أثارت المواد الخاصة بتعيين رئيس الجمهورية لقيادات الأجهزة الرقابية جدلاً واسعاً بين رجال القانون والسياسة حيث أبدي البعض تحفظه علي نص المادة 3 من مسودة الدستور الجديد التي تخول للرئيس الحق في اختيار رؤساء الجهات الرقابية رأوا فيها تعارضاً مع ما ورد في شأن السلطات العامة للدولة بالمسودة ذاتها والتي تعطي الحق لرئيس الوزراء في تعيين الموظفين المدنيين بالدولة وعزلهم وفقاً للقواعد القانونية المنظمة لذلك. والسؤال: هل يخلق تدخل الرئيس في تعيين جميع قيادات أجهزة الدولة وعلي رأسها أجهزة الرقابة ديكتاتوراً جديداً بيده صلاحيات مطلقة. وهل يعد ذلك تداخلاً يطيح باستقلال والفصل بين السلطات. وهل يقضي ذلك بالأجهزة الرقابية لأن تكون مجرد ديكور. ومطية للحاكم إن شاء أطلقها وإن شاء قيدها ودفن تقاريرها في الأدراج كما كان يفعل النظام السابق.. البعض يقترح منح حق تعيين قيادات الأجهزة الرقابية لمجلس القضاء الأعلي أو مجلس الشعب. وأن يصدر قانون يلزم الأجهزة الرقابية المختلفة بنشر تقاريرها في وسائل الإعلام مع إصدار قانون تداول المعلومات الذي تعطل صدوره حتي هذا اللحظة لتكتل الرقابة الشعبية وألا يقتصر إرسال تلك التقارير علي رئاسة الجمهورية ومجلس الشعب فقط. بما يفتح الطريق مجدداً لإخفاء فساد المقربين وفضح المعارضين والتلاعب بالرأي العام مع ضرورة النص علي معاقبة قيادات تلك الأجهزة إذا تسترت علي الفساد أو تراخت في حماية المال العام أو غضت الطرف عن القيادات الحكومية التي تتربح من وظائفها أو تسهل هذا التربح للغير. "المساء" طرحت تلك المواد الإشكالية علي أساتذة القانون ورجال الأحزاب في التحقيق التالي: * يقول الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد: للأسف لا يستطيع عضو مجلس الشعب الحصول علي تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات إلا بموافقة كتابية من رئيس المجلس كما أن الجهاز نفسه يرفض إعطاء التقارير لنواب البرلمان والصحفيين ويطلع النواب علي صورة ضوئية منها فقط. وقد حددت مسودة الدستور الجديد سلطة رئيس الجمهورية في تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية وهذا يعوق استقلالية هذه الأجهزة ويجب أن يعين المجلس الأعلي للقضاء رؤساء هذه الأجهزة الرقابية ويجب أن تنشر تقارير الأجهزة الرقابية في الجريدة الرسمية مع إتاحة التقارير لنواب البرلمان دون الحصول علي موافقة مكتوبة من رئيس مجلس الشعب. كما أن تعدد الأجهزة الرقابية يساعد علي تضارب الاختصاصات وعدم كشف الفساد والمطلوب تحديد اختصاصات الأجهزة الرقابية وكيفية محاسبة قياداتها في حالة إخفائهم تقارير لأسباب سياسية أو مصالح شخصية. * يؤكد عصام شيحة المستشار القانوني لحزب الوفد وعضو الهيئة العليا بالحزب أن هناك حالة تربص داخل اللجنة التأسيسية بالسلطة القضائية والرقابية وقد ظهر هذا واضحاً في مسودة الدستور الجديد المطروحة للنقاش فكيف يجمع الرئيس محمد مرسي ما بين السلطة التنفيذية والقضائية والرقابية وتعيين الرئيس لرؤساء الأجهزة الرقابية بعد التشاور مع مجلس الشوري الذي تتشكل غالبيته من الاخوان يجعل الأجهزة الرقابة تابعة لمؤسسة الرئاسة ويمكن ان تستخدم هذه الأجهزة لإصدار تقارير لعقاب المعارضين للنظام وغض الطرف عما يدين الحكومة أو المسئولين المقربين من مؤسسة الرئاسة أو أنصار حزب الحرية والعدالة وبذلك تتحول الأجهزة الرقابية لديكور بدون فائدة والمطلوب أن يعين رؤساء تلك الأجهزة عن طريق المجلس الأعلي للقضاء