لا شك أن أزمة بطالة الشباب هي واحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها بلادنا في المرحلة الحالية إن لم تكن أخطرها علي الإطلاق.. وهي أزمة موجودة داخل كل بيت في مصر. شباب في عمر الزهور ويتمتعون بطاقة هائلة ويبحثون عن أي فرصة عمل فلا يجدون.. مهندسون من كل التخصصات ومحاسبون خريجون من جميع الكليات النظرية وحاصلون علي دبلومات تجارية وزراعية وصناعية.. أعداد هائلة يقدرها البعض ب 12 مليون شاب وفتاة مما اضطر كثيرون إلي قبول أي عمل بحثا عن لقمة العيش. فوجدنا مهندسا يعمل بوظيفة عامل أسانسير ومحاسباً يبيع المناديل بالشوارع وخريج نظم ومعلومات يعمل بالنظافة. بالطبع العمل ليس عيبا.. ولكن المشكلة أنه عمل بلا أي مستقبل وبلا أي تأمينات سواء اجتماعية أو صحية... وبالتالي فإن الأيام والشهور والسنوات تمر بالشباب والعمر يتقدم دون أن يحقق أي شيء سوي أنه يأكل ويشرب فقط. أنا بحكم طبيعة عملي بالجريدة التقي كل يوم بعشرات من الشباب والفتيات من أغلب المحافظات يواجهون ظروفا مأسوية.. كما التقي بعدد من الآباء والأمهات الذين صرفوا كل ما يملكون لتعليم أولادهم والنتيجة صفر.. فلا توجد وظائف.. ولا توجد أمام الأبناء أي فرصة لمعيشة كريمة. في رأيي أن أزمة البطالة وصلت إلي وضعها المأسوي الحالي بسبب القرار الذي صدر عام 1984 بوقف تعيين الخريجين بالوزارات والمصالح الحكومية نظرا لوجود أعداد كبيرة من الموظفين بلا عمل وعدم قدرة الحكومة علي توظف المزيد.. إلا أن الحكومات المتعاقبة لم توفر البديل وهي تعلم أن هناك أكثر من 800 ألف شاب وفتاة يتخرجون كل عام من الجامعات والمدارس الثانوية بينما القطاع الخاص لا يستطيع استيعاب كل هذه الأعداد الهائلة من الخريجين.. وكانت النتيجة ما وصلنا إليه اليوم من كوارث وقنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة. في رأيي أن الحل يوجد في شبه جزيرة سيناء التي أهملناها كثيرا منذ تحريرها منذ أكثر من 34 عاما.. وخاصة أن قواتنا المسلحة الباسلة أخذت زمام المبادرة مؤخرا وبدأت في تنفيذ خطة للتعمير والبناء بعد نجاح عملية ¢حق الشهيد¢ لتفتح أبواب الأمل أمام ملايين الشباب. سعدت كثيرا وأنا استمع إلي اللواء كامل الوزير رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهو يتحدث عن الخطة التنموية الطموحة في سيناء لخلق مناطق صناعية وتجارية وزراعية وتحويلها إلي مناطق جاذبة للاستثمارات.. والحق أني شعرت بالتفاؤل خاصة أن قواتنا المسلحة عودتنا علي الأفعال وليس الأقوال فقط عندما تعد فإنها تفي.. وقد قامت بالفعل بإقامة شبكة رائعة من الطرق التي تساعد المستثمرين علي إقامة مشروعاتهم كما أنها بدأت في إقامة عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الجديدة للشباب. آن الأوان أن نخرج من الوادي الضيق.. ونتجه إلي مناطق أخري أنعم الله بها علينا وهي مليئة بالكنوز وعلينا فقط أن نستخرج هذه الكنوز.. والله المستعان.