مع حلول الذكري الثانية والأربعين لانتصارات أكتوبر المجيدة. فتح نجوم الفن والإعلام خزائن أسرارهم. وتحدثوا عن لحظات الانتصار وبشائر العبور العظيم الذي يفتخر به كل مصري وعربي جيلا بعد جيل. الفنانة نادية لطفي حيث أكدت انها بمجرد أن استمعت إلي بيان العبور الأول انطلقت مسرعة إلي مستشفي المعادي العسكري لرغبتها في مساعدة الجنود والضباط المصابين في الموجات الأولي للعبور. مشيرة إلي أنها كانت قد خاصت تجربة التمريض والاسعافات الأولية من قبل خلال حربي 67 والاستنزاف. وقالت: شعور الانتصار عظيم وأي مصري وعربي يجب أن يفخر بانتصار اكتوبر. واتذكر انني ذهبت في الساعات الأولي للعبور إلي المصابين في المستشفيات وسجلت معهم عدة لقاءات وأحاديث ضمت بعد ذلك إلي الفيلم التسجيلي ¢جيوش الشمس¢ للمخرج شادي عبدالسلام والذي تضمن في العديد من أحداثه مشاهد حقيقية للحظات العبور ولقطات حية من الحرب. الفنان عزت العلايلي قال: انتصار أكتوبر كان نصرا مهيبا وعظيما وجاء للمصريين في وقت كانت النكسة قد حطمت فيه طموحاتهم ومعنوياتهم. ورغم انني كنت واثقا من أن يوم النصر والعبور سيأتي إلا أنني أتذكر انني عندما سمعت أول بيان عن العبور لم أصدق وظللت أبدل بين الإذاعات المختلفة علي عدة راديوهات للتأكد من الخبر. مضيفا انه حرص علي زيارة الجبهة وبقايا خط بارليف في أعقاب الحرب وقال: كنت قد زرت خط بارليف قبل العبور ورأيته بالفعل خطا رهيبا ولكن عندما ذهبت إليه مرة أخري بعد العبور بصحبة عدد من الفنانين والإعلاميين والمفكرين أبرزهم الفنانة نادية لطفي والإعلامي الراحل أحمد فراج وجدته قد أصبح مجرد كومة من التراب تحت أقدام الجندي والمقاتل المصري خير أجناد الأرض وحرصت علي الصلاة هناك أنا وأحمد فراج ترحما علي أرواح شهداء العبور العظيم. الفنان لطفي لبيب أحد جنود سلاح المشاة خلال حرب أكتوبر قال: ذكريات حرب اكتوبر محفورة في أذهان المصريين عامة والجنود الذين خاضوا المعركة وعبروا علي وجه الخصوص فهي ذكريات الكرامة والعزة والفخر بالوطن. مضيفا شاركت في حرب أكتوبر من خلال وجودي في الكتيبة 26 وهي من الكتائب الأولي التي عبرت القناة من الجيش الثالث واستولت علي نقطتي ¢الملاحظة¢ و¢المسحورة¢ في خطا بارليف. وأتذكر اننا بعد أن احكمنا سيطرتنا علي العديد من نقاط العدو ظللنا نحمد الله ونغني لأن النصر كان هو عقيدة جميع الجنود في الحرب. وهو الأمل الذي ظللنا نسعي لتحقيقه. أشار لبيب إلي أن مصر الآن تحتاج لاستعادة روح حرب أكتوبر في العديد من مشكلاتها وقضاياها المعاصرة خاصة وأن أيام العبور العظيم أذابت الفوارق والخلافات والمشكلات حينئذ وكان الجميع يلتف حول هدف وأحد هو الانتصار. وللعلم فقد قمت بتأليف كتاب اسمه ¢الكتيبة 26¢ أرصد فيه وأحكي أدق التفاصيل التي جمعت بين أفراد كتيبتي التي شاركت في الحرب وكيف كانت العلاقة بين جميع الجنود في الكتيبة التي شاركت فيها. الفنان محمود الجندي الذي كان مجندا بسلاح المدفعية قال: أيام الحرب والعبور كانت مليئة بالذكريات خاصة وانني كنت وقتها مجندا بالجيش وكنت