ذاكرة الزمان المصرى 25أبريل….. الذكرى 42 لتحرير سيناء.    الآلاف من أطباء الأسنان يُدلون بأصواتهم لاختيار النقيب العام وأعضاء المجلس    وفد جامعة المنصورة الجديدة يزور جامعة نوتنجهام ترنت بالمملكة المتحدة لتبادل الخبرات    التربية للطفولة المبكرة أسيوط تنظم مؤتمرها الدولي الخامس عن "الموهبة والإبداع والذكاء الأصطناعي"    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    بالصور.. إحلال وتجديد 3 كبارى بالبحيرة بتكلفة 11 مليون جنيه    وزير التنمية المحلية يعلن بدء تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع وزيرة الدولة الألمانية للمناخ    النواب يرسل تهنئة رئيس الجمهورية بذكرى تحرير سيناء    عاجل| مصدر أمني: استمرار الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي للوصول لصيغة اتفاق هدنة في غزة    وزير الخارجية الروسي يبحث هاتفيا مع نظيره البحريني الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتصعيد بالبحر الأحمر    الدماطي يطمئن على ترتيبات افتتاح بطولة إفريقيا للكرة الطائرة سيدات    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للإسكواش ويستعد لمواجهة حامل اللقب "على فرج"| فيديو    تحطم سيارتين انهارت عليهما شرفة عقار في الإبراهيمية بالإسكندرية    والدة الشاب المعاق ذهنيا تتظلم بعد إخلاء سبيل المتهم    «الصحة»: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    مياه الشرقية تنفذ أنشطة ثقافية وتوعوية لطلبة مدارس أبو كبير    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    مدينة أوروبية تستعد لحظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل (تعرف على السبب)    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    مساعدو ترامب يناقشون معاقبة الدول التي تتخلى عن الدولار    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    منة تيسير : "العتاولة" نقلة كبيرة في مشواري الفني    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف القعيد يكتب: لماذا صمت هيكل كل هذه السنين على إعلان مؤامرة اغتيال عبد الناصر؟
نشر في الدستور الأصلي يوم 05 - 03 - 2010


1- الذكرى تنفع الوطنيين
هل تذكرون ما قاله الأستاذ هيكل علي قناة الجزيرة أن الرئيس عبد الناصر قرأ بنفسه خطة التخلص من حياته. وبعدها انهالت التساؤلات: لماذا صمت هيكل كل هذه السنوات ولم يعلن هذا السر الخطير؟ من سألوني وعدتهم بنقل التساؤل إلي الأستاذ. وقبيل اللقاء قال لي خالد عبد الهادي في اتصال تليفوني إن الأستاذ هيكل ذكر هذه الواقعة في كتابه بين الصحافة والسياسة. في الفصل السادس وعنوانه: أسئلة كثيرة وسؤال أكبر. تأخر لقائي مع الأستاذ لوجوده في برقاش. وعندما جاء القاهرة قابلته في لقاء تداخل مع لقاء ثان. كان مع الصديق عبد الله السناوي. رئيس تحرير جريدة العربي الناصري. وفي اللقاء أكد لي الأستاذ دقة الواقعة.
2-عمر من الكتب
