انتشار ظاهرة تدوير الدواء باعادة الادوية منتهية الصلاحية في عبوات جديدة وبتاريخ حديث. انتعشت في مصر خلال السنوات الاخيرة مسببة كارثة صحية حيث تم في شهر واحد ضبط ملايين العبوات الفاسدة التي اعيد تعبئتها وطرحها للاسواق من خلال الصيدليات ليقع المرضي ضحايا لضعاف النفوس. * د.احمد فاروق- عضو مجلس نقابة الصيادلة ورئيس لجنة الصيدليات يؤكد ان ظاهرة تدوير الدواء تمثل كارثة طبية وبيئية خطيرة وهي تخالف كل القوانين والاعراف الصحية المتفق عليها فأي دواء تنتهي فترة صلاحيته من المفترض ان يتم تجميعه بواسطة الشركات المنتجة والموزعين ويتم اعدامه بمحاضر رسمية تحت اشراف الادارة العامة لشئون الصيدلة بوزارة الصحة وفي محارق او مدافن مخصصة لهذا الغرض وذلك بموجب القرار الوزاري 104 لسنة 2003 والمنشور الدوري 19 لسنة .2001 اضاف: ما يحدث عكس ذلك تماماً فالشركات تتعنت وترفض استلام الادوية منتهية الصلاحية او تنفيذ القرارات والقوانين في هذا الشأن وللاسف اقول ان ادارة شئون الصيدلة بالوزارة متواطئة في هذا المجال ولاتلتزم الشركات بتنفيذ القانون والنتيجة انه خلال العشر سنوات الاخيرة ضبطت مئات الالاف من الاطنان من الادوية منتهية الصلاحية يتم تداولها في الاسواق. استطرد قائلاً: وبسبب عدم جمع هذه النوعية من الدواء ليس امام الصيدلي سوي 3 حلول كلها تؤدي لنتائج كارثية الاول ان يقوم الصيدلي بنفسه علي اعدامها وهذا في منتهي الخطورة لان الدواء به مواد فعالة عبارة عن مواد بيولوجية او حيوية او كيميائية يجب ان تدفن وتعدم بطرق محددة وفي اماكن معينة واحراقها او اعدامها في العراء يؤدي إلي كارثة لانه يجعل اجسام المصريين تقوم بتكوين انواع من المقاومة الطبيعية للفطريات والفيروسات ومن ثم تنتشر الامراض بشكل غير عادي لان الدواء ليس له نتيجة فعالة. والحل الثاني ان يستجيب الصيدلي لسماسرة الدواء الذين يمرون علي الصيدليات لجمع الادوية منتهية الصلاحية مقابل 20% من الثمن ثم تذهب لمافيا الدواء التي تقوم هي بتدويرها من خلال وضعها في عبوات جديدة وبتواريخ صلاحية جديدة ويعاد تداولها مرة اخري في الصيدليات من خلال الموزعين والمخازن.. والحل الثالث يؤدي لنفس النتيجة وهو ان يقوم الصيدلي بالقائها في القمامة فيقوم "الفريزة" بجمع الادوية وتبدأ الدورة المعروفة لتصل في النهاية إلي مافيا الدواء الذين يقومون بتدويرها. اوضح ان هذا الكلام موثق بوقائع معينة فمحاضر النيابة تؤكد انه خلال العام الماضي فقط تم ضبط 20 قضية في منتهي الخطورة لادوية منتهية الصلاحية بعد اعادة تدويرها منها ضبط 10 ملايين عبوة منتهية الصلاحية في مدينة السلام و60 الف عبوة في الدقهلية. اوضح ان النقابة حاولت علاج هذه الظاهرة من خلال مناقشات ومحادثات مضنية مع غرفة صناعة الدواء وممثلي الموزعين وعقدنا معهم جلسات عديدة تم الاتفاق فيها علي كل شيء وعند التوقيع النهائي نجدهم يتنصلون من المسئولية نفس المحاولات تمت مع الادارة