نجح كل من جمعية النور والأمل وسفارة اسبانيا بالقاهرة والوكالة الأسبانية للتعاون الدولي والتنمية ان يقدموا للجمهور المصري ليلة موسيقية ممتعة وراقية تعبر عن التعاون الفني والإنساني في صورة كاملة.. السهرة اقيمت علي المسرح الصغير بدار الأوبرا وانقسمت إلي فاصلين انفرد عازف الفلوت الأسباني "ألبارو ماريياس" بالفاصل الأول وصاحبته فيه علي آلة البيانو العازفة "وبلانكا كالبو" وادي الاثنان تسع مقطوعات موسيقية تعد من قمم ريبرتوار آلة الفلوت وجاءت متنوعة في الشكل والمضمون فنجد بعضها مؤلفات خاصة لهذه الآلة والبعض الآخر تم صياغته لها وبعضها يمتاز بالحيوية والنشاط وبعضها هادئ وناعم ولكن العامل المشترك بين جميع المقطوعات انهم في الفترة الزمنية من أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين وان هناك دقة في الأداء وتميز ومهارة وحرفية من العازفين والجميل ان بعض هذه المقطوعات لم يسبق لنا سماعها في قاعاتنا الموسيقية.. والعازفان عملا كثنائي في العديد من الفرق ولهما جولات في عدد من الدول وماريياس من العازفين البارعين الذي كتب بعض المؤلفات أعمالا خصيصا له وهو استاذ للفلوت بالكونسرفتوار الملكي بمدريد ويمتلك مجموعة من الآلات النادرة التي لها قيمة تاريخية من بينها آلتا فلوت من العاج يرجع تاريخ صنعهما إلي عام ..1820 اما عازفة البيانو بلانكا فهي متخصصة في موسيقي الحجرة والألحان الغنائية الأسبانية كما انها مؤلفة ومحاضرة في العديد من الجامعات وراوية للحفلات الموسيقية.. والاثنان يزوران مصر للمرة الأولي. ألحان إسبانية بداية البرنامج كانت مع مقطوعة "مارديجال" للمؤلف الفرنسي فيليب جوبير "1879 1941" الذي كان عازفا للفلوت ولهذا مؤلفاته تتميز بالتكنيك القوي وتحتاج دائما للعازف الماهر ولهذا يحرص عازفو الفلوت أن تكون ضمن ريبرتووارهم وقد كانت بداية طيبة استطاع ان يقدم بها العازف نفسه للجمهور الذي اطمأن انه امام عازف ماهر وسوف يستمتع بعزف جيد. تضمن البرنامج مقطوعة "سيرانكس" من مؤلفات ديبوسي "1862 1918" وتعد أيضا من المعزوفات الهامة حيث انها للفلوت المنفرد بدون مصاحبته وقد عزفها العازف بالمهارة التي تتطلبها وحافظ علي الاحساس التي تتميز به هذه المقطوعة قدم لنا العازف أيضا من المقطوعات العالمية "سيسيليانا" لجبرائيل فوريه "1845 1924" و"أنتراكت" لجاك إيبير "1890 1962" و"هابانيرا" لموريس رافيل "1875 1937" وبرازيليراس باكياناس رقم 5 للمؤلف البرازيلي هيتور فيلا لوبوس "1887 1959" وهذه المقطوعات أيضا يغلب عليها الجو الإسباني فمعظمها يتم تقديمها مع الجيتار ولكن هنا كما سبق ان ذكرنا تم تقديم نسخ البيانو والتي أيضا كانت عازفته تتميز باحساس عال ومهارة تكنيكية اتضحت في المقطوعات الأسبانية التي أختتمت بها الفصل الأول والتي بدأت بثلاث أغان شعبية لجارسيا لوركا "1898 1936" وهي مقطوعة غنائية لصوت السبرانو تم هنال صياغتها للفلوت والمقطوعة الثانية كانت رقصة اسبانية رقم 5 لاريك جرانادوس "1867 1916" وكان