هناك علاقة وثيقة بين استهداف المسيحيين في جريمة المنيا الإرهابية يوم الجمعة الماضي. وبين استهدافهم في جريمتي كنيسة طنطا وكنيسة الإسكندرية في عيد القيامة قبل نحو شهر ونصف الشهر. مرتكب الجريمتين جماعة واحدة. جريمة المنيا وقعت في نهاية نفس الأسبوع الذي شهد واقعتين تتعلقان بجريمة كنيستي طنطاوالإسكندرية. الواقعة الأولي. هي مرور أربعين يوماً علي الجريمة الأولي. وإقامة قداس في الكنيسة المصرية بهذه المناسبة علي أرواح شهدائها. الواقعة الثانية هي إحالة المتهمين في الجريمة الأولي للقضاء العسكري بعد انتهاء تحقيقات النيابة معهم. وهم ينتمون إلي ما يسمي ب "تنظيم داعش في الصعيد". معظمهم من محافظة قنا. فإذا أضفنا إلي ذلك أن المستهدفين في الجريمتين هم نفس الفئة. أي المسيحيين. وأن جريمة الجمعة وقعت في إحدي محافظات الصعيد وهي المنيا. كان من السهل تصور أن هذه الجريمة هي بمثابة "رد" من الجماعة نفسها علي إحالة أعضائها المتهمين في جريمة طنطاوالإسكندرية إلي القضاء العسكري. وبالطبع. فإن المستهدف الحقيقي النهائي في الجريمتين هو "مصر".. الوطن والشعب. ضرب وحدة المصريين.. إرهاب المسيحيين بمحاولة إشعارهم أن الدولة غير قادرة علي حمايتهم وتأمينهم حتي ينقلبوا عليها.. إفساد فرحة المصريين بأعيادهم ومناسباتهم.. عيد القيامة في الجريمة الأولي. واحتفالات بدء شهر رمضان في الثانية.. هذه كلها ضمن ما تستهدفه الجريمتان ومن وراءهما. حسناً فعل الرئيس السيسي بمخاطبته الشعب في نفس يوم وقوع الجريمة وبعد اجتماع مع المجلس الأمني المصري المصغر. واتحاذ الإجراءات والتدابير التي يتطلبها الموقف. ولعل مما خفف من وقع الجريمة وألمها علي المصريين جميعاً. إعلان الرئيس أنه في الوقت الذي يتحدث فيه. فإن القوات الجوية المصرية تقوم بتدمير معسكرات تدريب وتسليح الإرهابيين التي جاء منها مرتكبو الجريمة. وهي معسكرات قريبة من مدينة "درنة" في ليبيا. بل وإعلانه عن استراتيجية مصرية جديدة في مواجهة الإرهاب ومصادره. بتوجيه ضربات عسكرية لتلك المصادر التي يأتي منها الإرهاب لمصر. ويهدد وجودها الأمن القومي المصري. أينما كانت هذه المصادر. داخل مصر أو خارجها. هذا يعني. أنه عندما تتعرض مصر لعمل إرهابي. فإنها لن تكتفي بالإجراءات "الشرطية" لملاحقة مرتكبيه والقبض عليهم ومحاكمتهم. بل إنها ستضرب المصدر أو المنبع نفسه.. المعسكرات التي تدربوا فيها ومن سلحوهم ومولوهم وكلفوهم بمهمتهم الإجرامية. مصر تفعل ذلك في إطار حقها الشرعي في الدفاع عن النفس. الذي يكفله ميثاق الأممالمتحدة لكل دولة تتعرض للعدوان أو يتعرض أمنها القومي للخطر. وقد سبق لمجلس الأمن الدولي. في مناسبتين سابقتين. أن دعا "جميع دول العالم" إلي مساعدة مصر في محاسبة من يمولون ويسلحون الإرهابيين. مصر قررت أن تكون في مركز قيادة الحرب العالمية ضد الإرهاب. بما يفرضه ذلك عليها من تضحيات.. وعلي المجتمع الدولي أن يقوم بدوره.. بمسئولياته.