وفي مكتبتي الخاصة أكثر من نسخة من كل كتاب من كتب الأستاذ هيكل حتي النادرة منها. ولكني وبسبب حالة «كركبة» وعدم تنظيم في المكتبة. فإنني عندما أحتاج كتاباً جديداً أكتشف أن شراءه من المكتبات ربما كان أسهل. وهكذا قمت برحلة في المكتبات التي أعرفها والتي لا أعرفها. واكتشفت أن كتب هيكل «المفردة» موجودة. ولكن حسب التساهيل، أما كتاب بين الصحافة والسياسة فلا وجود له. والموجود - إن وجد - المؤلفات الكاملة التي صدرت مؤخراً عن دار الشروق. ولا بد من بيعها كلها مرة واحدة. وقد صدر الأستاذ هيكل مؤلفاته تحت عنوان: عمر من الكتب. تحت هذه العبارة: - لا أعرف أهو تحيز رجل لما ألف وعرف. أو أنه حكم في الموضوع. بصرف النظر عن متغيرات العصور. لكني علي شبه اقتناع بأن الكتاب المطبوع علي ورق له العمر الطويل. وأنه الحاضر علي الدوام. مهما اشتد من حوله الزحام. بمعني أن الكلمة المكتوبة علي الورق باقية. والكلمة المسموعة علي الإذاعة والتليفزيون عابرة. والكلمة المكهربة علي الكمبيوتر فوارة. وهي مثل كل فوران متلاشية. أي أن الكلمة المكتوبة علي الورق بناء صلب: حجر أو معدن. وهكذا كل بناء. وأما غيرها فهو صيحة متغيرة. خاطفة ولامعة. وبارقة. وبالنسبة لكاتب - علي الورق وبالحبر - فإن كتابته هي بناء عمره. وهكذا فإن هذه المجموعة في نهاية المطاف: عمر من الكتب! محمد حسنين هيكل
3- بين الصحافة والسياسة
وكتاب بين الصحافة والسياسة له مكانة خاصة عندي. علاوة علي نوعية موضوعة. ففي هذا الكتاب كتب هيكل عن نفسه وحكايته مع الصحافة. ما يمكن أن يرقي لأن يكون ترجمة ذاتية. كتبها بنفسه وبقلمه. ولأن طبعة الشروق لكتب هيكل الكاملة أو عمر هيكل من الكتب تخلو من تاريخ كل كتاب. متي صدرت طبعته الأولي؟ وأين صدرت؟ وهل نشر مسلسلاً في الصحافة؟ أم صدر ككتاب مباشرة؟ لذلك عصرت ذهني وعدت لما تمكنت من العودة إليه من مكتبتي. وسألت خالد عبد الهادي وعرفت تاريخ بين الصحافة والسياسة ككتاب. بين الصحافة والسياسة. صدر ككتاب لأول مرة سنة 1984 أي منذ ستة وعشرين عاماً عن دار المطبوعات لصاحبها تحسين خياط في لبنان. وقبل ذلك كان قد نشر الكتاب مسلسلاً في وقت واحد في كل من القبس الكويتية والخليج الإماراتية والدستور الأردنية والسفير اللبنانية. وصدرت طبعات كثيرة من الكتاب عن دار النشر اللبنانية. ولم يصدر هذا الكتاب في مصر إلا سنة 2004 أي بعد صدوره لأول مرة بعشرين عاماً. ضمن مشروع دار الشروق: عمر من الكتب. وأسميه أنا مؤلفات هيكل غير الكاملة. أما الفصل الخطير الذي كتب فيه هيكل لأول مرة عن محاولة اختيال عبد الناصر ومعرفة عبد الناصر بالمحاولة. فعنوانه في الكتاب: أسئلة كثيرة وسؤال أكبر. ويقع في الصفحات من 326 إلي 330 وحتي نسترجع معاً متعة قراءة هيكل كاتباً نقرأ هذا الفصل الجميل:
4- أسئلة كثيرة وسؤال كبير!
وأغلقت الملف الكبير الذي يضم خطابات علي أمين إلي مصطفي أمين، وتواردت علي خواطري صور، ولا أقول ذكريات. لأن الذكريات شريط سريع منسجم لا تظهر فيه مشاهد بعينها محددة بشخوصها مستقلة عما عداها، وإنما هي حالة تنساب فيها الحركة والمشاهد والملامح، وتتحول إلي رؤي تطوف بالقلب وبالأعصاب أكثر مما تمر أمام العين وقرب الأذن... حالة تتلاشي فيها المادة وتتحول إلي رائحة تعيد في عالم الحواس عبق دنيا بأسرها كانت ثم مضت... الصورة شيئ آخر غير الذكريات. مشاهد بعينها تبقي وكأنما لحظة من الزمان تجمدت فيها، وليس من الضروري أن تكون هناك علاقة بين مشهد وآخر ولا رابطة معينة بالضرورة بين شخص وشخص. انفتحت عدسة فالتقطت كل ما كان من أمامها لمجرد أنه كان هناك. وربما تناقضت الصورة مع الصورة وتصادم المشهد مع المشهد. وليس هذا هو الحال مع الذكريات. ليلتها، تلك الليلة التي سهرت فيها أقرأ خطابات لندن إلي طره، كان ما حولي ينتمي إلي عالم الصور أكثر من عالم الذكريات. ما كل هذا الذي قرأته؟ والذي قرأته ورأيته ولمسته قبله؟ وقبله؟ ماذا يعني هذا كله؟ وما القصد منه؟ وماذا وراءه؟ وماذا بعده؟ وأين الصدق وأين الزيف؟... وأين فيه المتعمد المقصود، وأين العفوي التلقائي؟ ثم اختزلت الأسئلة كلها في سؤال واحد: - هل قرأ «جمال عبد الناصر» هذه الرسائل؟ وماذا كان تعليقه؟ وما الذي استنتجه منها؟ كنت أرجح أنه قرأها كما قرأتها، وربما سبقني في أنه قرأها قبلي في أوانها، فقد كان يقرأ كل شئ في أوانه، وكان له جلد غريب علي المتابعة. هامش: «قلت مرة فيما بعد أن من مشاكل مصر - بين عهدي عبد الناصر والسادات - رئيس كان يقرأ حتي بعض ما لا يستحق القراءة. ثم رئيس بعده لا يقرأ حتي ما لابد له أن يقرأه»، وتذكرت أنه كان في وضع يسمح له أن يري جانبي الطريق بين لندن وطره وبالعكس. كان اختصاصي كوزير للإرشاد أن أتلقي ما هو قادم من لندن. وكان الاختصاص في تلقي ما هو صادر عن طره عائداً إلي مصلحة السجون ووزارة الداخلية، وإن كنت عرفت من بعيد أن مصطفي كان يضيق صدره أحياناً برسائل علي. يكتب له من لندن والريفييرا وإسبانيا، ثم يقول له في نهاية كل خطاب إنه «يحس بقدوم الفجر»، ويصرخ مصطفي في ردوده بأنه لا يري فجراً ولا «هباب»! ولم أعرف ولا سعيت لأعرف أكثر. وكان مكتبي مصب وزارة واحدة. وأما مكتب جمال عبد الناصر فكان مصب كل الوزارات. وإذن فقد كان أمامه أن يري كل شئ إذا كان يريد أن يراه.. ولكن هل رأي؟ ثم ماذا؟ وكيف؟ وهل؟ إلي آخره... أسئلة كثيرة دون إجابة مؤكدة! ثم جاءتني الظروف ذات يوم. فيما بعد. بما تصورته للوهلة الأولي إجابة، ثم راح بمزيد من التفكير يتحول إلي سؤال أكبر من كل الأسئلة! بمحض المصادفات - فيما بعد بسنوات - جاءت إلي مكتبي ورقة لفتت نظري علي الفور لأنها تحمل في أعلاها تأشيرة بخط جمال عبد الناصر، كنت في ذلك الوقت أجمع المواد لكتاب «عبد الناصر والعالم» وأحاول تعقب كل تأشيرة كتبها بيده. كانت الورقة مذكرة بخط السيد سامي شرف تاريخها 3-6-1970، وعليها كتب السيد سامي شرف بخطه ما يلي بالحرف. هامش: صورة المذكرة بخط السيد سامي شرف في الملحق الوثائقي في نهاية هذا الكتاب. وثيقة رقم 28: رئاسة الجمهورية العربية المتحدة سكرتارية الرئيس للمعلومات أفندم هناك بعض الخواطر وردت علي ذهني نتيجة استقراء بعض التحركات والتصريحات في الفترة الأخيرة يمكن أن أخرج منها باستنتاج أن هناك شيئاً يدبر ضد ج. ع. م (الجمهورية العربية المتحدة) ويمكن إجمالاً إيجاز هذه التحركات في الآتي: (واستطرد السيد سامي شرف فساق ثمانية مظاهر أوصلته إلي استنتاجه. وأوثر أن لا أنقل منها شيئاً. حتي الآن ورغم مرور السنين. لأن الصالح الوطني يقتضي الحفاظ علي سريتها. ثم استطرد). وطبعاً هناك بند أساسي كان من المفروض أن يتصدر القائمة وهو الولايات المتحدة وإسرائيل وتخطيطهما الموحد والموجه أساساً ضد مصر. وعلي ضوء هذه الخواطر السريعة أقترح أن تتخذ جميع الإجراءات الوقائية المشددة بالنسبة للأوضاع في الداخل، ويمكن إذا أذنتم سيادتكم أن يُعقد اجتماع من بعض المسئولين في قطاعات الأمن لوضع تقدير موقف كامل وخطة لمواجهة أي احتمالات. برجاء التفضل بالنظر. (إمضاء) سامي في أعلي المذكرة كانت تأشيرة جمال عبد الناصر وبخط يده، نصها بالحرف. هامش: تأشيرة الرئيس جمال عبد الناصر في الركن الأعلي الأيسر من المذكرة وبخط يده ظاهرة في الوثيقة رقم 28 في الملحق الوثائقي في نهاية هذا الكتاب: «سامي» لقد تقابل علي أمين في روما مع أحد المصريين المقيمين في ليبيا وقال له إن الوضع في مصر سينتهي آخر سنة 1970 «جمال» لأول وهلة تصورت أن التأشيرة تجيب عن أسئلتي كلها بجملة