسيس علاقة جديدة بين البلدين على أسس صحية وندية. تاسعا- العلاقات المصرية الأوروبية ومع كل دول العالم تسير بصورة طبيعية. عاشرا- وقف الاعتماد على التسليح الأمريكى واستبدال التسليح الروسى والصينى مكانه مؤقتا حتى إعادة الحياة إلى التصنيع الحربى المصرى. حادى عشر- الإعلان عن عودة العلاقات الطبيعية مع إيران باعتبارها الدولة القوية فى المنطقة التى تقف فى مواجهة الحلف الصهيونى الأمريكى، خاصة أن أمريكا وإسرائيل هما اللذان وضعا الفيتو على هذه العلاقة التى يمكن أن تغير وجه المنطقة ضدهما. وإحياء مبادرة عربية إسلامية لتسوية الأوضاع فى سوريا وفقا للمطامح المشروعة للشعب السورى وبدون تدخل القوى الأجنبية. ثانى عشر: تنشيط مشروع السوق الإسلامية المشتركة التى يضم 8 دول إسلامية كبيرة (إندونيسيا - باكستان - بنجلاديش - تركيا - إيران - ماليزيا - نيجيريا - مصر) وتوسيعه ليشمل كافة الدول الإسلامية تدريجيا. ثالث عشر- توثيق العلاقات الاستراتيجية مع دول البريكس (الهند، الصين، روسيا، جنوب إفريقيا، البرازيل). رابع عشر- وقف عملية التفاوض للحصول على قروض من صندوق النقد الذى يتدخل فى سياساتنا الاقتصادية، وكذلك البنك الدولى، ووقف سياسة القروض، خاصة من الغرب، بعد أن وصلنا إلى رقم قياسى تاريخى فى الاستدانة (54 مليار دولار). إذا أعلنت المؤسسة العسكرية باعتبارها تحكم مصر بقوة الأمر الواقع، موافقتها على هذا الإعلان للاستقلال، فهذا سيعيد احترام الشعب لها ويسمح بالتفاوض معها لتطبيع العلاقات ولترتيب انسحابها من الحياة المدنية وعودة الرئيس مرسى؛ لأنه لا يمكن أن يختلف على النقاط السابقة، وإذا اعترض عليها -وهذا على سبيل الجدل- يكون هو الذى تخلى عن ثورة 25 يناير، لكن نظل نحافظ على المؤسسية الدستورية كما هى، ويمكن الحصول فى هذه الظروف على موافقة شعبية عامة على انتخابات رئاسية مبكرة، لكن مع استمرار الدستور كما هو وعودة مجلس الشورى، وعودة الرئيس مرسى حتى إجراء الانتخابات المبكرة والدعاية خلال شهرين ويحق له الترشح فيها. إذا اتفقنا على مشروع الاستقلال المشار إليه الذى شرحناه فى مواضع أخرى بالتفصيل، فإن الروح ستختلف، والمماحكات ستقل، وسخافات السياسة والساسة ستضمحل.. ستدب فى الأمة روح جدية، لا روح ذلك الذى يموت على كرسى رئاسة، وذاك الذى يمسك العصا من المنتصف، ولا العسكرى الذى يريد أن يحكمنا بالبدلة فحسب، أى بدون أى مواهب تذكر. خطأ العسكر أنهم يحاربون الإخوان من أجل السلطة لا من أجل أى هدف وطنى أو استقلالى. وخطأ الإخوان أنهم ينتظرون تغير الموقف الدولى لصالحهم؛ ولذلك لا يهاجمون إسرائيل ولا أمريكا فى إعلامهم الرسمى وفى تصريحات القادة وفى هتافات التظاهرات، ولا فى الشعارات المكتوبة. ونحن لا نسوى بين الطرفين.. لا نسوى بين الضحية والجلاد، ولا بين المنتخب والمغتصب للسلطة، ولا بين من أخطأ فى السياسة وبين من أوغل فى دماء المصريين بالآلاف، ولا بين من يقف فى خانة الشرعية الدستورية ومن يقف فى موقف السطو على هذه الشرعية بانقلاب لقيط. ولكننا نربط بين قضية دولة المؤسسات الدستورية التى قطعنا شوطا فى بنائها على أرض الواقع قبل الانقلاب، وبين قضية الاستقلال؛ فبدون الاستقلال سيظل أى إنجاز على صعيد البناء الديمقراطى معرضا للإجهاض كما رأينا. وفى المقابل، فإننا ندعو التحالف الوطنى لدعم الشرعية إلى تحديد موقفه من النقاط السابقة التى تحدينا المؤسسة العسكرية أن توافق عليها وتعلن موافقتها علنا، كما ندعو قوى التحالف الوطنى إلى بناء جبهة أوسع تشمل كل من يعارض الانقلاب العسكرى، ووفقا لبرنامج الاستقلال. من الطبيعى أن التحالف والجبهة الموسعة المفترضة هم المؤهلون لقيادة البلاد، ولكن لن يقود البلد حقا إلا من يرفع راية الاستقلال بهذا المعنى المجسد، لا بالشعارات الجوفاء والجمل الإنشائية.