تسليم أوراق امتحانات الثانوية والقراءات بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    شعبة السيارات: التجار أكثر ناس تضررت من ارتفاع الأسعار..المبيعات تراجعت 90%    14 مليار دولار في طريقها إلى مصر بسبب رأس الحكمة    حزب الله اللبناني يقصف إسرائيل بالصواريخ الموجهة    اشتباكات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي غرب رام الله    روسيا: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح    السفير الروسي: انضمام مصر للبريكس مهم جدا للمنظمة    الدوري الإنجليزي.. تشيلسي يحول تأخره بهدفين أمام أستون فيلا لتعادل 2-2    روما × نابولي.. مواعيد مباريات اليوم الأحد 28- 4- 2024 في الدوري الإيطالي    عاجل| مفاجأة كبرى في أزمة حسام حسن وصلاح.. والده رفض الصلح    غدا.. محاكمة عاطل متهم بإنهاء حياة عامل في الحوامدية    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان بقليوب    رحلة صد رد للإسكندرية.. السكة الحديد تطلق قطارًا للاحتفال بشم النسيم    فضل الصلاة على النبي.. أفضل الصيغ لها    25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل عن 65 عاما    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد 28 إبريل 2024 بالصاغة    فكري صالح: الزمالك قادر على تخطي دريمز والتأهل لنهائي الكونفدرالية    أمطار رعدية على هذه المناطق.. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (لا تنخدعوا)    بالأسماء.. مصرع 5 أشخاص وإصابة 8 في حادث تصادم بالدقهلية    حسام البدري: أنا أفضل من كولر وموسيماني.. ولم أحصل على فرصتي مع منتخب مصر    هيئة كبار العلماء السعودية تحذر الحجاج من ارتكاب هذا الفعل: فاعله مذنب (تفاصيل)    بعد التراجع الأخير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 28 أبريل 2024 بالأسواق    هل مرض الكبد وراثي؟.. اتخذ الاحتياطات اللازمة    لأول مرة بالمهرجانات المصرية.. "الإسكندرية للفيلم القصير" يعرض أفلام سينما المكفوفين    حسام غالي: كوبر كان يقول لنا "الأهلي يفوز بالحكام ولو دربت ضدكم (هقطعكم)"    نصف تتويج.. عودة باريس بالتعادل لا تكفي لحسم اللقب ولكن    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    العالم الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة ويكشف عن مكانه    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    الإثنين.. وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وقف إطلاق النار بغزة    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    أول تعليق من الأزهر على جريمة طفل شبرا    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    وفاة الفنان العراقي عامر جهاد    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    شرايين الحياة إلى سيناء    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأهرام في منازل أسر ضحايا حادث سيارة الأمن المركزي

رائحة الحزن تفوح من محافظات مصر صراخ هنا وعويل هناك‏..‏ ونسوة يتشحن بالسواد وصرخات تدوي تشق القلوب‏..‏ صرخة شابة فقدت الزوج والحبيب.. وعويل امرأة فقدت الابن والسند... وصراخ طفل رحل عنه الأب والحماية والأمان.. وبكاء عجوز فقد العصا التي كان يتوكأ عليها ورحل عنه من كان سيحمل نعشه عند مماته. .
حادث استشهاد22 شابا من زهرة شبابنا من جنود الأمن المركزي أسكن الحزن في القلوب وأثقل كلمات الرثاء من مخارجها.. وباتت الحناجر لا تعرف سوي مرارة العلقم, ورحلت الضحكة والفرحة بلا رجعة.. وسكنت الدموع العيون وغطي السواد كل شئ وكأنها أعلنت الحداد علي رحيل أغلي الناس. بعد أيام طويلة من العمل تحت لهيب حرارة الشمس ومرارة الغربة والبعد عن الزوجة والابن والأب والأم وأعز الناس شد فلذات الأكباد الرحال واستعدوا للعودة من سيناء إلي بلادهم لقضاء الاجازة الشهرية وآمال عريضة تحبو داخلهم بفرحة اللقاء مع أعز وأغلي الناس وأحلام طويلة مرقت أمام أعينهم, ها هو ذلك الشاب الذي تمني لقاء زوجته بعد عناء الوحدة والفراق وآخر تمني أن يطير إلي بلدته لتقبيل يدي والديه لأخذ البركة والاستدفاء بعطر أنفاسيهما وثالث يحلم أن يري طفله ويداعبه ويرميه بالنظرات الحانية وسارت السيارة المنكوبة وشرائط من الذكريات تمر أمام زهرة شبابنا وابتسامة علي هذا الوجه ونظرة حائرة علي آخر.. وترقب علي وجه ثالث.. ولكن مصيرا مجهولا سحق كل الأحلام البريئة في لمح البصر.
