بعد فشل المفاوضات لإقرار الحد الأدني للأجور بالقطاع الخاص والوصول لتوافق لهذه القيمة بين أطراف العمل خاصة فيما يتعلق بالتشريعات المنظمة لسوق العمل.. "المساء" فتحت هذا الملف لمعرفة كيفية الخروج من هذه الأزمة وإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف. اختلف خبراء الاقتصاد وأصحاب الأعمال ورؤساء بعض النقابات العمالية حول كيفية الخروج من الأزمة فالبعض طالب بوضع قوانين صارمة علي أصحاب الأعمال ومراقبتهم لتنفيذ هذه القوانين وعدم حصولهم علي أي امتيازات في حالة حصول الشركة علي مكاسب مادية. لبعض الآخر من رجال الأعمال يرفض تنفيذ هذا القانون في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد خبراء الاقتصاد عابوا علي الحكومة التوقيت الخاطيء لعرض ومناقشة هذا القانون وأكدوا أنه كان يجب الانتظار لحين استقرار الأوضاع وعودة السياحة والاستثمار مع ربط الأجر بالإنتاج حتي يشعر العامل بأهمية العمل والانتماء له. * حمدي حسين عضو بسكرتارية اللجنة التنسيقية لحقوق العمال قال: إن التعديلات في القوانين سهلة جداً ولكنها تحتاج إرادة قوية لا تمتلكها الحكومة الحالية فهي بلا إرادة أو مسئولية وفي موضوع الحد الأدني متوفر لدي الدولة السبل التي تجعلنا نضع لائحة جيدة ولا تأخذ من ميزانية الدولة لذلك يجب تغيير قانون العمل رقم 12 وإصدار قانون العمل الموحد الذي يضم القطاع العام والخاص والاستثماري وقانون 203 لسنة 2001 الذي حول شركات القطاع العام إلي قطاع أعمال بغرض تفتيتها وبيعها وخصخصتها. أضاف: يجب صياغة قانون يعطي العمال الحق في التأمينات علي الأجر الشامل وتوقيع غرامات والحبس لمن يتهرب من التأمينات والضرائب فهناك 26 ملياردير في مصر يتهربون من ضرائب تصل قيمتها إلي 63 مليار جنيه وأي صاحب عمل يغلق مصنعه بدون سبب يتم سحب الرخصة منه لأنه يفعل ذلك لتغيير النشاط أو التهرب الضريبي للحصول علي عمالة جديدة بمرتب أقل وتحديد 8 ساعات عمل جادة وحقيقية ليستفيد مها العامل وصاحب العمل والدولة وربط الأجر بالأسعار وليس بالإنتاج. * البدري فرغلي رئيس اتحاد أصحاب المعاشات قال: الخلاف القائم في وضع حد أدني للأجور موجود منذ سنوات وللأسف حتي الآن لم يتم اتخاذ قرار ينصف العمال بسبب انحياز من يحكمون لصالح القطاع الخاص الذين هم سبب المشكلة لأنهم يساهمون في إرساء القوانين المعادية لعمال ورجال الأعمال يحصلون علي دعم من ثروات الشعب وللأسف القطاع الخاص في مصر يختلف عن كل القطاعات الخاصة في العالم. أضاف: هناك ما يقرب من 42 مستثمراً يحصلون علي ما يقرب من 80 مليار جنيه في صورة دعم من الحكومة في الطاقة فنحن نتعامل مع رأسمالية متوحشة استولت علي كل الثروات وفي نفس الوقت ترفض وضع حد أدني لأجور وللعلم قرار الحد الأدني لأجور بمبلغ 1200 جنيه جاء بحكم محكمة منذ سنوات ورجال الأعمال روا تنفيذه وعلي الدولة أن تحاسب كل من يرفض التنفيذ لأن من لا يطبق العدالة الاجتماعية لا يحصل علي كل هذه الامتيازات من دعم طاقة وأراض بأسعار رمزية وإعفاءات ضريبية. * شريف إدريس رئيس حزب عمال مصر تحت التأسيس ورئيس جمعية حماية الإنسان للتنمية البشرية قال: السبب في عدم وضع حد أدني للأجور حتي الآن في القوانين التي لا تحترم العمل والمستثمر فهناك قانون رقم 12 لسنة 203 وهو قانون معيب لابد من تغييره ولكن الأوضاع الراهنة حالت دون ذلك وبإمكان مجلس الوزراء أبطال هذا القانون وتقديم طلب لرئاسة الجمهورية أو الانتظار لحين إجراء انتخابات برلمانية. أضاف: القطاع الخاص يحصل علي امتيازات كثيرة وأمام ذلك لابد أن يحصل العامل علي حقه فالمعروف أن القطاع الخاص لا يسمح بوجود عمالة زائدة عن حاجته أو عامل لا يؤدي ساعات العمل المطلوبة لذلك يجب أن يحصل كل من الطرفين علي حقه. طالب وزير القوي العاملة بأن يكون له دور في حل مثل هذه الأمور وبرلمان يشرع تشريعات في صالح العامل والمستثمر وفض الأمن في الشوارع ومنع الاحتكار وتكون الدولة شريك في بعض المشروعات أي دولة منتجة.. ويكون للمجتمع المدني أيضاً دور ويستقطع 20% من الضرائب التي يدفعها المستثمر لتنفيذ الحد الأدني للأجور ويتم الإعفاء من الزيادة في حالة تعرض الشركة للخسارة وعدم تحقيق أرباح. وعلي الجانب الآخر الحصول علي الضرائب كاملة من الشركات التي تحصل علي أرباح مثل شركات المحمول الثلاثة وشركات البترول الأجنبية وشركات