أو مجلس الشعب دون تدخل من الرئيس ولا نعرف ما هي الضوابط التي سيقوم رئيس الجمهورية علي أساسها باختيار قيادات تلك الأجهزة كما أن المجتمع يريد ضماناً لنشر تقارير الرقابة في وسائل الاعلام دون إخفاء ما يكشف عن أخطاء التيار الاسلامي الذي يحكم مصر وإذا كانت اللجنة التأسيسية تريد أجهزة رقابية حيادية فلا يجب أن يتدخل رئيس الجمهورية في اختيار قيادات تلك الاجهزة . يؤكد الدكتور حسام عبدالرحمن رئيس حزب الجمهوري الحر أن المواد الخاصة بالاجهزة الرقابية في مسودة الدستور الجديد غامضة ولم تذكر إلا الجهاز المركزي للمحاسبات ولا نقبل قيام رئيس الجمهورية باختيار قيادات الأجهزة الرقابية بل يجب أن يوكل الأمر للمجلس الأعلي للقضاء ومجلس الشعب فكيف سيراقب الجهاز المركزي للمحاسبات أداء الوزارات واهدار المال العام بها والتربح عن طريق استغلال الوظائف في ظل قيام رئيس الجمهورية بتعيين رؤسائه ويجب ألا يتم اختيار رؤساء هذه الأجهزة بنظام الموالين للإخوان وإنما نريد الشفافية والسمعة الطيبة والكفاءة والوطنية دون الترضية السياسية والمواءمات حتي لا تتحول الأجهزة الرقابية لديكورات. ونريد ضمانات في الدستور الجديد لسهولة تداول التقارير الصادرة من الأجهزة الرقابية ونشرها في الصحف وإعطاء نسخ منها للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني دون إخفاء بعضها وتسريب بعضها الأخر للصحافة ومجلس الشعب وكأنها مواد مخدرة. يوضح نبيل زكي المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع أن المادتين "1" "2" المتعلقتين بالأجهزة الرقابية بمسودة الدستور الجديد تؤكد ان استقلالية الأجهزة الرقابية ولكن المادة "3" تجعل رئيس الجمهورية هو المسئول عن تعيين رؤساء تلك الأجهزة بعد موافقة مجلس الشوري وهذا يتناقض مع حيادية هذه الاجهزة فكيف ستكون تابعة للسلطة التنفيذية ثم تكشف الفساد في الوزارات وأجهزة الحكومة وتنشر تقارير إهدار المال العام.. واللجنة التأسيسية التي تضع مواد الدستور الجديد غير معترف بها حتي الآن وأغلبية أعضائها من التيار الإسلامي بنسبة 65% ويجب ألا يعين رئيس الجمهورية رؤساء الأجهزة الرقابية وأن يتولي ذلك مجلس الشعب بصفته ممثلاً عن الشعب ويجب أن تعمل الأجهزة الرقابية بعيداً عن نظام الحكم ومؤسسة الرئاسة والأحزاب ولابد من وضع قانون يضمن نشر تقارير الأجهزة الرقابية في وسائل الإعلام المختلفة دون إحفاء بعضها عن القوي السياسية المعارضة وعن المنظمات الحقوقية ولابد من وضع آلية لمحاسبة المتقاعسين عن كشف الفساد وحماية المال العام ومراقبة تنفيذ الميزانية العامة للدولة والميزانيات الخاصة والمستقلة. يقول محمد سامي رئيس حزب الكرامة: المسودة المطروحة غير نهائية ومازالت خاضعة للمناقشات وينبغي أن تخضع الأجهزة الرقابية لإشراف مجلس الشعب وليس رئيس الجمهورية وتعيين قياداتها عن طريق السلطات التشريعية والقضائية وليس مؤسسة الرئاسة ونرفض أن تخضع الأجهزة الرقابية لضغوط أو سيطرة حزب الحرية والعدالة بعد ثورة 25 يناير ولابد من تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية فكل مادة في الدستور تجد أن رئيس الجمهورية هو المسئول عن تعيين القيادات في جميع السلطات في الدولة وهكذا مسودة الدستور الجديد تخلق ديكتاتوراً جديداً وينبغي ألا يكون لمؤسسة الرئاسة أي سلطة علي الأجهزة الرقابية لأنها مثل بقية السلطات ويجب أن يمارسوا أعمالهم بعيداً عن ضغوط ومصالح السلطة التنفيذية والحكومة لأن الأجهزة الرقابية هيئات