لتعلن عدد من قري محافظات مصر الحداد علي رحيل زهرة الشباب, صراخ الصوات زلزلت جدران المكان انهارا من الدموع تنساب علي كل الوجنات كل شيء في القرية يوحي بالسواد, نسوة يترصصن في الشوارع وأصوات صراخهن تصل إلي عنان السماء, ورجال يذرفون الدموع والأفواه كلها أعلنت الحداد وأبت أن يدخلها كسرة خبر أو شرفة ماء حتي لا تنشغل عن سرد أخبار الحبيب وحكايات الراحل.. الابن الحنون والزوج الوفي والأب العطوف المشهد أقسي من أن يوصف, نعوش تسير بالجملة وشباب في عمر الزهور يزفون إلي مثواهم الأخير, وعجائز في أدزل العمر يحملون جثامين زهرة الشباب وخطوات تتثاقل وقلوب ترتعد وتنزف دما علي فراق أعز الناس ونظرات حائرة تشع من العيون البريئة التي حملت لقب يتيم قبل أن تكتمل صورة الأب الراحل في أذهانهم.. الف حكاية وحكاية تحمل مأساة عشرات الأسر التي رحل عنها فلذات الأكباد لتقطع شجرة حياتهم القصيرة من جذورها.
الزفاف إلي القبر
لم تكن تعلم أسرة الشهيد محمد أحمد يوسف النحاس22 سنة أنها ستزف ابنها إلي القبر بدلا من عش الزوجية, فالشهيد كان يستعد للزواج الشهر المقبل من ابنة عمه التي ارتبط بها منذ فترة بعد أن أنهي نحو عام في الخدمة العسكرية, وداخل منزله المتواضع التف المعزون حول والده وأسرته يرثون ابنهم الأكبر, فهو له شقيقان حسن19 عاما حاصل علي دبلوم صناعي فني وعبد الرحمن بالصف الأول الاعدادي وأكدا أنهما كانا ينتظران قدومه مع اقتراب موعد اجازته التي كانا ينتظراها بفارغ الصبر لرؤية شقيقهم الأكبر. وأكد شقيقه أن محمد كان دائما ما يتحدث عن توتر الاوضاع بالمناطق الحدودية, وتعرضه وزملاؤه لاطلاق النار أثناء مشاركته في العمليات لكنه كان يردد أنه لو مات سيكون شهيدا.
ابن موت!
الشهيد محمد فرحان22 سنة من مدينة بلبيس, تجمع أمام منزله المئات من أبناء المركز والقري المجاورة لتقديم واجب العزاء, ومواساة أسرته التي كانت تنتظر انتهاء فترة تجنيد نجلها ليعود إلي أحضانها, ولم تكن تدري أنه سيعود جثمانه داخل صندوق خشبي محمولا علي الأكتاف ليواريه التراب دون حتي أن يكون لهم حق توديعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه.
محمد هو الشقيق الأكبر لستة أشقاء بينهم4 في مراحل التعليم المختلفة وهم سليمان الحاصل علي دبلوم التجارة وسيد بالإعدادية ومروة بالشهادة الإبتدائية وحسن بالصف الثالث الابتدائية
بالإضافة لذلك فهو متزوج ولديه طفلان هما أحمد3 سنوات ومحمد6 أشهر اللذين كتب عليهما القدر اليتم مبكرا.
كان آخر اتصال للشهيد مع أسرته قبل الحادث بيوم واحد وطلب أن يسمع صوت طفليه وزوجته ووالدته ليعتذر لهما عن عدم حضوره في عيد الأضحي القادم وكأنه كان يعلم ماذا كان يخبيء له القدر, والمفاجأة أن الحادث الأخير الذي راح ضحيته محمد لم يكن هو الوحيد الذي تعرض له الشهيد, فقد سبق, أن تعرض لإطلاق نار عليه من مسلحين مجهولين أثناء عمله برفح إلا أنه نجا من الحادث ليلقي مصيره المحتوم في حادث السير الأخير.
