التعليم العالي: تقدم 28 جامعة في تصنيف التايمز العالمي للجامعات الناشئة 2024    طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان العلوم    المجلس الأعلى للحوار الإجتماعي يستكمل جلساته برئاسة وزير العمل    «الصحفيين» تدعو قيادات الصحف للاجتماع التحضيري للمؤتمر العام الثلاثاء المقبل    مفتى الجمهورية: الالتزام بالقوانين المنظمة للحج ضمن شرط الاستطاعة ويجب عدم مخالفتها    برلماني عن قانون إدارة المنشآت الصحية: من فشل في الإدارة لن يكون كفء في الرقابة    توريد 200 ألف طن من محصول القمح لصوامع البحيرة    وصول 96 ألف طن قمح على متن سفينتين لصالح هيئة السلع التموينية والقطاع الخاص    مؤتمر أخبار اليوم العقاري | أحمد العتال: أسعار العقارات لن تنخفض خلال الفترة القادمة    الرئيس السيسي يهنئ نظيره التشادي بفوزه في الانتخابات الرئاسية    محمد حمزة يهزم لاعب التشيك ويضمن ميدالية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى لسلاح الشيش    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    إصابة طالبة بإعدادية الأزهر بالزائدة الدودية في الشرقية    أمن الجيزة يضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء داخل مدرسة بفيصل    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    السجن 3 سنوات ل حارس عقار و2 آخرين بتهمة «السرقة بالإكراه» في منطقة التجمع الخامس    «دراما الشحاذين» يستهل فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح ال31    خفة ظله «سر» شهرته.. ذكرى وفاة الفنان حسن مصطفى    تعرف على النجم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما السبت    «القومي للبحوث» يوجه للأمهات بعض النصائح للتعامل مع الجدري المائي    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    أوكرانيا: القوات الجوية تسقط 37 طائرة روسية دون طيار    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    إصابة 4 مواطنين فى مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    كيف تستمتع بنوم عميق في الطقس الحار؟    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصياد» يطرح 17 سؤالًا على «السيسى» في عامه الأول
نشر في المصريون يوم 14 - 06 - 2015

طرح الكاتب الصحفي أيمن الصياد, مستشار الرئيس المعزول محمد مرسي 17 سؤالًا على الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال تعليقه على أداء الرئيس في العام الأول له فى حكم البلاد، مؤكدًا أن تقييمه للسيسى كان من خلال الدستور الذي أقره الشارع بأغلبية كبيرة.
وكان نص المقال الذي نشرته صحيفة "الشروق" وحمل عنوان "أسئلة «القَسَم».. والنصوص.. وعام جديد"، كان من المفترض لهذا المقال أن يُنشر الأحد الماضي، ثم وجدت أن مثل تلك أسئلة لن تجد مكانها «الهادئ» وسط أهازيج الاحتفالات وقوائم الإنجازات والملاحق الخاصة والمانشتات الملونة.. فكان أن آثرت الانتظار.
القسم.. وشهوده
عندما سألني عمرو عبدالحميد مقدم برنامج «حوار القاهرة» السؤال الذي بدا «مقررا» ليلتها عن تقييمي لعام مضى على حكم الرئيس، أعدت عليه ما قلته ألف مرة من أن آفتنا؛ نحن العرب أننا «نشخصن» القضايا والأمور. وأن القضية لم تكن أبدا في اسم من يسكن القصر، وإنما في «النظام» الذي يحكم القصر، وربما من في القصر.
وقلت له: أن أي تقييم يحتاج إلى معيار ومقياس، وإذا كان الرئيس قد قال مرتين أن «نظام مبارك كان يجب أن يسقط منذ خمس عشرة سنة»، يصبح أحد معياري التقييم (الذي وضعه هو بنفسه) يتمثل في الإجابة عن السؤال: هل أسقط الرئيس هذا النظام الذي حمله بنفسه مسؤولية «تخريب مصر» أم أنه ازداد ضراوة بعد عام (أو بالأحرى عامين) من انفراده بالحكم، أو بتقاليد الأمور؟
أطرح السؤال .. ولا أحب أن أحتكر الإجابة.