مستقلة فنياً وإدارياً ومالياً عن الحكومة والنظام الحاكم.. ويجب عدم الاكتفاء بإرسال التقارير الخاصة بالأجهزة الرقابية لمجلس الشعب ورئيس الجمهورية فقط وإنما لابد أن تنشر في الصحف وتتاح لجميع المواطنين لأن الأموال التي يتم إهدارها في الوزارات والمصالح الحكومية والتي يتم تهريبها للخارج هي أموال الشعب. يوضح الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أن مقترحات الأجهزة الرقابية بمسودة الدستور الجديد هي مقترحات قابلة للتغيير والتعديل وليست صورة نهائية لما ستكون عليه الأجهزة الرقابية في الدستور الجديد وأن قيام الرئيس محمد مرسي بتعيين رؤساء الأجهزة الرقابية طبقاً لنص المادة "3" بعد موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية الأعضاء وهناك شروط تضمن استقلال رؤساء الأجهزة الرقابية عن السلطة التنفيذية والدولة للقيام بعملهم في الرقابة علي الأموال العامة وحمايتها ومراقبة تنفيذ الميزانية العامة طبقاً للقانون مع منح العاملين في الأجهزة الرقابية الضمانات اللازمة لأداء عملهم طبقاً للمادة "4" مع توضيح طرق مساءلتهم تأديبياً وغير ذلك من الأوضاع الوظيفية التي تكفل استقلالهم عن الحكومة.. يقول أسعد هيكل منسق عام لجنة الحريات بنقابة المحامين أن المادة "3" المتعلقة بالأجهزة الرقابية تتعارض وتتناقض مع المادة 164 الخاصة بالسلطات العامة فكيف يعين رئيس الوزراء الموظفين المدنيين ويعزلهم وفقاً لما ينظمه القانون أما في الأجهزة الرقابية بنص المادة "3" يتولي رئيس الجمهورية بالتشاور مع مجلس الشوري تعيين رؤساء الأجهزة الرقابية تكون مستقلة عن الحكومة والرئيس وكيف تنص المادة "1" في الجزء الخاص بالاجهزة الرقابية علي أن تتمتع هذه الأجهزة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري ثم يقوم الرئيس بتعيين قياداتها ويجب أن تعمل الأجهزة الرقابية تحت اشراف لجنة متخصصة بمجلس الشعب تراقب عملها ومدي قيامها بدورها في كشف الفساد بالحكومة والوزارات ويجب أن يقوم المجلس الأعلي للقضاء باختبار قادة هذه الأجهزة مع مجلس الشعب الذي يصوت علي هذا الاختيار بأغلبية النصف ولا دخل لمجلس الشوري بذلك بل يجب إلغاء الأخير لأنه باب خلفي لإهدار المال العام وحماية الفساد كما كان في دستور 1971 القديم.. يوضح المستشار مصطفي جاويش رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة أن الأجهزة الرقابية لابد أن يتولي رئاستها شخصيات وطنية تتميز بالسمعة الطيبة والضمير اليقظ دون إصدار تقارير لإيذاء الخصوم السياسية أو إخراس المعارضة والقيادي الجبان في الأجهزة الرقابية مثل القيادي المرتشي كلاهما يداه مرتعشتان فيجب أن يتم اختيار رؤساء للأجهزة الرقابية ممن يتمتعون بالشجاعة وفي مسودة الدستور الجديد رئيس الجمهورية يرأس جميع أجهزة الدولة بذلك يعين قياداتها بعد موافقة مجلس الشوري أو الشعب بالأغلبية ويجب أن تكون الأجهزة الرقابية منفصلة عن السلطة التنفيذية حتي تستطيع القيام بدورها في كشف إهدار المال العام والتربح للنفس أو للغير عن طريق الوظيفة وبالنسبة للمادة "2" فلابد من وضع آليات لضمان نشر تقارير الأجهزة الرقابية علي الرأي العام وضمان معاقبة المسئولين عن إخفاء تقارير كشف الفساد في بعض مؤسسات الدولة وأيضا إلزام الأجهزة الرقابية بتسليم دلائل ارتكاب المخالفات وجرائم المال العام لجهات التحقيق والنيابة المعنية باتخاذ اللازم نحو تقارير الأجهزة الرقابية وإهدار المال العام والحفاظ علي أموال الدولة.