أما الأم المكلومة فقالت في لوعة اربنا يعوض علينا بعد أن فقدنا الغالي.
محاسبة المسئولين
والد الشهيد مجند أحمد عبد الله السيد عطوة لم يتحمل نبأ وفاة نجله وانهار تماما لدرجة عدم تمكنه من القدرة علي الكلام بعد أن فقد ابنه الأصغر بين4 ابناء كان هو أخر من التحق بالخدمة العسكرية في رمضان الماضي ولم يزر أسرته سوي مرة واحدة في عيد الفطر ليسافر بعدها مباشرة ويواصل خدمته وسط الظروف الصعبة وأجواء التوتر مما كان يزيد الأسرة رعبا مع كل حادث يسمعون عنه, حتي يوم الحادث المشئوم كان موعد اجازته حسبما أخبر أسرته في آخر اتصال هاتفي منه منذ ستة أيام.
العذاب والمشقة البالغة التي واجهت أسرة أحمد بعد علمها بنبأ استشهاده ورحلتها في البحث عن جثمانه جعلتها الأعلي صوتا في المطالبة بمحاسبة المسئولين عن وقوع الحادث, بعد أن تسبب فيه الاهمال والاستهانة بأرواح الجنود المصريين.
شقيقه الأكبر محمد قال أننا نحتسب احمد وزملاءه عند الله ومع ذلك لن نتواني عن مقاضاة وزارة الداخلية حال ثبوت الاهمال والتقصير في التعامل مع الشهداء
في حين لا تصدق والدته أن أحمد توفي ولن تراه إلي الأبد.
عبد الرحمن كان ينتظر مولوده
عبد الرحمن ابو العزايم22 سنه كان ينتظر حدثا سعيدا بعد6 أشهر بقدوم مولوده الجديد لكن القدر لم يمهله لرؤيته وغادر الأب الدنيا قبل قدوم ابنه لها.
والد الشهيد أكد أن عبد الرحمن كان كتوما في كل ما يتعلق بخدمته في العسكرية إلا أن صوته عبر الهاتف لم يكن يخفي شعوره بمصيره, فهو لم ينس خلال اتصاله الأخير أن يوصيه بزوجته وطفلته جني ومولوده القادم, وقالت الزوجة: إن عبد الرحمن كان دائم القلق في الأشهر الأخيرة بسبب ما يجري من احداث في سيناء وإنه كان يخشي أن يصيبه مكروها ولا يعود إليهم مرة أخري وكان دائما يوصيها بابنتهما جني ومولودهما القادم ورعايتهما والاعتماد علي نفسها, لربما تجد نفسها وحيدة في الحياة وقد حدث.
أما قرية السلامون التابعة لمركز ههيا مسقط رأس الشهيد اسماعيل السيد عبد الرحمن فقد تحولت لسرادق عزاء كبير حيث تجمع الأهالي والجيران لمواساة الأب المكلوم الذي وقف منهارا يتقبل العزاء في وفاة نجله راضيا بقضاء الله بينما كانت الصدمة أكبر من أن يتحملها شقيقه الأكبر الذي ظل يردد أخويا مات.
رضا.. مثالا للتضحية!
المجند رضا ابراهيم ابراهيم محمد22 سنة من قرية انشاص الرمل مركز بلبيس كان حلمه الوحيد أن يكمل تعليمه العالي ويحصل علي وظيفة مرموقة تفخر بها أسرته خاصة أنه كان من المتفوقين, ولكن قسوة المعيشة, لم تمنحه فرصة تحقيق الحلم فترك الدراسة بالثانوية الأزهرية ليعمل بالحرف اليدوية مبيض محارة ملقيا وراءه بكل أحلامه لمساعدة أسرته وإعالة اشقائه العشرة, حتي حلم الزواج كان يتجاهله ويسعي لتعويضه في تجهيز شقيقاته أحلام وفاطمة ونادية وهنا وتحقيق حلم والديه في سترهن.. كان رضا يشعر دائما بدنو أجله كما كان يبوح لشقيقه أحمد الأقرب إليه, والذي كان دائما مايوصيه بأسرته, حتي أمضي رضا نحو ثلثي مدة الخدمة العسكرية ولم يكن يتبقي له سوي أشهر قليلة.
وبكلمات يغلبها دموع الأب قال والد رضا: لا يمكن أن يعوضني شيء في هذه الدنيا عن فقدان فلذة كبدي فقد كان مثالا للتضحية والفداء.