•••
العقد شريعة المتعاقدين، والعقد في حالتنا تلك هو «الدستور». ولا أحسب أن هناك «معيارًا» للتقييم أكثر من هذا العقد الذي أقره 98٪ من الناخبين، وأقسم الرئيس الذي انتخبوه على احترامه
قبل ما يقرب من العامين (نوفمبر2013)، وفي مؤتمر دولي عن «الدساتير كأداة ضامنة لتحول ديموقراطي سلمي» كان بجواري على المنصة د. أحمد البرعي أستاذ القانون والوزير في وزارة ما بعد الثالث من يوليو، وأحد الشهود (بحكم خبرته القانونية ودوره السياسي) على كيف ضلت خارطة الطريق طريقها فأخذت الذين خرجوا في الثلاثين من يونيو في نهاية المطاف إلى غير ما خرجوا من أجله. يومها كان طبيعيا أن يؤكد رجل القانون «والسياسة» على قيمة «الدستور» وما يعطيه احترامه من شرعية للنظام السياسي، مذكرا بأنه «كان لدينا في دستور 1971 مواد لو كنا قد طبقناها، ما كان حالنا هو هذا الحال». ويومها كان ضمن تعقيبي أن عدم تطبيق مثل تلك المواد، أو الالتفاف عليها بما يعرفه القانونيون "بالتعسف في استخدام السلطة»، أو تشويه الدستور ذاته «على مقاس من يحكم» كما جرى في القصة المعروفة للمادتين 76 و77 كانت كلها عوامل تراكمت وتزاحمت فضاق بها الأفق، وضاقت بها حياة الناس فدفعتهم في نهاية المطاف إلى الشوارع في ذلك اليوم المشهود من يناير 2011. صحيحٌ أن الذين خرجوا، بل وربما الذين تنادوا من الشباب لإخراجهم لم يكونوا قد قرأوا الدستور، أو حفظوا مواده أو وقفوا أمام محكمته العليا ليطعنوا في هذا القانون أو ذلك الإجراء. ولكنهم قطعًا كانوا قد شعروا «بأثر» انتهاكه غيابا للحرية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
ثم كان أن تذكرت ملاحظة د. البرعي والتعقيب عليها، عندما كرر الزميل سؤاله عن تقييم عام مضى.
•••
قبل عام، وبالتحديد مساء الثامن من يونيو 2014 وفي أجواء لامعة براقة جرت مراسم الاحتفال الباهر بتنصيب الرئيس.
قبلها بساعات كان الرئيس المنتخب المشير عبد الفتاح سعيد السيسي يقف أمام قضاة المحكمة الدستورية العليا ليحلف اليمين التي تنص على «احترام الدستور».
العقد شريعة المتعاقدين، قاعدة فقهية وقانونية نعرفها جميعًا ويعرفها قبلنا القضاة الأجلاء الذين حرصوا أن يرتدوا أروابهم ساعة أن أقسم الرئيس. والعقد في حالتنا تلك وكما تقول كتب السياسة والقانون هو «الدستور» ولا شيء غير الدستور. وعليه فلا أحسب أن هناك «معيارًا» للتقييم أكثر من هذا النص / العقد الذي أقره 98٪ من الناخبين، وأقسم الرئيس الذي انتخبوه على احترامه، وشهد على التعاقد لفيف من القضاة الأجلاء.
لا أحب أن أعيد كلاما كتبته هنا مبكرا (2 مارس 2014) تذكيرا بما جرى ويجري يوميا من انتهاكات لهذه المادة أو تلك، إذ يكفي في ظني «تبيانا وإيضاحًا» مقارنة ما يجري على الأرض بنصوص الباب الثالث الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة (المواد من 51 إلى 93) وكذلك الباب الرابع الخاص بسيادة القانون، كما قد يكفي العودة إلى المقال المهم للدكتور زياد بهاء الدين (وهو أيضا قانوني وكان أيضًا نائبًا لرئيس الوزراء في وزارة ما بعد الثالث يوليو قبل استقالته واضحة الدلالة) والذي يعتبر فيه نصا أن «محصلة التشريعات الصادرة فى الآونة الأخيرة تعنى واقعيا أن الدستور الجديد أصبح فى بعض جوانبه معطلا إلى حين إشعار آخر» الشروق 4 نوفمبر 2014، كما قد يكفي أيضًا ما ذكرنا به المهندس يحيى حسين عبد الهادي (ابن القوات المسلحة وحركة كفاية) من انتهاك للمادة 145 من الدستور والتي جاء فيها نصًا «يتعين على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمة مالية عند توليه المنصب، وعند تركه، وفى نهاية كل عام، وينشر الإقرار في الجريدة الرسمية». وهو الأمر الذي لم يحدث حسب ما يذكر م. عبد الهادي في مقالين بجريدة الأهرام (2 مايو 2015) ثم الوطن (8 يونيو 2015).
