بالدموع والآهات والبكاء ودع أهالي سوهاج شهداءهم من ضحايا حادث قطار البدرشين الأليم والمفجع. حيث خرج الآلاف من أهالي مدن وقري المحافظة التي ينتمي إليها الشهداء وراء جثامين الضحايا لتوديعهم إلي مثواهم الأخير ليواريهم الثري في ليلة بكت فيها سوهاج. وارتدت مدنها من أقصي اليمين إلي أقصي الشمال ثوب الأحزان. واكتست بالسواد. "المساء" اتجهت إلي منازل وأسر الضحايا بمحافظة سوهاج تقدم واجب العزاء وتعيش آلامهم وأوجاعهم علي فقدان فلذات أكبادهم. قال لنا عم أحد الشهداء الضحايا إن الولد بالنسبة لهم يمثل العزوة. فالأسرة ليس لديها غيره فهو السند.. في البداية وجهتنا كانت إلي قرية الصوامعة التابعة لمركز أخميم التي فقدت ثلاثة شهداء من الضحايا ومصابين وعلي بعد كيلومتر من المدخل الرئيسي للقرية يقع نجع هرماس حيث كانت أسرة الشهيد "حمادة الرشيدي عبداللاه" مجند 20 سنة في انتظار الجثمان يقول شقيقه "محمد": لقد انتهي كل شيء ولا داعي للكلام أنه الإهمال لقد ذهب أخي في مهمة قومية يدافع عن بلده وفي النهاية يعود إلينا جثة.. من السبب؟ إنه الإهمال الذي ترعرع ومازال موجوداً. يؤكد "محمد خلف عبداللاه" مدرس ابن عم الشهيد أن الأسرة صدمت عندما سمعت الخبر بعد نشره في وسائل الإعلام. لأن "حمادة" كان يعمل في الإجازة بعد حصوله علي الدبلوم لكي يفي بالتزامات الأسرة رقيقة الحال والتي تعيش حياة بسيطة في منزل مبني بالبوص. عمله كان هو قوت الأسرة التي تعيش عليه. فوالده متوفي وله ثلاثة أشقاء هم: "محمود وأحمد ومحمد" وشقيقتان. قال عمه السيد عبداللاه عبدالقادر مزارع: لقد فقدنا العزوة فالابن هو عزوة الأسرة لقد كان حمادة حبيب الجميع لكن ما باليد حيلة هو القضاء والقدر لقد ذهب إلي مركز تدريبه بالجيش في بدايته ويعود إلينا ميتاً ماذا نفعل؟ أما والدته فقد توقفت عن الكلام بمجرد أن سمعت خبر وفاته وقالت: حسبي الله ونعم الوكيل. وعلي بعد خطوات كان منزل الشهيد "وائل صبرة أحمد محمد" مجند 20 سنة حاصل علي دبلوم. صراخ والدته أبكي الجميع وهي تردد "لقد قلتها لنا قبل ما تسافر.. إنك لن تعود آه يا بني والله قلبي كان حاسس إن وائل سيحصل له حاجة. وقبل ما يسافر دخلت عليه الغرفة أكثر من مرة وكأنه الوداع". أما شقيقته نادية التي تعاني من مرض السكر فكانت أكثرمن تألمت وحزنت علي فقدان شقيقها وائل حيث قالت: مين هيجيب لي حقن الأنسولين من بعده كان يشتريه ويعطيه لي؟ أما عبدالله كمال ثابت حاصل علي دبلوم وصديق وائل فقد انهمرت دموعه حزناً علي فقدان صديق عمره. حيث قال: لقدت فقدت شقيقي الذي لم تلده أمي لقد كبرنا وتعلمنا معاً وكنا أنا ووائل صديقين لا بل شقيقين. وقبل أن يسافر قال لي: يا عبدالله أنا حاسس إنها الليلة الأخيرة اللي هاشوفك فيها وقال جملة مازلت أتذكرها جيداً "أنا حاسس أنني مش راجع تاني". وعن أسرة وائل فوالده يعمل في القاهرة "عامل أجري" علي باب الله. حيث كان وائل دائماً ما يعمل أثناء إجازته في الدراسة وله أربعة أشقاء عاطف وعمرو ووليد وطارق وشقيقة واحدة نادية المصابة بالسكر التي كان يحضر لها الدواء من القاهرة. وساعد أشقاءه في زواجهم. يقول أحد أقاربه ويدعي رمضان حسن أن خبر وفاته علموا به من وسائل الإعلام. حيث تم الاتصال بشقيقه وليد في القاهرة ثم صدمنا بأن وائل ضمن الضحايا. أشار وليد عبدالحميد عم المتوفي إلي أنه الإهمال الذي تركه لنا النظام السابق ومازال متوارثاً لا نقول مسئولية وزير أو غفير لكنها تركة سنين نجني حصادها المر الآن. وفي ذات القرية اتجهت "المساء" صوب نجع البلد حيث كان منزل وأسرة الشهيد الثالث ويدعي "محمود محمد علي الدين" قال لنا أحمد عطا عامل عم الشهيد إن والده بالمعاش يعاني من عدة أمراض فمحمود هو أكبر أشقائه الخمسة أحمد وأسماء وعبدالله ومصطفي وشيماء. وكان مسئولاً عن البيت بجانب والده خاصة أن جميع أشقائه بالتعليم. أما أشرف محمود عم الشهيد فيقول: كان يعمل ليلاً ونهاراً قبل دخوله التجنيد. لكن هو القضاء الذي لا مفر منه ولكن بالتأكيد هناك إهمال. يري شعبان محمود عبدالعاطي مهندس زراعي أحد أقارب الضحايا أن ما حدث كارثة بكل معني الكلمة ولابد من التحقيق فيها. لا نتهم إنساناً أو شخصاً أو جهة بعينها لكن هناك خطأ بل خطأ جسيماً. لابد من المحاسبة لأن هؤلاء الشهداء ذهبوا ضحية الإهمال. وعدم تحمل المسئولية. مشيراً إلي أنها من تركات النظام البائد. أكد السيد مرزوق والد الشهيد "رشدي" أنه لا يصدق أنه لن يري ابنه مرة أخري. مشيراً إلي أنه كان حنوناً ومثالاً للابن البار. أما خلف محمد السيد والد الشهيد محمود فيقول: احتسبته عند الله. والحادث سببه الإهمال. وعدم الإحساس بالمسئولية. لأن السياسيين والنخبة يتصارعون علي كراسي الحكم. وفي منازل المصابين علاء عثمان غازي وعبدالنصير علي خلف بقرية الصوامعة يسودها حالة من بكاء الأهل. ويقولون إنهم لن يهدأ لهم بال حتي يعودا إليهم سالمين. من ناحية أخري نظم عدد من الأهالي وقفات احتجاجية ورددوا العديد من الهتافات التي تندد بإهمال العاملين بالسكة الحديد.