من محاسن ثورة 23 يوليو 1952 أنها جعلت التعليم والعلاج بالمجان. وهذا فتح الأبواب واسعة أمام تعليم أبناء الفقراء. وهم الذين يتبوأون المناصب العليا حالياً في كافة قطاعات الدولة. وكان المريض يذهب إلي المستشفي إذا أراد العلاج. دون أن يسأله أحد عن الثمن. فهو يبقي بالمستشفي لحين تمام شفائه. ثم يخرج عائداً إلي بيته دون أن يدفع مليماً. فلسفة زعيم ثورة يوليو جمال عبدالناصر في هذا ارتكزت علي أن التعليم والصحة هما أساس تقدم أي أمة. وبدونهما فلا تقدم.. بل ولا حرية. وعندما جاء المخلوع مبارك أرتد عن كل هذا. فالتعليم لم يعد مجانياً بالمعني المعروف. حيث تم إهمال المدارس الحكومية وركزوا علي المدارس الخاصة والعلاج المجاني لم يعد له وجود إلا في المستشفيات الجامعية. ويتم هذا في أضيق الحدود لأن الدولة غلت يدها عن تدعيم هذا العلاج المجاني. تفتق ذهن النظام السابق عن فكرة العلاج علي نفقة الدولة. وهو في الحقيقة تعذيب للمرضي. فعلي المريض أن يذهب للمستشفي ليستخرج تقريرا طبياً. ثم يقدمه إلي المجالس الطبية المتخصصة. ولحين صدور القرار بعلاجه ربما يكون قد ودع الدنيا. وزاد الطين بلة أن وزير الصحة الأسبق د. حاتم الجبلي اخترع نظاماً بأن يكون العلاج بدون مقابل حتي الثانية عشرة ظهراً. وبعدها علي المريض الفقير أن يضرب رأسه في أقرب حائط. لذلك استبشرت خيراً حين تولي د. عمرو حلمي وزارة الصحة مؤخراً. فالرجل أعرفه منذ سنوات طويلة عن قرب. وعهدته مدافعاً عن المرضي الفقراء. بل كان يحمل أشعات وتحاليل البعض منهم إذا استعصي التشخيص في مصر. ويدور بها في مؤتمرات العالم حتي يصل إلي التشخيص الصحيح. وكان يدعو أصحاب الأفكار الطبية الجديدة إلي مصر. ليقدموا العلاج إلي الفقراء أيام كان عميداً لمعهد الكبد القومي. لكن صدمتني تصريحات - أتمني أن تكون ذلة لسان - صدرت من د. عمرو حلمي وزير الصحة تشير إلي أن شهادة الفقر هي أساس العلاج علي نفقة الدولة. اعتقد أن هناك خبيثاً دس هذه الفكرة علي د. عمرو. فلا اعتقد أنه يرضي المهانة لأبناء وطنه. ويطلب منهم شهادة فقر ليعالجهم علي نفقة الدولة. أتمني أن يراجع د. عمرو حلمي وزير الصحة هذا التصريح.. فكيف لوطن ظل يدافع لسنوات طويلة عن أبناء وطنه وفي ظل عنفوان النظام السابق.. أن يصدر منه هذا التصريح؟