هشام.. عريس العيد
انت بتصورني؟ طيب كنت تعالي صوره يوم فرحه!! بهذه الكلمات الموجعة بادرتني والدة الشهيد هشام عبد الله أحمد, ابن قرية أكوا الحصة بمركز كفر الزيات, و قالت والدة الشهيد: اكان فرحه في العيد, وكان هيخلص خدمته بعد10 أيام بسب.. قال لي في آخر اتصال بنا أنا نازل أتجوز وافرحك يا أمي انت تعبتي وشقيت علينا كتير ومش هسيبك تاني.. كان بينزل الأجازة يشتغل علشان يصرف علينا ويجيب مصاريفه وأشارت أم الشهيد إلي أنها لم تعلم بوفاة ابنها إلا وقت تشييع جنازته من المسجد لأن أشقاءها وزوجها أخفوا عليها نبأ استشهاده.. وفور علمها بالخبر الصدمة أصيبت والدة العريس الشهيد بالإغماء داخل منزلهم الذي يدل علي حالهم وحياتهم البسيطة جدا, حيث إنه مبني بالطوب اللبن.
أما والد الشهيد فأكد أن نجله كانت تربطه علاقة طيبة بجميع زملائه في الجيش وأهله في القرية, حيث كان حريصا علي صلة الرحم, وقال وهو يغالب دموعه: لقد رحل من كنت أنتظر فرحه, في يوم أجازته الأخيرة.. لقد رجع من سيناء للمرة الأخيرة ملفوفا بعلم مصر.. لقد مات هشام بعد أن قضي في الخدمة العسكرية3 سنوات, نال فيها حب زملائه والضباط. وأضاف والد الشهيد( الذي بلغ من الكبر عتيا) أنه مزراع باليومية, وكان الشهيد حريصا علي مساعدتي في مصاريف البيت, رغم أنه كان في أشد الحاجة للمساعدة; لأنه كان يخدم في أبعد منطقة في سيناء علي الحدود. وأشار إلي أنه علم بخبر استشهاد نجله من أحد شباب القرية الذي قرأ اسمه ووجده ضمن شهداء حادث انقلاب سيارة الأمن المركزي.
في حين يؤكد خال الشهيد ويدعي طلبة أبو اليزيد أنه الم يمكننا التعرف علي وجه هشام لأنه كان مشوها ولم تتضح له أي معالم وعبر عن استيائه وحزنه العميق لتكرار مسلسل سقوط الضحايا دون معاقبة حقيقية للمتورطين في ارتكابها. وطالب بضرورة محاسبة المتسبب في هذا الحادث.
زياد.. أكبر إخوته
حمدي عبد المولي عم الشهيد زياد نور الدين أحمد, ابن قرية فيشا سليم التابعة لمركز طنطا, أكد أنهم لم يعلموا باستشهاد ابنهم إلا قبيل وصول جثمانه بساعة واحدة مما تسبب في إثارة حالة من الهلع بين جميع أهالي القرية, فما بالك بما حدث لوالده ووالدته!! وأشار إلي أن الشهيد كان رجلا اعلي قدر المسئولية حيث كان يتولي شراء الدواء لوالدته المريضة, خاصة أنه أكبر أشقائه والمسئول الأول بعد والده. وأضاف أن والد الشهيد لم يتحمل سماع خبر الوفاة فأصيب بأزمة مفاجئة ودخل في غيبوبة سكر وسط حالة من البكاء والألم الذي لم يقدر أن يتحمله أي فرد من العائلة, ولفت إلي أن الشهيد كادت عائلته تعده لإتمام مراسم خطبته إلي إحدي فتيات القرية عقب انتهائه من فترة تجنيده قبيل استشهاده بعدة أيام.
حمادة ترك طفلته تواجه اليتم وعمرها40 يوما
4 شهداء من أبناء محافظة الدقهلية راحوا ضحية حادث انقلاب سيارة الشرطة, جميعهم من اسر فقيرة مكافحة تسعي للحصول علي لقمة العيش الشريف, ويشهد لهم جميع اهالي قراهم بأنهم كانوا من افضل الشباب اخلاقا, ومنهم من ترك طفلة عمرها40 يوما الآن ولم يرها إلا مرة واحدة قبل ان يرحل عن الدنيا وبعد ان ترك لوالدته وصية بان ترعاها وكأنه كان يشعر بدنو أجله.. ومنهم من كان يستعد لحفل خطوبته بعد عيد الأضحي المقبل.. لكن العامل المشترك الأعظم أنهم من أسر كادحة تعمل بشرف لتوفير لقمة العيش حتي ولو كان في أرض الغير.. ان هذه الاسر باتت بعد فقد عوائلها في حاجة شديدة للمساعدة من قبل الدولة او القادرين عن طريق توفير فرص عمل لابنائها.