أري زملائي يسقطون أمامي ونحن نكمل بعدهم وكلها قصص فخر. لكن ما لا استطيع نسيانه وسط فرحة الانتصارات هو مشهد مطار فايد وأزمة الثغرة التي حدثت. فقد كانت تلك المرحلة من أصعب اللحظات التي رأيتها في الحرب. حيث كنا كجنود بين مرحلة الشك واليقين ولا نعرف ماذا يحدث تحديدا ولكن الصبر وإيماننا بالله والعزيمة جعلنا نعبر تلك الكبوة إلي بر الأمان. الفنان أحمد بدير أكد أن ذكرياته مع انتصارات اكتوبر حافلة ولا يمكن نسيانها مشددا علي أن قصة الشهيد المجند صابر ستظل خالدة في وجدانه. حيث طلب منه هذا المجند قبل استشهاده ان ينقل منه رسالة لأسرته. قال فيها بالحرف ¢بلغ أهلي أنهم ميخدوش العزاء بتاعي إلا لما تتحرر كل حتة في أرض مصر¢ وبالفعل أبلغت أهله هذه الرسالة وأصبح عددا من أسرته أصدقاء لي فيما بعد. مضيفا أن هذا الجند الشهيد كان يستعد للاحتفال بزواجه وبالفعل وزع علينا حلوي الفرح ولكن القدر لم يمهله لاتمام زفافه خاصة وأنه استشهد في الأيام الأولي للحرب. مشيرا إلي أن هذه القصة واحدة من ضمن مئات القصص الخالدة التي ستظل شاهدا علي عظمة وبسالة الجندي المصري وعقيدته القتالية في الحفاظ علي كل شبر من تراب هذا الوطن علي مر العصور وحتي الآن. الإعلامي حمدي الكنيسي تحدث عن اللحظات الأولي للانتصار قائلا: كنت متواجدا في استديو الإذاعة عندما أذيع أول بيان عن الحرب وبمجرد أن انتهي اتجهت إلي رئيس الإذاعة حينئذ محمد محمود شعبان الشهير باسم ¢بابا شارو¢ وطلبت منه أن يرسلني إلي الجبهة كمراسل حربي رغم اندهاشه في بداية الأمر إلا أنه لم يستطع الرفض أمام إصراري. وعلي الفور قام بالاتصال بالدكتور عبدالقادر حاتم نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام أيضا في هذا الوقت وبدأت بالفعل التنسيق مع الشئون المعنوية في القوات المسلحة وبدأت عملي فورا كمراسل حربي من جبهة القتال ضد العدو. والحقيقة ان ما رأيته في الأيام الأولي لا يمكن أن يمحي من ذاكرة أي بشر فالجنود كانت تقبل الأرض بمجرد عبورهم القناة ولم يكن يعوقهم نيران المدفعية الإسرائيلية أو شظايا الانفجارات كان الكل واحد علي الجبهة يبحث عن النصر. مضيفا أنه عند وصوله للجبهة وتحديدا في يوم السابع من اكتوبر طلب منه الضابط المسئول بالشئون المعنوية عدم العبور لأن إسرائيل كانت وقتها في حالة جنون ومدافعها لا تهدأ علي القناة أو الكباري التي انشأتها القوات المصرية لعبور الدبابات والمعدات. ورغم التزامي بالتعليمات في البداية إلا أن الانتظار قد طال وهو ما دفعني واحد زملائي لاستقلال قارب مطاطي للعبور به للجانب الآخر. وعند وصولنا استقبلنا احد جنود الصاعقة الذين كانوا قد دخلوا من قبل واحتلوا نقطة حصينة وطلب منا الحذر خلال سيرنا علي الساتر الترابي حتي نبتعد عن حقول الألغام. بخلاف دانات المدفعية التي كانت حولنا من كل مكان ولكن كان كل ما أفكر فيه وقتها هو تغطية الحرب ونقل صورة حقيقية عن بطولات جنودنا فيها وبمجرد أن وصلت إلي النقطة الحصينة بدأت التسجيلات علي الفور في لحظة لن يمحوها التاريخ من ذاكرتي أبدا.