تقديم مواهب جديدة في مجال العزف كان ميزة حفل اوركسترا القاهرة السيمفوني الأخير علي المسرح الكبير والذي قاده المايسترو الإيطالي الزائر الشاب روبيرتو جيانولا حيث كان هناك عزف منفرد لكل من آلتي الأبوا والهارب لاثنين من اعضاء الفريق يعزفان لأول مرة كعازفين منفردين مما يمثل إضافة للساحة الموسيقية. تضمن برنامج الحفل 4 فقرات معظمها جديد علي الرصيد الفني للسيمفوني ومع هذا لا يمثل هذا البرنامج إضافة للأوركسترا حيث إنه يكون مناسباً أكثر لفريق موسيقي حجرة ليس لديه إمكانيات السيموفني الكبيرة من مجموعات آلية متكاملة وفريق كورال كبير العدد ومتخصص حيث إن معظم المقطوعات تم تأليفها لفرق محدودة في عدد الآلات.. كونشرتو الأوبوا المقطوعة الأولي في البرنامج كونشرتو للأبوا والأوركسترا الوتري للمؤلف الساندرو مارتشيللو "1669 - 1747" وهو مؤلف إيطالي من عصر الباروك اشتهر بمؤلفاته لآلات النفخ حيث أبدع مجموعة من 6 كونشرتات للآلات الخشبية سميت مجموعة القيثارة والذي يعد اشهرها هذا الكونشرتو الذي تم تأليفه ما بين عام 1708 و1713 وهو مكون من 3 حركات "متمهل السرعة وبطيء السرعة" وفيه فرصة كبيرة لإظهار إمكانيات ومهارات العازف المنفرد والذي هنا نراه لأول مرة أنه مصطفي العربي الذي تخرج من الكونسرفتوار وأصبح معيداً في قسم النفخ من عام 2006 وتتلمذ علي يد د. طارق مهران بعد ان أهله لذلك مدرس آلات النفخ فاروق المصري وبعد ذلك سافر إلي باريس ليلتحق بفصل العازف الشهير ميشيل بينيه وحصل علي أعلي شهادة في العزف المنفرد من كونسرفتوار باريس cnr عام ..2011 وهو حالياً يشغل منصب أستاذ بكونسرفتوار القاهرة ومساعد ليدر بأوركسترا القاهرة السيمفوني.. والعازف هنا كان واضحاً تمكنه من الآلة وفهمه الجيد للمرحلة التي كتب فيها هذا العمل وطبيعة الأداء بها وقد تمثل ذلك بوضوح في الأجزاء التي يؤديها منفرداً وايضاً في حواره مع مجموعة الآلات أو آلة بعينها أما الحركة الثانية والتي تعد اشهر أجزاء هذا العمل فقد نجح فيها هو والمايسترو والفريق حيث استطاع الجميع إظهار الجانب العاطفي والتعبيري والميلودية العالية التي تتميز بها هذه الحركة البطيئة.. آلة الهارب اما العمل الثاني والذي سوف نلقي الضوء عليه هنا مقطوعة المؤلف الفرنسي الشهير موريس رافيل "1875 - 1937" والتي كانت الفقرة الثالثة في البرنامج وعنوانها "مقدمة وأليجرو للهارب والفلوت والكلارنيت والوتريات" ويرجع سبب كتابة العمل لعام 1904 حين قامت شركة "بلايل" المتخصصة في صناعة الآلات بتكليف المؤلف الفرنسي الشهير ديبوسي بكتابة عمل لآلة هارب جديدة تظهر مزاياها كنوع من الدعاية وتقليداً لهذا قامت الشركة المنافسة"إيرار" عام 1905 بتصميم وتصنيع آلة هارب جديدة ذات بدال مزدوج وكلفت موريس رافيل بكتابة عمل يظهر إمكانياتها التعبيرية فكان هذا العمل الذي نحن بصدده الآن والذي يتكون من حركتين قصيرتين "مقدمة وأليجرو" وشاءت الأقدار ان يكتب لهذه الآلة الجديدة النجاح وصارت هي المتداولة حتي اليوم ولعبت عليها في هذا الحفل الوجه الجديد أميرة حامد والتي هي من مواليد 1980 وتتلمذت في الكونسرفتوار في يد د. ناهد ذكري بكونسرفتوار القاهري وشاركت في ورشة عمل مع عازفة الهارب الفرنسية ماري كلير جامية بكونسرفتوار باريس عام 1997 ومع العازفة بريجيت سلفستر عام 2000 وحصلت علي درجة الماجستير عام 2010 وهي الآن مدرس مساعد بالكونسرفتوار وتقوم بإعداد رسالة الدكتوراة.. واما اداءها في هذا الحفل فكان موفقاً حيث استطاعت ان تبرز ما يقصده المؤلف من بيان مميزات الآلة وخاصة في الناحية التعبيرية التي تميز مؤلفات رافيل خاصة والمدرسة الموسيقية الفرنسية عامة كما استطاعت ايضاً ان تستعرض قدراتها التكنيكية لتؤكد مهارتها وكان واضحاً ايضاً فهم المايسترو للمقطوعة فحافظ علي البناء المحكم والتلوين مع الحيوية الواضحة والذي قصده المؤلف بهدف استغلال كل إمكانيات الآلة الجديدة والذي كان واضحاً في تطوير المادة اللحنية في الحركة الثانية والمأخوذة من لحن المقدمة وقد ساعد علي نجاح العمل اختيار المايسترو الجيد لعازفي الكلارنيت والفلوت الماهرين وهما يونج كي شوي وبيتر أولاه رواد مجموعتهما في الفريق ولهما دور بارز في هذه المقطوعة منذ استهلالهما الجميل في البداية وحوارهما مع الهارب وايضاً نجح في اختيار عازفي الوتريات الذين ايضاً لهم دور اساسي في هذا العمل الجميل.. تضمن برنامج الحفل أيضاً متتالية من باليه "باخوس وأرديانا" رقم 2 مصنف 43 للمؤلف الفرنسي ألبير روسيل "1869 - 1937" وسيمفونية رقم 101 في سلم ري الكبير لفرانز جوزيف هايدن "1732 - 1809" والمشهورة باسم الساعة حيث تستهل حركتها الثانية بدقات مشابهة لدقات الساعة.. وأخيراً كما سبق ان ذكرت الأعمال بعضها جديد علي الرصيد الفني لفرق الأوبرا المصرية ولكنها تناسب اوركسترا حجرة وتعد متميزة بالنسبة له ولكنها لا تناسب اوركسترا سيمفوني كبير..