انتابتني حالة من البكاء الشديد.. عندما رأيت رجلا بسيطا للغاية يمشي ومعه في يده طفل عمره خمس سنوات قادم إلي مؤسستنا ويسأل عن أحد المسئولين!! لاحظت ان الطفل حباه الله بجمال رباني.. جذبني إليه.. فسألت الأب بفضول ليس من عادتي لماذا تريد مقابلة هذا المسئول.. فانفجر الأب بأدب شديد قائلاً: ابني هذا ابتلاه الله بمرض السرطان وذهبت به إلي مستشفي ..57357 وعاملوا ابني معاملة ممتازة للغاية ولكن اضطر الأطباء لاستئصال عينيه اليمني واليسري وأصبح كما تري ضريرا.. وكان هذا منذ عامين وانتهت الأزمة والحمد لله.. ولكن المرض عاوده من جديد وذهبت به إلي نفس المستشفي لأنه يعالج الأطفال بالمجان تماما فأكد الأطباء انه يحتاج إلي علاج كيماوي مرة أخري.. ومرض ابني أجبرني علي ترك عملي والتفرغ له.. وتركت زوجتي ترعي أبنائي الآخرين.. ونحن بكل صراحة بلا دخل تماما ولا أعرف أحدا في القاهرة وأولاد الحلال دلوني علي هذا المكان لأن به أهل خير يتبرعون لمثل هذه الحالات!! بصراحة أخذت أبكي بشدة هذا الطفل الذي أتحدي أن يراه أحد ويعلم ما أصابه ولا يبكي.. خاصة مع هذا الأب الصابر الذي لم يهتز ايمانه بالله سبحانه وباع كل أملاكه حتي أصبح بلا أي دخل علي الاطلاق!! وبعد أن هدأت أعصابي نوعا ما.. من شدة التأثر.. فإنني أتوجه بسؤالي إلي أي مسئول في أي مكان أو موقع.. هل ضميرك مرتاح؟! ومصر تمتليء بمثل هذه النوعية من البشر المبتلين في أعز ما يملكون؟!.. وهل إذا رضي مثل هذا المواطن بالخروج في مظاهرات جماعة الاخوان مقابل جنيهات تعينه علي الحياة.. يمكن أن نوجه له اللوم؟!.. ومتي يتمتع أمثال هذا الرجل بما يضمن له الحياة الكريمة وحقه وحقه أولاده في الحياة والعلاج؟! أم نظل نتصارع علي المناصب والكراسي.. وأسئلة أخري تحتاج لإجابات شافية حتي تصل الثورة إلي الغالبية العظمي من الشعب!!