واحدة: لا بد أنه قرأ كل شيء، ولكنه لم يصدق ما يقول به ظاهر الكلمات. وأعدت القراءة والتدقيق. وكشفت النظرة الثانية عن أشياء لم تظهر للوهلة الأولي. غريبة! إن مذكرة السيد سامي شرف لم يرد فيها - من قريب أو من بعيد - ذكر لعلي أمين، فما الذي استدعي الاسم إلي تفكير جمال عبد الناصر في صددها؟! ملاحظة أخري: تاريخ المذكرة هو 3 يونيو 70 وتأشيرة جمال عبد الناصر بخطه عليها بتاريخ 28 يونيو 70 ولم تكن عادته أن يتأخر في إبداء رأيه في موضوع يعرض عليه خمسة وعشرين يوماً! وتذكرت... كان أيامها في «ليبيا» يحضر احتفالات الجلاء عن قاعدة «هويلس» الأمريكية. لابد أن المذكرة دخلت إلي مكتبه قبل سفره بيوم أو بيومين ولم يطلع عليها، وحين عاد من ليبيا - وكان يستعد للسفر بعدها إلي الاتحاد السوفييتي - حرص علي أن يبدأ في كل ورقة وجدها علي مكتبه. ورحت أقرأ تأشيرته أحاول استيعاب كل حرف فيها: «لقد تقابل علي أمين في روما مع أحد المصريين المقيمين في ليبيا وقال له أنه الوضع في مصر سينتهي آخر سنة 70 جمال» هامش: يتضح من التأشيرة أن جمال عبد الناصر كتبها في البداية «لقد تقابل علي أمين مع أحد المصريين... إلخ». ويظهر أنه أراد أن تكون تأشيرته أكثر تحديداً. فقد عاد فيما يبدو ورسم خطاً كتب فوقه من روما. وللسرعة فيما أظن نسي حرف الواو في وسط كلمة «روما». كنت معه في ليبيا وصحبته بعدها إلي موسكو! ولكن من هو المصري المقيم في ليبيا الذي نقل إليه ما سمع من علي أمين؟ تذكرت أنه قابل كثيرين... كثيرين. من منهم؟ لم أستطع أن أحدد، لكنه من الواضح أن جمال عبد الناصر أخذ الكلام جداً فبقي عالقاً في ذهنه حتي استقر علي صورة تأشيرة بخط يده استدعتها مذكرة معروضة عليه. ماذا سمع من هذا المصري غير ذلك؟ وما الذي جعل علي أمين يفضي إليه بما أفضي؟ وفي أي سياق وأي مناخ؟ وقصداً أو زلة لسان؟ وما هي بقية التفاصيل؟ الخطير في الموضوع أن «الوضع في مصر انتهي» فعلاً «آخر سنة 70»! كان رحيل جمال عبد الناصر يوماً فاصلاً في هذه الحقبة من التاريخ العربي الحديث، ولعلي أقول إنه كان هو اليوم الفاصل! ما الذي كان يعرفه الأستاذ علي أمين؟ وكيف وصل إليه؟ وممن؟ وثارت الأسئلة عواصف. وأحسست بقشعريرة!
5- سامي شرف
والآن ما رأي الأستاذ سامي شرف. أحد حراس الناصرية وأحد ديدبانات تراث عبد الناصر وكل ما كان يمثله؟ خصوصاً أن الأستاذ هيكل يعترف صراحة أنه حذف ثمانية مظاهر كتبها سامي شرف بخط يده ليدلل علي مخاوفه. لأن الصالح الوطني قد يقتضي الحفاظ علي سريتها. هل مازالت هذه الاعتبارات قائمة حتي الآن؟ إن الأسئلة كثيرة. ما الذي دفع سامي شرف لكتابة ما كتبه؟ ولماذا لم يكتف بالكلام شفاهة مع عبد الناصر؟ وكان هذا متاحاً له في كل وقت؟ وفي أي وقت تم؟ وحتي مع العبور علي المظاهر التي رآها. فهل جري اتخاذ آي إجراءات؟ وهل أذن عبد الناصر بعقد اجتماع لبعض المسئولين عن قطاعات الأمن؟ وهل جري وضع تقييم الموقف بالكامل. الإجابة عند الأستاذ سامي شرف. وأقول له يا أستاذ سامي أن الصمت ليس من ذهب في جميع الأحوال. والكلام ليس من فضة في جميع الأحوال أيضاً. فهل يتكلم الآن بعد أن فجر الأستاذ هيكل قضية وفاة عبد الناصر؟
6- محمد الغزالي