الختام مع متتالية اسبانية شعبية للمؤلف الأسباني الشهير مانويل دي فايا "1876 1946" والذي كانت موسيقاه نجمة الحفل كما سوف يتضح في السطور القادمة. النور والأمل الفصل الثاني كان من نصيب أوركسترا النور والأمل والذي يعد اللمحة الانسانية في هذا الحفل وهذا الفريق نسائي يتكون من مجموعة من الفتيات الكفيفات ويعد من أهم انجازات جمعية النور والأمل الخيرية بدأ بفكرة من د. سمحة الخولي وكان في البداية مجرد أوركسترا وتري وتطور واصبح حاليا أوركسترا سيمفوني ممثل فيه كل المجموعات الآلية ولديه ريبرتوار كبير من المؤلفات العالمية والمحلية ورغم ندرة الحفلات التي يقيمها في مصر إلا أنه في كل مرة نشاهده نلحظ تطورا في شكله ومضمونة واعتقد ان هذا يعود إلي قائده الحالي علي عثمان الذي له دور رئيسي في هذا لأنه مؤلف موسيقي موهوب ودارس ومالك أدواته وله خبرة وحس قومي عال وهذا اتصح في هذا الحفل حيث اختار برنامجا يتناسب مع الليلة الأسبانية فقدم مؤلفات عالمية متنوعة تلقي الضوء علي ريبرتوار الفرقة وتوضح مهارة عازفية ثم قدم مؤلفات اسبانية شهيرة وبشكل عام أداء كل المقطوعات جاء متميزا يتضح فيه التدريب الجيد وأيضا التفسير الواعي لهذه الأعمال من المايسترو الذي لا يقود بعصا بل يقف بجانب الفريق لإعطاء بعض التعليمات الشفوية همسا. البداية كانت مع مقطوعة رقصات مجرية رقم 5 للمؤلف الألماني يوهان برامز "1833 1897" ثم قدم مقطوعة الهابينرا من اوبرا كارمن للمؤلف الفرنسي الشهير جورج بيزيه "1838 1875" ومن أعمال المؤلف الروسي بيتر إليتش تشايكوفسكي "1840 1893" عزفوا فالس الجمال النائم أما الختام كان مع رقصة النار للمؤلف الأسباني "دي فاية" والتي تعد من المقطوعات الشهيرة والتي ليست غريبة علي الأذن المصرية حيث سبق ان استخدمها فريق الأطرش في احد افلامه ورقصت عليها سامية جمال وهي تمتاز بالنشاط والسرعة وتؤديها كل مجموعات الأوركسترا بالاضافة للبيانو الذي عزفت عليه د. وفاء جمعة ثم كانت المفاجأة تقديم أحد مؤلفات عصر الباروك حيث استمعنا للحركة الرابعة من كونشرتو في سلم مي الصغير للمؤلف جورج فيليب تليمان "1681 1767" والتي يؤديهها عازف الفلوت الأسباني الذي استخدم هنا آلة خشبية قديمة ورافقته العازفة عايدة إبراهيم من الأوركسترا علي آلة الفلوت الحديثة وكانت هذه من أجل ما تم تقديمه في البرنامج لأن العمل لم يسبق أداؤه في الساحة الموسيقية المصرية كما أنها كانت الفقرة المشتركة الوحيدة بين الفريق المحلي والفنانين الأسبان الزائرين وقد نالت اعجاب الحاضرين ثم استمر التصفيق الحار مما اضطر الفريق للجلوس مرة أخري للعزف ولكن المفاجأة انهم لم يعيدوا احدي مقطوعات البرنامج بل قدموا عددا من المقطوعات اللاتي اشتهرت بها منها الحركة الأولي من السيمفونية 40 وسرينادة للوتريات من مؤلفات موتسارت ومقطوعة فراندول لبيزيه.. واسدل الستار وسط تصفيق وصيحات اعجاب عالية من الجمهور لتصل إلي أذن هؤلاء الفتيات اللائي أضفن الجمال والنور علي هذه الليلة بعزفهن الجميل.