سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زعزعة الاستقرار.. إفساد في الأرض يستوجب العقاب د.سعد الدين هلالي: لابد من وقف الفتنة.. درءا للفساد وحقنا للدماء د.عفاف النجار: الإسلام حدد الضوابط.. لتحقيق الأمن في المجتمع
رفض علماء الإسلام ما يحدث من زعزعة واستقرار للمجتمع علي أيدي فئة قليلة تحاول ترويع الآمنين بإفسادهم في الأرض.. مؤكدين أن الإسلام حدد الضوابط لتحقيق الأمن في المجتمع.. وطالبوا بعقوبات رادعة لكل من يثبت تورطه وتخريبه للمتلكات والمنشآت الخاصة والعامة وقطع الطرق لنهب الأموال لأن هذا إفساد في الأرض يستوجب العقاب. في الوقت نفسه طالب العلماء المسئولين في الدولة بتحقيق المطالب المشروعة للمظلومين ووقف الفتنة درءا للفساد وحقنا للدماء. يقول د.سعد الدين هلالي أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: يجب تفصيل الجريمة إلي قسمين حتي لا نظلم فئة علي حساب فئة أخري القسم الأول الجرائم الفردية التي تكتمل فيها أركان الجريمة سواء كانت من فرد أو من جماعة منظمة لتحقيق غرض غير مشروع أوغرض مشروع بوسيلة غير مشروعة لأن القاعدة الفقهية تقول "للوسائل حكم المقاصد" فكما تطالبنا الشريعة أن يكون المقصد مشروعا تلزمنا أيضا أن تكون الوسيلة مشروعة فلا تعرف الشريعة الإسلامية مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وإذا توافرت أركان الجريمة استحق المجرم فردا أو جماعة العقوبة المناسبة لجريمته إن كانت قتلا أو إتلافا أو سرقة أو اغتصابا أو ترويعا أوبعض ذلك أو كله. وفي حال ثبوت صفة الحرابة أو قطع الطريق فالقرآن الكريم قد نص في قوله سبحانه "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض" وقد اختلف الفقهاء في العقوبات الواردة في هذه الآية هل هي علي سبيل التخيير أم علي سبيل التنويع فيري بعض الفقهاء أنها علي سبيل التخيير فلولي الأمر أن يختار أي عقوبة مما ذكر في هذه الآية ويجريها علي من ثبتت عليه تهمة الجريمة المذكورة. ويري البعض الآخر كما يؤكد د.هلالي أن العقوبات المذكورة علي سبيل التنويع فالقتل لا يكون إلا لمن قتل والصلب لا يكون إلا لمن أتي بكل أعمال البلطجة من قتل وسرقة واغتصاب والنفي يكون لمن ارتكب جريمة الترويع دون قتل أو سرقة أو اغتصاب لأن حقوق الناس لا تسقط إلا بتسامح أصحابها أو الوفاء بها. ويشجع الإسلام إلي توبة هؤلاء ويدعوهم إلي إعلان تخليهم عن أعمال البلطجة التي يقومون بها مما يدخل في نطاق قطع الطريق وفي هذه الحال تسقط عقوبة الحد إن ثبتت التوبة قبل الإمساك بهم. قال د.هلالي إن سقوط الحد لا يمنع الوفاء بحقوق الآدميين التي انتهكوها حيث قال تعالي "إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعملوا أن الله غفور رحيم". القسم الثاني من أعمال البلطجة أو الشغب أو الخروج علي النظام لا يكون في صورة الجريمة وإنما يكون في صورة الفتنة حيث لا ينوي أصحاب هذا العمل القيام بعمل إجرامي وإنما يطالبون بأمر عام أو ما يستوهمونه مستحقا لهم أو يعبرون عن سخطهم بتقاعس النظام في تحقيق مصالحهم أو غير ذل مما يدخل في نطاق اختلاف الرؤي في المصالح.. هم يعبرون باسم فئة من الشعب في مواجهة النظام وليس في مواجهة فئة أخري من الشعب فتكون هذه الحالة صورة الفتنة وليست صورة الجريمة. والفتنة تستوجب علي أهل الحكمة من كل الأطراف أن يوقفوها درءا للفساد وحقنا للدماء دون وصف أهل الفتنة بالإجرام حتي لا تشتعل الفتنة أكثر ولأنهم أصحاب مصالح من وجهة نظرهم فلا يمكن تسميتهم مجرمين والمسئولية تقع بالقدر الأكبر علي النظام الحاكم الذي يجب أن يكون متسع الصدر وواسع الإدراك والأفق بما يحط بمخالفيه بالرحمة والإحسان والعدل.. ويسجل القرآن الكريم