أنا أحب الشيخ محمد الغزالي هكذا «لله في لله». فنحن بلديات. هو من قرية نكلة العنب. وأنا من قرية الضهرية. وكلتاهما من قري مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة. ونكلة العنب بالمناسبة قرية الدكتور أحمد جويلي. ثم إن الشيخ الغزالي كان رقيقاً وإنساناً جميلاً عندما زار نجيب محفوظ بعد محاولة اغتياله. وكانت الزيارة في حد ذاتها رسالة لمن حاولوا اغتيال الرجل بأن الإسلام بريء مما حاولوا القيام به. ثم إن الرجل كان يجاملني في المسرات والأحزان بشكل جميل. ولذلك ما إن جاءني علي البريد الإلكتروني خبر عن صدور كتاب عنه. حتي سارعت لإعلانه والكتاب عنوانه «محمد الغزالي داعية النهضة الإسلامية» وتفاصيل الخبر تقول: صدر كتاب مؤخرًا للباحث الشاب محمود عبده عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ضمن سلسلة «أعلام الفكر والإصلاح في العالم الإسلامي». يتتبع الكتاب روافد تكوين محمد الغزالي الداعية والمفكر، كما يطرح صورة كاملة للمشروع الفكري للغزالي، مع مراجعة نقدية لأهم القضايا التي أثارها، مثل موقفه من قضية نسخ القرآن، ومنهجه في التعامل مع السُنَّة، ورده لبعض أحاديث الصحيحين، وتناوله لقضية القضاء والقدر، والاجتهاد الفقهي، وقضايا المرأة، وموقفه من الحضارة الغربية، والتصوف، والاستشراق، والغناء، والتقريب بين السنة والشيعة، والسلفية، والديمقراطية، والقومية العربية، وحقوق الإنسان، وغيرها من قضايا ما زالت تفرض نفسها علي الساحة الفكرية والاجتماعية. بالإضافة لذلك يقدم الكتاب موجز سيرة الشيخ الغزالي، والعوامل التي أسهمت في تكوينه الثقافي والنفسي. ثم هل لي أن أطلب من ابنه المهندس ضياء ومن صهره محمد عبد القدوس أن يحاولوا كتابة كتاب عن الجوانب الإنسانية في الشيخ الغزالي حتي نري الغزالي في بيته وبين أهله وكيف كان يتصرف في حياته اليومية؟ فإن كان نصف الرجل يحسب باعتباره متفقهاً في الدين. فنصفه الأهم بالنسبة لي أنه كان أديباً مهتماً بالأدب وبالإبداع الأدبي بشكل خاص.
7- إليها: يا أنا
من أين يبدأ عاشق الكتابة عمن يهوي.. من قبل قالت رابعة العدوية: إني جعلتك في الفؤاد محدثي. وقال عبد ربه التائه. بطل النصف الثاني من الرواية المحفوظية: أصداء السيرة الذاتية: الحب مفتاح أسوار الوجود. أمسك بيدي جمرة نارك إنها بعض من ح. ب. قال أراجون مخاطباً إليزا: أنا أنت. لأنه أحس أن حرف الواو بين أنا وأنت يمكن أن يقلق راحة المحبين. وقال الكسائي: لا تصبح المحبة حتي يقول كل واحد لصاحبه: يا أنا. من كثرة التهيب ألجأ لما قاله غيري. لا أدري السبب. ولكنه بحث عن علامات الطريق. أنت المرفأ والملاذ والأمان وأنا لا أطمح إلا أن أكون سؤالك. بل سؤالي لك. هل توجد من لها بعض من جمالك؟ دليني عليها. حتي تكون سلواي عندما تفرضين عليَّ طقوس الغياب. مع أنني أقول لك أنه الغياب المستحيل. هذا إن حدث.
8- عطر الأحباب
الدكتور حامد متولي. الأستاذ الجامعي. اتصل بي بعد اتصاله بالدكتور عاصم الدسوقي. كان غاضباً مما قاله الدكتور البرادعي. ضمن ما قاله عما جري لوالده. في زمن عبد الناصر. وحكي لي الكثير عن التدليل الذي لاقاه والده في زمن عبد الناصر. مما ينفي تهمة الظلم أساساً. إلا أن كان البرادعي يهدف لأمر ما من هذا الحديث. تماماً مثل كلامه عن رفضه لمجانية التعليم وتحفظه علي نسبة العمال والفلاحين في المجالس النيابية.كان كلام الدكتور حامد تليفونياً. لذلك الحرص واجب عند نقل ما قاله. إلا أن كتب لي مستقبلاً تفاصيل أكثر عن الموضوع والرجل صاحب ذاكرة بصرية لزمن عبد الناصر. عن نفسي. أمتثل لطلب الأصدقاء الأصدقاء بالتريث قبل الكتابة عن ظاهرة: البرادعي. بخيرها وشرها وحلوها ومرها. وعندي الكثير مما يمكن قوله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.