•••
هل هناك من قرأ جيدا ماذا فعل الاستبداد ثم التمييز والإقصاء بالعراق؟ وهل هناك من مازال يظن أن الدولة الأمنية القمعية، مهما بلغت سطوتها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار (سوريا الأسد نموذجًا) إسراء الطويل أعرف أن عدوى كراهية الإخوان انتشرت بين الناس كنار في الهشيم دخانها كثيف لدرجة أرمدت العيون فلم تعد تقوى على قراءة «النصوص» فما بالك بما بين السطور؛ مغزىً ودلالةً. وأعرف أن طبول «الحرب على الإرهاب»، كانت عالية بما يكفي لتصم آذانهم عن أي نصح أو تحذير، إلا أنني لا أعلم ما علاقة تلك الكراهية أو هذه الحرب بقائمة الانتهاكات الطويلة لبنود التعاقد بين السلطة والمواطنين «الدستور» من قبيل ما أشير إليه في أمر «إقرار الذمة المالية»، أو عدم إجراء الانتخابات البرلمانية في الموعد الذي حددته المادة 230، فتكون النتيجة الواقعية أن ينفرد "الرئيس" وحده بسلطة التشريع (كانت "خارطة الطريق" فضلا عن الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو 2013 ينصان بوضوح على إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية.. لو مازلتم تذكرون!)
ليس لي «كصاحب رأي لا أكثر» أن أحتكر الإجابة، إذ أحسب أن من يملكها واقعيا هما طرفا التعاقد، وشهوده من القضاة الأجلاء الذين حرصوا على ارتداء أروابهم المهيبة في ذلك اليوم الثامن من يونيو 2014. لكني أحسب أن لي، ككل صاحب رأي قلق على مستقبل هذا البلد واستقراره أن أطرح «أسئلة عام جديد» بدأنا واقعيًّا أيامه الأولى:
هل يعلم السيد الرئيس ابتداءً أن الأجهزة الأمنية عادت بما هو أسوأ من أيام مبارك؟
هل هناك من يذكر ماذا فعل «السافاك» بنظام الشاه؟ وماذا فعل Securitate بتشاوشيسكو؟ وهل هناك من قرأ جيدا دروس سقوط «جدار برلين»؟
هل يعني اعتذار الرئيس للمحامين بعد إضرابهم «الناجح» احتجاجا على واقعة الحذاء الشهيرة، أن هناك من أدرك أن الممارسات الأمنية «الوفية لثقافتها المتوارثة» يمكن أن تأخذه، بل وأن تأخذ النظام إلى حيث أخذت مبارك؟ ثم هل يعني نجاح «الإضراب» في الحصول على اعتذار من رأس الدولة، أن الإضراب، الذي حاول البعض تجريمه أو تكفيره رغم أنه حق دستوري (المادة 15) قد أثبت أن لم يعد غيره سبيلا ناجعا لاقتضاء الحقوق؟
هل هناك من يدرك خطورة تربية أجيال من المتطرفين داخل سجون / معتقلات ازدحمت إلى درجة اضطرت «الإدارة» إلى الشروع في بناء سجون جديدة؟ هل هناك من يذكر من أين أتى شكري مصطفى وصالح سرية؟
هل هناك من بين الراقصين حول النار من يدرك خطورة كثير مما يجري على مستقبل الأمن والأمان والاستقرار لهذا الوطن؟
هل هناك من قرأ في دروس التاريخ فضلا عن دروس دول الجوار أن «كل سلطة تنتج معارضة على شاكلتها»، وأن سلاحا «متجاوزا» ترفعه السلطة (أي سلطة) في وجه معارضين ظهورهم إلى الحائط يستحضر ألف سلاح «وقنبلة» لا يمكن واقعيا أن تعرف في أي زاوية ستختبئ؟
باختصار هل هناك من بين الراقصين حول النار (أو «الكعكة») من يدرك خطورة كثير مما يجري على مستقبل الأمن والأمان والاستقرار لهذا الوطن؟
هل هناك من يعرف أن عليه إطلاع الرئيس «بأمانة» على ما تقوله المنظمات الحقوقية الدولية وأعمدة الكتاب هنا وهناك عن حال الحريات وحقوق الإنسان في مصر؟ أم أن هناك من لا يريد إزعاج «الرئيس»؟ أم ربما أنه (أو أنهم) يصدقون فعلا أن الأمر كله لا يعدو أن يكون «مؤامرة كونية على المحروسة».