ونحن في طريقنا إلي قرية كفر الشناوي مركز شربين مسقط رأس شهيد الواجب حمادة يونس زكي القزوني22 سنة والتي خيم الحزن عليها التقينا الحاج محمد شهبور شطا عمدة القرية الذي أكد أنه بعد أن نقل خبر استشهاد حمادة لوالده ما كان منه إلا ان التزم المسجد وقال: ابني فدي مصر ابني مات شهيدا ولو انني كنت اصلح لأي عمل في الجيش فأنا تحت امر الوطن.. شجعتنا هذه الكلمات علي أن نلتقي بهذا الأب المكلوم الذي فقد فلذة كبده وعندما اقتربنا من منزله المتواضع وجدناه رجلا متماسكا يبلغ من العمر50 عاما علي خلاف باقي أفراد الاسرة الذين راحوا في نوبة بكاء شديدة خاصة الأم التي راحت في نوبة بكاء هيستيرية.. وقال الأب إن حمادة كان ساعده الأيمن في كل شيء وانه يحتسبه عند الله شهيدا فقد كان ابنه الأكبر والعمود الفقري للأسرة فعندما كان يعود من الاجازة كان يعمل بالارض الزراعية ويعطي أجره كاملا لي للانفاق منه علي باقي أفراد الأسرة.. وكان حمادة يحظي بحب جميع أهالي القرية خاصة انه كان يتطوع لمساعدة الجميع دون مقابل.
أما والدته هويدا رمزي سلاطين46 سنة فهي ربة منزل مكافحة تساعد زوجها في العمل للحصول علي لقمة العيش الشريف, وقالت: كان حمادة حنونا وعطوفا افتقدناه للأبد ونحسبه عند الله شهيدا وانه في آخر اتصال تليفوني معه كانت وصيته خلي بالك من جنا بنتي يا أمي, وأضافت والحزن يعتصر قلبها أن حمادة كان ينتظر انهاء مدة خدمته العسكرية بعد شهرين فقط وصمتت الأم للحظات ثم راحت في نوبة بكاء شديدة.
أما نادية هشام عبدالعزيز.. زوجته, قالت: تزوجنا منذ عام و3 أشهر وأثمر زواجنا عن طفلة جميلة اصر ان يطلق عليها اسم جنا وعمرها40 يوما, وبالرغم من انه لم يرها الا مرة واحدة وكان يطمئن عليها كلما سنحت له الفرصة, وكانت آخر مرة اتصل بي فيها منذ نحو12 يوما واطمأن علي جميع افراد الاسرة وطلب مني تقبيل طفلتنا, واضافت ان الجميع كان يشهد لحمادة بحسن الخلق, حيث كان انسانا حنونا بمعني الكلمة.. وفي آخر اجازة أصر علي ان يزور الجميع كأنه كان يودعنا للأبد.
إسلام.. العائل الوحيد
إسلام محمد غازي20 عاما من قرية صهبرة قرموط مركز ديرب نجم الأخ الأكبر لثلاثة من الأشقاء.. هو العائل الوحيد لأسرته بعد أن فقد والد إسلام اصابعه في حادث سابق وتوقف عن العمل, فكتب القدر علي الابن الأكبر أن يكون هو عائل الأسرة, وأخذ علي عاتقه مهمة الانفاق عليهم واستكمال رسالة والده.. عمل كحداد ليوفر قوت يومهم ومصاريف اشقائه حتي التحق بالعسكرية. والدة إسلام كانت تنتظره بلهفة, و قد أعدت له كل ما يشتهيه من طعام سهرت لإعداده خصيصا من أجل فلذة كبدها الغائب, ولم تكن تدري سر لهفتها الزائدة لرؤيته, لكنها كانت تشعر دائما أن مكروها سيحدث فطالما تخيلت مشهد النسوة يملأن المنزل مرتديات السواد, وهو ما حدث بالفعل.
