لست مع الذين يقولون إن الأقباط هم المستهدفون وحدهم من العمليات الإرهابية من خلال تفجير الكنائس في الأعياد المسيحية.. الحقيقة أن مصر كلها مستهدفة.. والمصريون جميعاً مستهدفون بلا تفرقة.. لا عصمة لأحد من الجرائم الإرهابية.. المطلوب هو إحداث أكبر قدر ممكن من القتل والخراب والدمار.. وإسقاط أكبر عدد من الضحايا.. وتحقيق أكبر معدل من الدعاية السوداء المسيئة لسمعة مصر داخلياً وخارجياً.. ونشر الفوضي علي أوسع نطاق. الإرهاب لا يضرب الكنائس ولا يستهدف الأقباط من أجل أهداف دينية أو حتي طائفية.. فليس مقصده مثلاً أن يقتلهم ليقلل عددهم أو ليجبرهم علي الهجرة للخارج أو ليحملهم علي تغيير دينهم أو لجذبهم إلي أجندته وأفكاره وأيديولوجيته.. وإنما مقصده الواضح أن يضرب مصر في أكثر مفاصلها حساسية كي يلحق بها أبلغ الضرر.. ويبذر الفتنة بين مسلميها وأقباطها ويشعل فيها حرباً أهلية لا تبقي ولا تذر. ولا يشعر الإرهاب أنه حقق أياً من هذه الأهداف حتي الآن والحمد لله.. لا في سيناء ولا في طنطا ولا في الإسكندرية.. والدليل علي ذلك أن مصر تخرج من كل مواجهة أكثر تماسكاً وترابطاً.. وتظهر أفضل ما فيها وهي في قلب المحنة.. فقد شاهدنا في انفجارات الكنائس كيف اختلطت دماء المسلمين والمسيحيين.. لقد كان هناك رجال ونساء مسلمون داخل الكنائس يهنئون إخوانهم المسيحيين بالعيد.. وكانت هناك قوة الحراسة من ضباط وجنود مسلمين.. وهؤلاء وهؤلاء اختلطت دماؤهم مع دماء إخوانهم المسيحيين.. وتعانقت أرواحهم معاً وهي صاعدة إلي بارئها.. لم يميز الإرهاب المجرم بين المسلم والمسيحي. وفي نفس التوقيت تقريباً الذي وقع فيه الانفجار بكنيستي طنطاوالإسكندرية تم اكتشاف قنبلة في أحد المساجد.. وقال مصدر أمني للأهرام أمس إن يقظة رجال الأمن كشفت عن العديد من مواقع المتفجرات في أماكن حساسة للغاية تؤكد أبعاد السيناريو الخبيث بتفجير الكنائس أو بعض المنشآت الهامة التابعة للكنيسة والإخوة الأقباط.. كما تم إفشال مخطط الاعتداء علي منشآت ودور عبادة إسلامية بهدف ضرب الاستقرار والسياحة. وكان من أهم علامات إفشال المخطط حالة التضامن والتكاتف التي عليها المصريون.. فقد تم فتح مسجد الشناوي أكبر مساجد طنطا للمتبرعين بالدم من مسلمين ومسيحيين لإسعاف المصابين.. وانطلقت الدعوات عبر ميكروفونات المساجد لحث المواطنين علي التبرع بدمائهم. الإرهاب لا يخوض حرباً دينية وإنما يخوض حرباً سياسية اقتصادية بالأساس.. هدفها أن تعم الفوضي ويعجز النظام عن السيطرة علي مجريات الأمور.. وترتبك الحياة في مصر.. فيندفع النظام إلي اتخاذ إجراءات غير ديمقراطية تحرجه داخلياً وخارجياً وتضر بالسياحة والاسثتمار بما يخرب الأوضاع الاقتصادية للبلد. لا يعبأ هؤلاء الإرهابيون بقضية الدين.. ولا تخصصهم دعوات تجديد الخطاب الديني.. ولا يعتبرون أنفسهم جزءاً من هذا الوطن الذي يكفرون كل من ينتمي إليه.. ومن ثم يجب ألا نخطيء في توصيف طبيعة الحرب حتي لا نخطيء في تحديد طبيعة المواجهة والأسلحة المطلوبة للنصر فيها.