المركزية للصيدلية التي اكتشفنا انها تتواني في حماية صحة المواطن وحياته وبعد محادثات طويلة ايضاً فوجئنا بعد ذلك بخطاب رسمي من الادارة تؤكد فيه انه ليس لها علاقة بهذه القضية.. فمن اذن المسئول عن ذلك وعندئذ لم يكن امامنا سوي اللجوء للنيابة العامة لوقف هذا الامر وبالفعل امر النائب العام بتشكيل لجنة فنية لبحث القضية من جميع جوانبها ونحن في انتظار القرار. اكد ان منظومة الدواء في مصر في حاجة لتغيير جذري اذا اردنا الحفاظ علي ما بقي من سمعة الدواء الوطني والحفاظ علي صحة وحياة المواطن فلابد من سرعة انشاء هيئة عليا للدواء تكون مسئولة عن المنظومة من الالف للياء وتمارس دورها الرقابي وتلزم جميع الاطراف بتنفيذ القوانين وهذه ليست بدعة فكل الدول في العالم اخذت بهذا المسلك ومنها دول عديدة عربية وافريقية ويكفي ان اضرب مثلاً بالاردن التي ارتفعت صادراتها بعد انشاء الهيئة إلي 10 اضعاف الصادرات المصرية رغم ان حجم انتاجها من الدواء اقل بكثير من حجم الانتاج المصري. خسارة كبيرة * د.محمد الزهيري- صاحب صيدلية- اكد ان الصيدليات تعاني الامرين في مشكلة المرتجعات فهي تسبب خسائر مالية فادحة للصيدليات لان الشركات تتفتت في قبولها بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها وفي نفس الوقت لانستطيع ان نقوم باحراقها او التخلص منها في القمامة لان هذا يمثل خسارة مالية كبيرة بجانب ان ذلك يمثل كارثة صحية او مخالفة ضمائرنا وبيعها لمافيا الدواء. د.وائل ربيع - صاحب صيدلية - أكد أن الصيدليات الصغري هي الأكثر تضرراً من الظاهرة بسبب ضعف قدرتها علي تصريف ما لديها من أدوية وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نمتنع عن إحضار أصناف مختلفة من الدواء قد لا يتم تصريفها بسهولة لأن هذا يمثل خسارة للصيدليات وفي نفس الوقت يحرم المريض من حقه في الحصول علي الدواء. د.أسامة رستم رئيس القطاع التجاري وعضو مجلس إدارة بإحدي شركات الدواء وعضو غرفة صناعة الدواء قال إن انتشار ظاهرة تدوير الدواء ينذر بالخطر خاصة في ظل انعدام الرقابة والتفتيش حيث يمكن أن يتسبب الدواء الفاسد الذي يتم تدويره في الموت أو إصابة الشخص بأمراض لا حصر لها. أضاف أن الطريقة الوحيدة للقضاء علي الظاهرة بما لا يسمح بانتشارها أكثر من ذلك في سوق الدواء المصري هي المواجهة الحاسمة مع الصيدليات من جانب إدارة التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة باعتبارها الجهة المنوط بها مراقبة السوق. أوضح أنه منذ عام 2011 اتفقنا مع نقابة الصيادلة علي سياسة تسمي "غسيل السوق" بجمع الأدوية منتهية الصلاحية خلال 3 أشهر ثم سنة كاملة وتم جمع جميع الأدوية المنتهية الصلاحية ورغم أن الشركات كانت تشترط 2% فقط إلا أننا قمنا برفعها إلي 5% وتم تنظيف السوق تماماً. ولكن عادت الظاهرة من جديد لقيام الصيدليات بالتعامل مع جهات غير رسمية أو منوط بها توزيع الدواء ثم تطالبنا كشركات باسترداد