أحمد.. وعد والديه بالحج
أسرة الشهيد أحمد يسري دويدار, تقيم بعزبة الدراوشة التابعة لقرية شبرا بلولة بمركز قطور.. حيث أكد والده الذي يعمل خفير نظامي ويبلغ من العمر56 عاما, أن الإهمال هو سبب الحادث الذي راح ضحيته ابنه وزملاؤه.
ويشير إلي أنه شارك في حرب أكتوبر المجيدة, وكان يخدم بسلاح الدفاع الجوي, وأن العسكري المصري هو أفضل جنود الأرض, فلماذا هذا الإهمال؟
ويشير والد الشهيد إلي أن آخر اتصال كان بينهما قبل الحادث بيوم واحد, وأن الشهيد أخبر والده بأنه سينزل إجازته غدا( إن شاء الله) وبالفعل يقول والد الشهيد نزل ولكن في صندوق!! ويضيف أن الشهيد كان قد وعد والديه بحجة بعد أن ينهي خدمته العسكرية, التي أوشكت علي الانتهاء, حيث لم يكن يتبقي له سوي شهرين فقط.. حيث كان ينوي السفر إلي بلاد بره لكي يكون نفسه ونفرح به, ويساعدني في تربية إخوته, خاصة أنه لا دخل للأسرة سوي راتبي من عملي بالخفر.
أما والدة الشهيد وتدعي نور العايدي دويدار, ربة منزل, فلم تقوي علي الكلام, عن ابنها الذي أعدت له ما يحب من الطعام, بعد أن أخبرها بأنه نازل إجازة, ولكنه لم يذق طعامها للمرة الأخيرة.. فبقي الطعام كما هو, وذهب الشهيد إلي مثواه الأخير.
وطالب محمد الشافعي, زوج عمة الشهيد, الدولة بضرورة تحمل مسئوليتها نحو أسر الضحايا, ومن ضمنها هذه الأسرة التي فقدت زهرة شبابها.
ويشير إلي أن الإعلام تجاهل مشاعر هذه الأسر المكلومة, مطالبا وسائل الإعلام بأن تراعي مسئوليتها الوطنية في الوقوف بجانب أسر هؤلاء الشهداء.
أما الشيخ وجدي نجلا( إمام وخطيب) ابن عمة الشهيد, فيؤكد أن الشهيد( رحمه الله) كان بارا بأسرته, حيث كان يعمل باليومية في أثناء إجازته ليساعد والده, ويشير إلي أن له شقيقا أكبر منه يدعي إسماعيل, بكالوريوس تربية رياضية ولم يعمل حتي الآن, وشقيقة صغري تدعي نهال, بالصف الأول الثانوي التجاري, ويطالب بضرورة تكريم هؤلاء الشهداء بإطلاق أسمائهم علي بعض الشوارع بمحافظاتهم.
السيد: أنا جاي بكرة
أما أسرة الشهيد السيد رمضان النجار, ابن قرية العتوة القبلية التابعة لمركز قطور, فلم تقل صدمتها عن الأسر الأخري المكلومة.. حيث التقينا ابن عمه عادل بلال النجار, والذي يعمل بشركة المقاولون العرب, عقب انتهاء العزاء الذي أقيم بقريته, فأكد لنا أن آخر اتصال للشهيد مع والده الذي يعمل تاجرا للسجاد والموكيت, كان قبل الحادث بيوم واحد, وقال لوالده: أنا جاي بكرة, كما قال لوالدته: دوري لي علي عروسة علشان أريحك يا أمي.. أنا باقي لي6 شهور وأخلص( وتنهمر الدموع لما كان يحلم به هؤلاء الشباب). ويضيف ابن عم الشهيد أنه كان دائم الاتصال بوالديه; للاطمئنان عليهما, وعلي الرغم من أن ترتيبه بين إخوته الثاني, فإنه كان حريصا علي أن يعمل خلال إجازته في مهنة نجار مسلح ليوفر مصاريفه ويساعد والده. ويضيف والد الشهيد أن الأسرة كانت تتكون من6 أفراد, وأصبحنا بعد استشهاد السيد, خمسة.. الأول أحمد, يعمل معي بعد أن أنهي مرحلة الثانوية العامة, والسيد كان يعمل نجار مسلح ومصطفي الذي يؤدي خدمته العسكرية حاليا في منطقة بالقاهرة, والأخير محمد ويعمل ميكانيكي سيارات, ويشير إلي أن ابنه الشهيد كانت به حنية كبيرة علي كل من حوله, وأنه كان يقول لوالدته( التي لم تستطع الحديث معنا): احنا تاعبينك معانا دايما يا أمي.. وإن شاء الله تختاري لي عروسة علشان تريحك في شغل البيت.