الحديد والصلب الخاصة ويطبق الحد الأدني للأجور. * تساءل خالد الجرحي رجل أعمال ورئيس مجلس إدارة الغردقة للتجارة والاستيراد قائلاً: كيف يتم تحديد مبلغ الحد الأدني والأسعار تتغير والثقافات تتغير أيضاً وهناك شكات كثيرة توقف العمل بها بسبب الاعتصامات المتكررة للعاملين وتغيير للمرتب أكثر من 5 مرات خلال العامين الماضيين كما أن الطاقة الإنتاجية تدنت إلي النصف وكل هذه الظروف أثرت علي صاحب رأس المال بنسبة كبيرة. يضيف: لا مانع من وضع حد أدني للأجور ولكن يجب توفير الحماية لصاحب رأس المال وعدم وجود إضرابات واعتصامات متكررة للمطالبة بالأرباح مع الشركات التي تخسر وحماية المصنع كمنشأة من عبث الأفراد ولا يتم وقف العمل لأي ظرف ما وإذا حدث ذلك لا يتم الاعتماد علي هذا الموظف وربط المرتب بالإنتاج في القطاع الخاص. * ناجي ألبير نقيب المستثمرين الصناعيين بأكتوبر قال: كيف يتم تحديد حد أدني للأجور بمبلغ 1200 جنيه في الوقت الحالي والراهن الذي تمر به البلاد في ظل الظروف السياسية والاقتصادية المتدنية والاعتصامات التي تملأ الميادين وإذا تم الاتفاق والإصرار علي ذلك سوف يؤدي إلي زيادة نسبة البطالة بمصر لأن كثيرا من رجال الأعمال سوف يستغنون عن عدد كبير من العمال. * الدكتور أسامة عبدالخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية والأستاذ بجامعة عين شمس قال: المشكلة في عدم انتظام العمل الخاص في مصر بمعني آخر أن هناك 40% من الاقتصاد المصري عشوائي وغير منظم فالقطاع الخاص يمثل 50% أي 10% فقط هو المنظم فنحن نتعامل مع قطاع غير مرئي وهلامي والدولة لا تستطيع أن تفرض أي نوع من الهيمنة عليه والعاملون في هذا القطاع العشوائي بخضعون لسياسات وأوضاع لا علاقة لها بالدولة وهذا يجعل من الصعوبة تطبيق قوانين الدولة من التأمينات والضرائب عليهم فكيف يمكن تصور وضع حد أدني لهذا النوع من القطاعات. يضيف: هناك قواعد دولية لابد من العمل بها في وضع الحد الأدني للأجور طبقاً لمنظمة العمل الدولية.. بحيث تتصاعد تدريجياً مع كل تغيير يطرأ علي هذا التعريف واختلاف المؤهل والخبرات وكل سنة خبرة تزيد 5%. * يري الدكتور شريف حافظ رئيس المنتدي الاقتصادي للتنمية والعدالة الاجتماعية أن المشكلة الأساسية تتعلق بأن المخرجات للعمالة الحقيقية المؤهلة في مصر قليلة جداً وهذا يؤدي إلي أن تصبح هذه العمالة غالية.. فلا يوجد تنظيمات مهنية وعمالية قوية تستطيع الدخول في مفاوضات مع أصحاب العمل بشكل مبني علي المصالح المشتركة وهناك بعض رجال الأعمال يتحكم في نسبة كبيرة منهم. أضاف: التأمينات الاجتماعية كبيرة جداً لذلك يتحايل عليها صاحب العمل لذا لابد من التنظيم فلا يجب أن تكون هناك تأمينات أو تأمينات علي أساس المرتب فقط وليس إجمالي المرتب ويتم تحديد مبلغ الحد الأدني الذي يوفر حياة كريمة للعامل ودعم للبطالة وسكن ومأكل. * طارق حافظ ومحمد عزالدين يعملان بمحل قطع غيار السيارات: يوجد تأمينات يدفعها صاحب العمل لأنه لا يوجد من يحكم صاحب العمل فهو رئيس نفسه ولا يوجد من يحاسبه ودائماً الأحوال الاقتصادية تتحكم في المرتبات التي نحصل عليها ونطالب الحكومة الاهتمام بموظفي القطاع الخاص ووضع تشريع ينظم هذا القطاع. * مصطفي عبده موظف بإحدي شركات القطاع الخاص قال: لا يوجد ثبات في المرتبات التي يحصل عليها العاملون بالقطاع الخاص ولا يوجد من يراقبهم في وضع التأمينات الخاصة بالعاملين فكل منهم يضع التأمينات حسب أهوائه الشخصية لذلك يجب أن تشكل لجنة من وزارة التضامن الاجتماعي تكون مهمتها مراقبة أصحاب العمل الخاص والمتابعة مع العاملين أنفسهم. * حاتم صلاح الدين موظف أحد بأحد المحال التجارية قال: لابد من وضع حد أدني للأجور لأن ذلك في مصلحة العامل ولكن كثيرا من أصحاب الأعمال في الوقت الحالي لن يستطيعوا تنفيذ ذلك بسبب الحالة الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد فيجب أن ننتظر لحين استقرار الأوضاع ثم نفكر في كيفية تطبيق وتنفيذ هذا القانون. يقول سيف الدين عبدالعظيم موظف بإحدي شركات المقاولات: أحصل علي مرتب أعلي من الحد الأدني الذي تقول عنه الدولة ولدي التأمينات الخاصة بي وصاحب العمل مهتم بتوفير كل مطالبنا والمرتبات ولكن هناك بعض رجال الأعمال أو المستثمرين أو أصحاب شركات يتهربون من السداد لذلك لابد من وضع قوانين تراقب هؤلاء ومدي تنفيذ هذه القوانين.