هل يصدق الرئيس بيانات دبلوماسييه التي تكرر كلاما محفوظا عن «حال العدالة وحقوق الإنسان» في مصر، وهل يعلم كم يتندر مراسلو الصحف العالمية على مثل تلك البيانات؟
هل هناك من يعتقد أن تجاهل التقارير الصحفية اليومية عن حالات الاختفاء القسري فضلا عن المادتين 54 و55 من الدستور هو الإجراء الحكيم؟ (عدد حالات الاختفاء أو الاحتجاز دون وجه حق حسب أرقام المجلس القومي «الرسمي» لحقوق الإنسان وصلت إلى 163 شخصا خلال شهرين)
يرفع البعض «الحفاظ على الدولة» شعارا، ولكن هل يمكن الحديث هكذا عن «دولة» تسكت عن الاختفاء القسري لبعض مواطنيها، وعن «التهجير القسري» لآخرين. أتحدث عن ما جرى لأقباط إحدى قرى محافظة بني سويف، وعن قائمة للمختفين بدأت بإسراء الطويل، ويبدو أنها لم تنته بعد.
هل هناك من يعتقد حقًّا أنه سينجح إلى الأبد في تسويق مقايضة «غضُوا الطرف عن ما نقترفه في حق مواطنينا، مقابل أننا سنتكفل عنكم بمواجهة الإسلاميين الأشرار». وإذا كان ذلك صحيحًا فيما يبدو على السطح، أليس هناك من يفتح القواميس والمعاجم ليعرف التوصيف الحقيقي لمثل تلك المقايضة.
هل هناك حول الرئيس من يعلم أن أوهام «القضاء» هكذا على هذا أو ذاك، التي باتت تجتاح المنطقة هي التي تفتح الباب واسعًا للأعنف والأكثر تطرفا. هل هناك من قرأ جيدا ماذا فعل الاستبداد ثم التمييز والإقصاء بالعراق؟ وهل هناك من مازال يظن أن الدولة الأمنية القمعية، مهما بلغت سطوتها قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار (سوريا الأسد نموذجًا)
هل هناك من يسأل: أين ذهبت بِنَا الإستراتيجية المعتمدة «للحرب على الإرهاب»؛ إن في سيناء (تتحدث البيانات الرسمية عن تصفية 866 خلال سبعة أشهر). أو في الوادي (تقول الأرقام الرسمية للمجلس القومي لحقوق الإنسان أن عدد من لقوا حتفهم بعد 3 يوليو 2013 وصل إلى 2600 ضحية). ألا يقتضي الأمر إعادة النظر في مقاربات أخرى.
ثم بعد ذلك كله، أو ربما قبله: هل هناك من يعتقد أن «عالم اليوم» هو عالم الخمسينيات والستينيات؟ أو أن ما كان يصلح (بل وربما مطلوبًا) وقتها، ما زال صالحا في عالم تغير، وتغيرت قواعده الحاكمة.
