قلل خبراء من الخلاف الحاصل بين الولاياتالمتحدةوروسيا بشأن الضربات الروسية لمواقع المعارضة في سوريا، والتصريحات المتبادلة بينهما والتي يبدو منها بمثابة بداية للإعلان الحرب العالمية بين روسيا وأمريكا، واصفين ذلك الخلاف بأنه للاستهلاك المحلى، ومجاملة أمريكية للدول المنطقة الرافضة لاستمرار بشار الأسد، كالمملكة العربية السعودية وتركيا. وحذر الخبراء من اتفاقية روسية أمريكية خلف الكواليس لتقسيم المنطقة وفق الاتفاقية المعروفة ب"سايكس بيكو"، مدللين على ذلك بأن الضربات الروسية جاءت بعد قمة ثنائية بين الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما خلال مشاركتهما في اجتماعات الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك وسط جهل وعمالة معظم الدول العربية، وفق تعبيرهم. واعتبر السفير عزت سعد، سفير مصر السابق لدى روسيا، الضربات الروسية على سوريا بأنها ليست تدخلاً أو عدوانًا على سوريا، لأنه جاء بطلب من الحكومة السورية، بالإضافة إلى أنه جاء بعد تفاهم مع الولاياتالمتحدة، مدللاً على ذلك بتصريحات الجانبين التي أكدت وجود تنسيق بينهما، لافتا إلى أن الضربات الروسية جاءت بعد القمة الأمريكية الروسية بين الرئيسين أوباما و بوتين في نيويورك خلال مشاركتهما في أعمال الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وعزا سفير مصر السابق لدى روسيا ل"المصريون"، التنديد الأمريكي بالضربات الروسية برغم التنسيق بينهما، والتصريحات الأمريكية التي وصفت الضربات بصب للزيت على النار، بأنها محاولة من الولاياتالمتحدة لمجاملة بعض الدول الإقليمية التي ترفض نظام الأسد كالسعودية وتركيا، مشددًا على أن الخلاف بينهما للاستهلاك المحلى، مشيرًا إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تجرى الآن تنسيقًا مع نظيرتها الروسية لضرب المواقع التابعة لداعش في سوريا و العراق، وقد تم اختيار العراق لتكون مركزًا لهذا التنسيق. وأرجع الدبلوماسي السابق، التدخل الروسي في سوريا ودعمهم لبشار الأسد لحماية مصالحهم الخاصة، موضحًا أن أربعة آلاف روسي مسلم يقاتلون بجانب داعش، مما يزيد التخوف الروسي من انتقال التطرف إلى روسيا، حيث إن التطرف الديني يعد هاجسًا قديمًا لدى الروس، فضلاً عن أن دعم بشار يأتي ضمن أحد مبادئ السياسة الخارجية الروسية والتي تعارض سياسة مقاومة النظم الشرعية بالقوة المسلحة، كما حدث في أوكرانيا مسبقًا مع الرئيس يانوكوفيتش. رأى الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن روسيا تنسق مع الولاياتالمتحدة لضرب السنة فى سوريا لخدمة إسرائيل، مؤكدًا أن ذلك يسير وفق الخطة الغربية لتقسيم المنطقة العربية والمعروفة ب"سايكس بيكو".
وأعرب حسين عن استيائه من الموقف العربى تجاه الأزمة السورية، مشددًا على أن العرب "بلعوا الطعم" مشيرًا إلى أن الموقف السعودى هو الموقف العربى الوحيد وسط عمالة وجهل بالسياسة الدولية من جانب الدول العربية، واصفا الحال العربى بالمأساوي.
وتابع الخبير الدولي، أن تورط السعودية فى حربها على الحوثيين فى اليمن وتراجع الموقف التركى بعد رفضه للنظام الأسد ساهم فى التدخل الروسى فى سوريا.
وأشار حسين إلى أن بشار الأسد يسعى لإقامة دولة علوية على المناطق التى يستحوذ عليها، وذلك بعد نجاح إيران والتى تدعم الأسد فى شيطنة السنة أمام الغرب.
وأرجع أستاذ العلاقات الدولية، ترك الغرب لتنظيم الدولة يتمدد خلال تلك الفترة الماضية إلى أن التنظيم بعد استيلائها على مناطق داخل العراقوسوريا وسيطرته على آبار البترول، شرع فى بيع البترول للدول الغربية بسعر زهيد أو مقابل السلاح، معتبرًا ذلك بمثابة إعلان الدول الغربية عدم معادة داعش، فى مقابل تنفيذ اتفاقية "سايكس بيكو" لتقسيم المنطقة العربية لحماية إسرائيل.
ومن جانبه قال السفير محمود فراج، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن ما يحدث فى سوريا من حملات عسكرية روسية لمساندة بشار الأسد فى الوقت الذى تقود فيه الولاياتالمتحدة تحالفًا لمواجهة داعش وتأكيدها أن هذا التنظيم لن ينتهى إلا بالإطاحة ببشار الأسد من السلطة، مما يعد مقدمة لبدء حرب كبيرة فى المنطقة العربية، تحاول كل من القوتين فيها السيطرة على سوريا ودعم نفوذها فى المنطقة والسيطرة على البحر المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط، لاسيما وأن تركيا تمتلك قواعد عسكرية كبيرة فى روسيا تحاول حمايتها من خلال حماية نظام بشار الأسد، مؤكدا أن الخاسر الوحيد هى سوريا.
وأوضح أن بدء الحرب جاء من أجل وضع نهاية للصراع المستمر منذ 4 أعوام فى سوريا ورغبة من روسيا فى إنهاء الصراع على الدولة، كما فعلت فى أوكرانيا، لافتا إلى أن هناك أطرافًا تدفع ناحية هذا الخيار مهما كانت التكاليف العسكرية والمالية.
وأوضح أن سوريا تقع في قلب الوطن العربي وبها بترول وكنوز مختلفة لذلك فهي تمثل كنزًا استراتيجيًا للولايات المتحدةوروسيا والسيطرة عليها يمثل إحكام القبضة على قلب الوطن العربي. واستبعد أن يكون هناك مواجهة مباشرة بين المعسكرين الروسى والأمريكى لوجود معاهدة تمنع المواجهة خارج الحدود، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة لن تدخل فى حروب قد تجنى منها خسائر كما حدث فى فيتنام وغيرها.
وأكد أن تخلي روسيا عن سوريا سيكون بمثابة انتهاء نفوذها من المنطقة ككل مستبعدًا أن يتم هذا بشكل سهل. وقال السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن القضية السورية تم تدويلها بصورة واضحة نتيجة للمؤامرات الإقليمية وتدخلات الدول الكبرى، فضلا عن أن الأوضاع العربية غائبة عن ممارسة التأثير الذي يمكن أن يجذب الأطراف إلى حل مقبول. وأضاف أن العناصر الموجودة في الساحة تحاول الإبقاء على الرئيس السوري بشار الأسد في فترة قد تتعرض للمساومات، وذلك ضمن المؤامرات الإقليمية والدولية وما يدور فيها من مساومات وقد يبدو محتملاً للاتفاق صيغة تنتقص من بعض صلاحيات الأسد وتهيئة المسار لقيادة أخرى ستكون من العسكريين. وشدد بدر على ضرورة أن تدرس الجامعة العربية الاحتمالات والتداعيات وما يمكن التوصل إليه من توافق للحفاظ على استقلال الدول العربية.