إشارة إلي هذا القسم مما أسميناه فتنة في قوله سبحانه وتعالي "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الأخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء إلي أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين". وقفة حاسمة أكدت الدكتورة عفاف النجار عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر أن زعزعة الاستقرار وترويع الآمنين من قبل البعض إفساد في الأرض يستوجب العقاب لأنهم يدمرون الممتلكات والمنشآت ويروعون الآمنين في بيوتهم.. لذلك يجب الضرب علي أيدي المخربين بيد من حدد فكفي ما حدث ولابد من وقفة جادة وحاسمة لإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد الأمين الذي وصفه الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم بأنه بلد آمن فقال جل شأنه "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".. رفضت د.النجار العبث والتخريب الذي يقوم به دعاة الفتنة من أعداء الإسلام الذين يعيثون في الأرض فسادا.. فالقرآن الكريم نزل علي قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم لينشيء به أمة وليقيم به دولة ولينظم به مجتمعا وليربي به ضمائر وأخلاقا وعقولا وليحدد به علاقات وسلوكيات الأفراد فيما بينهم وليضع قواعد وضوابط للحياة. حياة المرء مع نفسه. وحياته مع غيره من الناس. قالت إن الإسلام يقيم هذه الضوابط ويحددها بدقة ووضوح ويربطها كلها بالله سبحانه وتعالي لتحقيق الأمن في المجتمع فقال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" وعلي هذا فالمقصود بالعقود هو كل ضوابط الحياة التي قررها الله تعالي. هدف إنساني يقول د.حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو نقابة الأشراف: إن الأمن هدف سام إنساني.. فالله سبحانه وتعالي عندما خلق الكون وضع بين الخلائق ضوابط وحدودا لا يجوز أن يتعداها مخلوق علي الآخر.. ولذلك زود المخلوقات الضعيفة بأسلحة تقيها قوة الآخرين. ولقد من الله سبحانه وتعالي علي أبناء آدم بالأمن والسلام عندما قال "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر". وذكر الله سبحانه وتعالي أهل مكة بنعمتين من أسمي النعم وهي الإطعام من الجوع والأمن من الخوف "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". أضاف د.طه أنه عندما جاء الإسلام وضع ضوابط لسلامة الشارع الإسلامي وحدّ حدودا لمن يتعداها فعندما ننظر إلي جميع الحدود في الشريعة الإسلامية نجدها تدعو إلي أمان المجتمع وعدم افتراس القوي للضعيف "ولكم في القصاص حياة".. ثم سن قانون "الحرابة" لمن يخرج علي المجتمع فيروعه ويثير فيه البلبلة أو يعتدي علي أموال الآمنين وأعراضهم ودمائهم فجاءت آية الحرابة قاطعة مانعة "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض" فالذي خلق الخلق وهو أعلم بصنعته جعل هذا القانون واجب التنفيذ علي من يثير الرعب داخل المجتمع الآمن حتي لا تسفك الدماء وتسرق الأموال وتنتهك الأعراض. ولذلك كما يقول د.طه إن الذين يقومون بترويع الآمنين يعتبرون شواذ داخل المجتمع الإسلامي يجب علي الحاكم أو ولي الأمر أن يكون حازما في التعامل معهم وأن يضرب علي أيديهم بقوة من حديد وإلا لو تهاون الحاكم معهم لانتشرت الفوضي وعدم الأمان داخل المجتمع مما يؤدي إلي سقوط الدولة وعدم قدرتها علي الاستمرار.. ويجب علي الحاكم ألا تأخذه بهم رأفة إذا كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فعدم توقيع القصاص الحازم اللازم يؤدي إلي الاستهانة بالحاكم وعدم إقامة العدل في الأرض وفي ذلك فساد وإفساد حتي لا يلجأ كل فرد أن يأخذ حقه بيده وذلك تأمين للمجتمع وإقامة العدل بين الناس. فالعدل أساس الحكم.