أما المحاسب مصطفي داود, من أهالي قرية العتوة البحرية, فيذكر أن الشهيد كان مشهودا له بحسن الخلق والسمعة الطيبة بين أهالي قريته والقري المجاورة, وكأن الموت يخطف منا الأفضل.
سيبيها علي الله يا أمي
لم يكن محمد السيد عبدالله عقيل22 سنة المجند بقوات الأمن المركزي والملحق علي حرس الحدود بسيناء العزيزة ابن عزبة عطية بقرية مسير التابعة لمركز كفرالشيخ بمحافظة كفرالشيخ يدري أن زيارته الأخيرة للقرية منذ18 يوما فقط ستكون هي الزيارة الأخيرة, حيث كان مقررا عودته إليها في اجازة بعد3 أيام من استشهاده في الحادث المشئوم, وقد عاد امحمدب إلي أسرته لكن هذه المرة داخل صندوق صغير من الخشب وتم دفنه بمقابر أسرته فجرا بعد إقامة صلاة الجنازة عليه بمسجد القرية وسط بكاء الرجال ونحيب وعويل النساء اللاتي اتشحن بالسواد.
وأكد السيد عبد الله عقل58 سنة مزارع والد الشهيد أن محمد هو نجله الأكبر, وأنه يحتسب نجله الشهيد محمد عند الله من الشهداء والأبرار, وأضاف أن محمد كان مجندا بالأمن المركزي, وملحقا بحرس الحدود بوسط سيناء, وكان محبا لأسرته ولأهالي قريته, وكان سعيدا بقرب نهاية خدمته العسكرية, لأنه شعر أنه أدي واجبه نحو وطنه خاصة أن نجله الشهيد كان لم يتبق علي إنهاء خدمته العسكرية إلا ثلاثة أشهر فقط, وأبلغنا في آخر اتصال له, أنه سيحصل علي أجازة بعد ثلاثة أيام, ولكنه جاء في نعش ليبقي معنا إلي الأبد., أشار الأب المكلوم والدموع تنهمر من عينيه إلي أن والدته كانت تشعر بخوف شديد عليه نظرا للأحداث الجارية في سيناء, حيث كان قلبها يحدثها أن أمرا ما سيحدث له, وعندما كانت تتحدث مع محمد عما يحدث هناك, كان يقول لها لن يصيبنا إلا ماكتبه الله لنا اسبيها علي الله يا أمي, أضاف والد الشهيد أن ما أحزنه كثيرا أن أيا من المسئولين لم يهتم بإبلاغه بنبأ وفاة نجله, حيث تولي زميله بالوحدة مهمة إبلاغنا بما حدث لمحمد, مشيرا إلي أنه لولا زميله ما عرف هو وباقي أفراد الأسرة بخبر وفاة نجله, وردد قائلا إنا لله وإنا إليه راجعون, الصبر من عندك يارب, الصبر وكررها الأب عدة مرات.
الموت يخطف محمد قبل خطبته
في قرية كفر عبد الأمين بمركز السنبلاوين التي خيم الحزن عليها كان اللقاء مع الحاج شوري العوضي عم الشهيد محمد حسني العوضي21 سنة فقال: محمد كان ينتظر انهاء خدمته العسكرية بعد6 أشهر من الآن للبحث عن عمل شريف في مجال التشييد والبناء, وأنه في الاجازة الأخيرة تقدم لخطبة ابنة عمه وكان من المنتظر اتمام خطوبته في عيد الأضحي المقبل, لكن الموت خطفه من خطيبته التي أصيبت بحالة انهيار بعد سماعها خبر وفاة محمد الذي لم يمهله القدر لتحقيق حلمه بالزواج منها. أما شقيقه الأكبر سمير فقال: من عجائب القدر أن محمد كان عائدا من وحدته لقضاء اجازته بالقرية, وانه اتصل بي مساء الأحد الماضي تليفونيا وطلب مني الحضور لمدينة السنبلاوين في اليوم التالي من اجل توصيله بالتوك التوك الذي اعمل عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.