رغم أنهم لا يمتلكون أي مستندات علي الشراء وعندما رفضنا قامت النقابة بشن حرب ضد الشركات والغرفة واتهمتهم بأنهم وراء انتشار ظاهرة تدوير الدواء. طالب بتعديل القانون تنظيم الصيدلة الذي يعود لعام 1954 حيث إن قيمة الغرامة لا تتجاوز 20 جنيهاً ولا تناسب قيمة ما يرتكبه الصيدلي من جرم بعرض أدوية منتهية الصلاحية وإحكام القبضة علي سلسلة توزيع الدواء بحيث لا يتم اختراقها من قبل بعض العاملين في التوزيع للدواء حتي لا نفتح باباً جديداً لتدوير الدواء ونمو هذه الصناعة المحرمة مما يسئ إلي سمعة الدواء المصري داخل وخارج مصر خاصة مع انتشار عصابات بالدول المجاورة تشجع هذه الظاهرة. الخصم الأكبر * د. فوزي بباوي - رئيس مجلس إدارة إحدي شركات الدواء يري ان السبب الرئيسي في المشكلة ليست الشركات ورغبتها في الربح كما يروج البعض لذلك ولكن في الاساس الصيدليات التي تعتمد علي نظام "الحرق" أي شراء كميات كبيرة بنسب خصم مرتفعة من المخازن والموزعين فبعض الصيدليات نسب البيع فيها تكون 25 علبة شهرياً من دواء ما وتقوم هي بشراء 150 علبة طمعاً في نسبة الخصم الأعلي ولا تستطيع بعد ذلك تصريفها ومن ثم تزداد نسبة المرتجعات في الصيدليات. السياسات الخاطئة د.علاء السمان رئيس لجنة التسعير بغرفة الصناعات الدوائية قال إن إعادة تدوير الدواء يعود بالدرجة الأولي إلي زيادة مرتجعات الصيدليات تلك الظاهرة التي يعاني منها القطاع الصيدلي في مصر خلال السنوات الماضية نتيجة السياسات الخاطئة التي تنتهجها الصيدليات في الحصول علي كميات كبيرة من الأدوية بصورة غير مشروعة. أضاف من الضروري لكي نصل لحل هذه المشكلة أن يلتزم الموزع باستيراد ما قيتمه 2% من الأدوية التي حصلت عليها الصيدلية بشرط أن تكون الصيدلية تمتلك لمستندات وفواتير وأيضاً إلزام الصيدليات بعدم اللجوء للمخازن التي غالباً ما تكون في أماكن بعيدة عن الرقابة حيث يكون مشكوكاً في صحة الأدوية الموجودة لديها. أيضاً يمكن التغلب علي المشكلة من خلال تفعيل القانون الذي ينص علي أن قيمة الأدوية المنتهية الصلاحية تخصم من الوعاء الضريبي حتي يتم تخفيف العبء عن الصيدليات ولا يسعي للتخلص منها بأي طريقة حتي لو كانت من خلال بيعها لسماسرة الدواء. د.محمد عبدالرسول - المدير السابق لإحدي شركات قطاع الأعمال طالب بضرورة أن تتولي شركات قطاع الأعمال والشركات الدولية والاستثمارية الكبيرة فقط مسئولية مد الصيدليات باحتياجاتها من الدواء فهي الوحيدة القادرة علي تنفيذ سياسة الاسترجاع قبل انتهاء الصلاحية ب3 أشهر وهذا السبيل الوحيد لمواجهة ظاهرة تدوير الدواء لأن الشركات الصغري أو تقوم بالتصنيع لحساب الغير ليس لديها القدرة المادية لقبول المرتجع. قال إن السوق يعاني منذ 10 سنوات من فوضي تتمثل في الغش والتهريب والتدوير وبير السلم وهذا يستلزم منظومة متكاملة تتولي إدارتها هيئة مستقلة للدواء تراقب وتنظم التصنيع والتوزيع والتداول بما يضمن حق كل الأطراف.