كأنما كُتبَ علي كل المصريين أمس أن يبدأوا جميعاً معاً "أسبوع آلام" جديداً وحقيقياً. تفجيرات كنيستي طنطا والإسكندرية ضربة في قلب مصر. والدماء التي سالت فيها. دماء مصرية. نحن "واحد" في الألم كما في الفرح.. ومستهدفون من عدو واحد لا يتوقف عن السعي لضرب وحدتنا وفك تلاحمنا. الضحايا الذين سقطوا لن تذهب دماؤهم هدراً. إنها معلقة في رقابنا حتي نقتص لهم. ولن تهدأ أرواحهم قبل أن يحدث ذلك بأقصي سرعة. أسر الضحايا وذووهم. جزء منا.. ورعاية العشرات المصابين في التفجيرين مسئوليتنا جميعاً. قبل الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في يناير الماضي. وقع تفجير كنيسة المرقسية بالعباسية.. واليوم. تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية قبل احتفالات عيد القيامة المجيد. بل قبل أن يأتي بابا الفاتيكان رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم.. لزيارة مصر. الإرهاب الأسود لا يريدنا أن نفرح أو أن نحتفل.. يريدنا أن نقضي أعيادنا في تشييع جثامين شهدائنا. وعيادة مصابينا. الذين هم أعز أهلنا. الإرهاب الأسود يريد أن يقول لنا. إنه قادر.. مهما اتخذنا من إجراءات أو شددنا من تدابير.. أن ينفذ إلينا. وأن يضر بنا في الزمان والمكان اللذين يختارهما. الإرهاب الأسود يريد أن ينقل رسالة للعالم يستعديه فيها علي مصر التي تعجز عن حماية أرواح بعض أبنائها. لكي يتدخل لحمايتهم. لذلك. هذه ليست ساعة للحزن مهما غلبنا.. بل هي ساعة للمواجهة. لا نستطيع الآن. ولا يجب. الخوض في تفاصيل ما جري بالأمس حتي تتضح الحقائق وتتوفر المعلومات الموثقة حتي لا نستبق الأحداث بتكهنات تقودنا خطأ إلي نتائج غير صحيحة. لكن. لابد في نفس الوقت أن نتوجه لأنفسنا وللعالم برسالة تجهض أهداف الإرهاب من وراء جريمته. وتحبط ما خطط له واستهدفه. إن ما جري بالأمس في طنطا والإسكندرية. يضاف إلي ما جري منذ يومين في استوكهولم بالسويد. وما جري في الأسبوع الماضي في بطرسبرج في روسيا. وقبل ذلك في باريس ولندن وبروكسل وغيرها من جرائم إرهابية تستهدف الأبرياء والآمنين. هذه حرب عالمية يشنها الإرهاب ضد الإنسانية. وضد الحياة والحضارة. ولابد أن يتحد العالم كله في مواجهتها وحصار كافة مصادرها. إن مصر كانت. ومازالت. الأكثر تعرضاً لهذه الحرب. والأكثر تحملاً لتداعياتها. ليس فقط بمقياس أعداد ضحاياها من الشرطة والعسكريين والمدنيين. بل أيضاً بمقياس تبعاتها علي الاقتصاد وعلي الحياة اليومية لكافة مواطنيها. وعلي مستقبلها أيضاً. ولذلك. فإن مصر. كما تضامنت مع كل دولة في العالم تعرضت لجرائم الإرهاب. في حاجة اليوم إلي تضامن المجتمع الدولي كله معها في حربها ضد هذه الجرائم. لقد حان وقت تنفيذ ما دعت إليه الأممالمتحدة قبل شهور كل دول العالم إلي تجفيف منابع الإرهاب. وألا يجد الإرهابيون ملاذاً لهم في أي مكان في العالم. مصر بوحدة شعبها وتلاحمه ستهزم الإرهاب علي أرضها مهما طالت المعركة أو زادت أعباؤها.. وحدة العالم ضد الإرهاب يمكن أن تجعل الانتصار عليه أقرب. والتكلفة أقل.