•••
هل يعتقد السيد الرئيس أن مصر ممكن أن تصبح «أد الدنيا» حين تتحكم «الجهات الأمنية» في الجامعات، فتَحول «عمليا» دون سفر أساتذة الجامعات وباحثيها لاستكمال بحوثهم أو لحضور مؤتمرات علمية؟
قد نختلف حول قراءة ما تغير، وقواعده الحاكمة. ولكننا قطعًا لن نختلف في قراءة نصوص الدستور، وفي أن قواعده بحكم التعريف حاكمة. فدعونا نعود إلى أسئلته:

ماذا يعني إصدار الرئيس (منفردا) لكل هذا العدد من القوانين (القرارات بقوانين) والتي يبلغ عددها حسب الجريدة الرسمية ما يزيد عن الثلاثمائة (من يوليو 2013) وكيف سيتسنى واقعيا للبرلمان القادم أن يناقش كل هذا العدد خلال أسبوعين من انعقاده كما تقضي بذلك المادة 156
هل قرأ السيد الرئيس تصريحات «المصدر السيادي» التي تقول بعدم اختياره لوزير العدل الجديد «لأن الرئيس يختار الوزارات السيادية فقط»؟ وهل يعرف صاحب التصريح أننا نجيد القراءة، وأننا قرأنا المادة 146 من الدستور التي تضع وزارة العدل ضمن تلك الوزارات الأربع؟
هل يعتقد السيد الرئيس أن مصر ممكن أن تصبح «أد الدنيا» حين تمتد أصابع الأمن (وهي «مانعة» بطبيعتها) لتحكم الحصار حول مؤسسات العلم والتعليم (في انتهاك للمادة 21 من الدستور)، ليس فقط عصفًا بحريات أكاديمية لازمة لقيام تلك المؤسسات بدورها، بل لتتحكم حتى في سفر أساتذة الجامعات وباحثيها لاستكمال بحوثهم أو لحضور مؤتمرات علمية.
أتفهم أولويات الرئيس الاقتصادية، ولكني مقتنع بما قلته سابقا أن «المعادلة الأردوجانية» القائمة على مقايضة الحريات برغيف الخبز (وهي بالمناسبة تطوير لا أكثر لتوازنات النظم الشمولية القديمة) لم تعد تصلح في زمن الانفتاح المعلوماتي على العالم. وأن نجاح أردوجان «المحبوب» في الصعود بتركيا إلى المركز الثامن عشر في الترتيب العالمي لإجمالي الناتج المحلي (حسب أرقام صندوق النقد الدولي). لم تحل دون تراجع شعبية حزبه في الانتخابات الأخيرة. كما لم تفلح «أحلام» الزعيم القوي، ولا أنهار «أعلام الدولة» تغطي شوارع «الاستانة» في الحيلولة دون ذلك.
•••
وبعد..
فالأسئلة أكثر من أن تتسع لها هذه الصفحة. وأعرف أن «ثقافة حاكمة» وخبرات مهنية موروثة تحول دون طرحها في المكان المناسب. رغم أنها صارت ملمحا يوميا في كتابات كثيرين ممن ساندوا وآزروا قبل عام (أو عامين) .. ولهذا دلالته ومعناه.
ثم أن هذه «أسئلة» .. ولا أزعم أن بوسعي احتكار الإجابات.
كما أنني «أكرر»: لا أتحدث عن «أشخاص»، بل عن سياسات «ونظام» كما لا أفتش في النوايا، فليس هذا محل الحديث في الشأن العام.
هذه ليست أكثر من «أسئلة»، أو بالأحرى بعض الأسئلة، أما الإجابة النموذجية، لمن يريد أن ينجح ففي كتابين لن أمل الإشارة لكليهما:
دستور اعتمده الناس عقدا لعلاقتهم بالنظام والدولة.
وتجارب الذين سبقونا في التحول الديموقراطي، في فصل عنوانه «مقتضيات العدالة الانتقالية»
ثم لعلي قبل أن يستل «المتمترسون في ثنائيتهم المقيتة» سيوفهم الصدئة فيأخذون النقاش إلى غير ساحته؛ تهليلا أو إنكارا أكرر ما قلته ألف مرة: أنني (دون التردي في افتراء غير عقلاني، أو التصفيق لجوقة خطاب كراهية مكارثي) أتفهم كل انتقاد لما فعله الإخوان بل ولعلي كنت أول وأكثر المنتقدين. كما أنني أعلم ربما أكثر من غيري جريمتهم في حق المستقبل. وكيف أضاعوا «اللحظة العبقرية» في تاريخ هذا الشعب، وكيف قادونا وقادوا شبابهم بل والمنطقة كلها إلى ما صرنا إليه، ولكن هذا كله لا يبرر أبدًا أن يكون هناك بحُجَّتهم، أو بغيرها من يصادر على حق أجيال قادمة في أن يأخذ هذا البلد طريقه الذي يستحق إلى المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.