"الدستور منح بنوايا حسنة صلاحيات واسعة للبرلمان، والبلاد لا يمكن أن تدار بالنوايا الحسنة فقط"، كلمات خرجت على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي في حفل أسبوع شباب الجامعات العاشر بجامعة قناة السويس، فتحت باب التساؤلات حول مصير البرلمان المقبل ومدى تخوفه منه لمنح صلاحيات واسعة له من قبل الدستور، الأمر الذي قال معه خبراء إن البرلمان المقبل يشكل قلقًا لدى السلطة الحالية، ما أدى إلى تأجيله حتى الآن لحين بحث السلطة عن مخرج لهذا الأمر. الدستور الذي تم إقراره في 2014، يقلص من صلاحيات الرئيس ويمنح تلك الصلاحيات لمجلس النواب، وفي وجود البرلمان المنتخب، وبحسب الدستور، سُيحرم الرئيس من عدد من السلطات ولن تكون له الحرية في إصدار جميع قراراته كما هو الحال الآن. ومن ضمن الصلاحيات التى منحها الدستور للبرلمان بأنه لن يتمكن الرئيس من إجراء أي تعديل وزاري دون موافقة ثلث أعضاء البرلمان، وهو ما فعله السيسي أكثر من مرة منذ توليه الرئاسة. وتنص المادة 154من الدستور: يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ، على النحو الذي ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس، وإذا كان المجلس غير قائم، يعرض الأمر على مجلس الوزراء للموافقة، على أن يعرض على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له، ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ. كما شملت الصلاحيات أيضًا أنه لا يحق للرئيس في وجود البرلمان إعفاء الحكومة من عملها دون موافقة أغلبية البرلمان فلن يتمكن الرئيس من تغيير الحكومة بكاملها كما فعل بالأمس بقرار منفرد وهو ما نصت عليه المادة 147 "لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب، ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزاري بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس". الدكتور مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال ل "المصريون"، إن "الحديث فى هذه الأيام عن إمكانية تعديل الدستور وتقليص صلاحياته لصالح الرئيس أمر خطير للغاية"، مشيرًا إلى أن "صلاحيات البرلمان متوازنة ومن يدعون إلى الرجوع إلى النظام الرئاسي المسيطر على كل شيء لا نعرف مدى توجهاتهم أو نيتهم لذلك، موضحًا أن حديث السيسي عن صلاحيات البرلمان يؤكد أن هناك قلقًا ما لدى الرئيس من صلاحيات البرلمان خاصة أن للبرلمان الحق في سحب الثقة من الحكومة". وأوضح غباشى أن "المشكلة فى حالة حصول تيار على أغلبية ففي هذه الحالة سيشترك البرلمان مع رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة، فعند اختيار الرئيس رئيسًا للوزراء ليس على هوى البرلمان سيتم اختيار رئيس الوزراء من قبل النواب"، مشيرًا إلى أن ذلك يبعث بالقلق لدى السلطة التنفيذية من إمكانية توغل سلطة البرلمان عليها. وعن إمكانية تأجيل البرلمان أو إلغائه فى الوقت الحالي، قال غباشي إن هذا الأمر صعب فى الوقت الحالي، وذلك لوجود تعهدات حكومية بإجرائه قبل نهاية العام، موضحًا أن الأمر ليس متوقفًا فقط على الشأن المحلى ولكن موقف النظام أمام المجتمع الدولي أيضًا فى حالة عدم وجود مجلس النواب سيكون محرجًا للغاية. وقال في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر": "عرفتوا البرلمان الجاي أجندته إيه؟ يزودوا صلاحيات السيسي ومدة رئاسته، ويغيروا دستور ال98 في المائة عشان خاطر السيسي". وقال الدكتور يسري العزباوي، الخبير في النظم الانتخابية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام", إن خطاب السيسى اليوم أثبت أنه متخوف من البرلمان المقبل، مشيرًا إلى أنه فور انعقاد البرلمان سوف تتم مناقشة القوانين التى أصدرها الرئيس في الفترات الماضية وهو تخوف بسيط لدى الرئيس. وأضاف العزباوى ل"المصريون", أن البرلمان هو أعلى سلطة تشريعية طبقًا للدستور، مشيرًا إلى أن صلاحيات البرلمان أقوى من صلاحيات الرئيس، ومن الممكن أن يمنح البرلمان زيادة فى صلاحيات الرئيس، ولكن بعد توافق جميع الأعضاء، وهو ما يشكل صعوبة فى حدوثه. وأكد العزباوى، أنه من الصعب إجراء تعديل على الدستور حاليًا لتقليص صلاحيات البرلمان، لأن الوحيد الذى له سلطة التعديل حاليا هو البرلمان، ويأتى هذا بعد موافقة أغلبية الأعضاء المجلس النواب وبعدها يتم الاستفتاء عليها. ورأى الناشط السياسي شادي الغزالي حرب، أن الحديث المستمر عن أن البرلمان منح صلاحيات واسعة من قبل الدستور يؤكد أن البرلمان القادم يهدف إلى زيادة صلاحيات الرئيس السيسي وتقليص صلاحيات البرلمان، ليكون هو صاحب السلطة العليا في البلاد.