كان بودي أن أعبر عن سعادتي بإعلان السيسي الترشح للرئاسة وما يواكب ذلك من تفاؤل باستعادة مصر إلي مكانتها وريادتها وبتحقيق أهداف الثورة التي قامت في الأساس من أجل الأمل في المستقبل. لكن يؤلمني بشدة ما يعانيه أستاذي وأستاذ أجيال عدة الروائي الكبير محمد جبريل من آلام مبرحة في العمود الفقري. أفني محمد جبريل عمره في خدمة العمل الثقافي وقضي 54 عاما في بلاط صاحبة الجلالة كاتبا متميزا تخرج علي يديه العديد من مبدعي مصر الذين يدينون له بالفضل في تقديمهم للمشهد الثقافي من أوسع أبوابه. خاصة مبدعي الأقاليم عبر صفحته بالمساء الأسبوعي. وكانت بداية تعلقي بمحمد جبريل منذ دراستي الجامعية علي يد د. طاهر مكي الذي كان يدرس لنا الأدب الأندلسي والأدب المقارن ويعقد مقارنات بين روايته العبقرية "الأسوار" وبين عدة روايات عالمية أخري. وأردت أن أري جبريل فزرته في مكتبه واستقبلتني حفاوته التي تعود أن يستقبل بها زائريه ولم تمر الأيام إلا وكنت واحدا من رواد ندوته الأدبية الأسبوعية كشاعر. تبني محمد جبريل موهبتي وشجعني علي مواصلة الطريق وظللت أردد جملته الشهيرة كلما أهداني كتابا من كتبه: إلي حسن حامد أملنا في الشعر. وبقدر الإيجاز في جملة الإهداء كان حلمي يتسع بمساحة المدي أن أحقق هذا الأمل وأصبح شاعرا يستحق هذا الإهداء. والآن يرقد محمد جبريل علي فراش المرض يعاني من آلام العمود الفقري حيث تضغط الفقرات علي العصب الشوكي مما يستلزم معه إجراء عملية جراحية ربما تصل تكلفتها إلي مائة ألف جنيه والدولة حتي الآن ودن من طين وودن من عجين. ألم يحن وقت رد الجميل لهذه القامة الأدبية الكبيرة وهذه الهامة التي ظلت مرفوعة دوما وأبدا ولم تستجد يوما من الدولة شيئاً؟. ألم يحن الوقت لتبادر الدولة بالتحرك السريع لإنقاذ أحد رموز الرواية العربية علي اتساع الوطن العربي بأكمله وأحد الذين بذلوا جهدههم وأفنوا عمرهم وحملوا هم وطنهم فقدم لنا مصر في أبهي صورها. ليس في كتابه الهام الذي حصد الكثير من الجوائز "مصر في قصص كتابها المعاصرين" فحسب. وإنما عبر نبض آلاف الصفحات التي كتبها بكل الحب والانتماء. لماذا لم تتحرك الدولة إلي الآن وكل دقيقة تمر يزداد الأمر سوءا؟. وأين وزارة الثقافة وأين اتحاد الكتاب وأين نقابة الصحفيين وأين صناديق الحالات الحرجة التي لو طالت كل ما نملك لالتهمته؟. وهل تنتظر الدولة إن نناشد المشير السيسي أو الرئيس عدلي منصور أو المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء أو صابر عرب وزير الثقافة أو محمد السلماوي رئيس اتحاد الكتاب أو ضياء رشوان نقيب الصحفيين أو غيرهم لاتخاذ الإجراءات الفورية لإنقاذ محمد جبريل ؟. إنها المأساة أن يقال لمحمد جبريل بعد كل ما قدمه من أجل مصر: أخبارك إيه مع التأمين الصحي؟. لسنا في حاجة إلي أن نناشد أحدا لأن جبريل يستحق بما قدمه لمصر أن تبادر الدولة برعايته رعاية طيبة كاملة في هذه الظروف المرضية الحرجة التي يمر بها. ولسنا في حاجة إلي أن نستدر عطف المسئولين أو نستجدي اهتمامهم لأن جبريل يستحق بما قدمه لمصر أن يمنحوه اهتمامهم. ويكفيني والله أن أقول إنه محمد جبريل يا سادة ومن لايعرف قيمته فلا يستحق أن يبقي في موقعه