تنظر محكمة القضاء الإداري الثلاثاء برئاسة المستشار كمال لمعي، نائب رئيس مجلس الدولة دعوى مطالب بتجميد نشاط الحزب "الوطني" وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها في حال صدور قرار بحله، وهي واحدة من سلسة دعاوى تطالب بالحزب الذي هيمن على العملية السياسة في مصر لأكثر من 30 عامًا، والذي يعتبره المطالبون بحله المسئول الأول عن حالة الفساد السياسي التي عاشتها مصر وابتداع زاوج المال بالسلطة، التي أدت إلى إهدار ونهب المال العام. ويتطلع برلمانيون سابقون من فصائل معارضة و"إخوان مسلمين" ومستقلين إلى صدور الحكم بحل الحزب الذي تقدم العديد من قياداته وفصل آخرون من عضويته، بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في 11 فبراير الماضي، بعد انتفاضة شعبية استمرت لمدة 18 مدفوعة بالقهر والفساد. واتهم النواب السابقون الدكتور جمال زهران وصلاح الصايغ ومحمد عبد العليم داود ومحمد العمدة والدكتور محمد البلتاجي والدكتور حمدي حسن وحسين إبراهيم والدكتور أكرم الشاعر وغيرهم من النواب، الحزب "الوطني" وقياداته بأنهم خالفوا الدستور والقانون وفقدوا الشرعية بعد إقالة حكومتهم وإقصاء أعضاء هيئة مكتبه. ويشيرون بذلك إلى استقالة العديد من قيادات الحزب البارزة، ومن بينهم صفوت الشريف الأمين العام والدكتور زكريا عزمي الأمين العام المساعد للشئون الإدارية والمالية وجمال مبارك الأمين العام المساعد ورئيس لجنة السياسات والدكتور مفيد شهاب والدكتور علي الدين هلال والدكتور حسام بدراوي الذي شغل منصب الأمين العام لأيام فقط، وأيضا الدكتور محمد عبد اللاه. واعتبروا أن الحزب "الوطني" فقد شرعيته بعد أن لاحقته اتهامات عدة في مقدمتها ضلوعه في قتل شهداء الثورة بالعديد من المحافظات، وإصابة الآلاف بإصابات خطيرة. وأشاروا إلى اعتراف قيادات الشرطة في تقرير لجنة الحقائق برئاسة المستشار عادل قورة بأن تعليمات صدرت لهم من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق وبمساندة من القيادة السياسية المتمثلة في الرئيس المخلوع من حسني مبارك وأكد النواب السابقون ضرورة حل هذا الحزب وسرعة التحفظ على نوابه الذين اتهموهم بالعمل على إثارة الفوضى والفتنة الطائفية، مدللين على ذلك بتصريحات للرئيس المخلوع برر فيها ضرورة بقائه في السلطة وإلا سوف تحدث الفوضى، وهوز ما اعتبروه دلالة على تورط أقطاب النظام السابق في محاولة خلق حالة من الفوضى. ورأوا أن جميع الحقائق واضحة وتؤكد أن الحزب "الوطني" قد أفسد الحياة السياسية ونهب أموال الشعب، مدللين بقرار الدكتور محمد رجب الأمين العام للحزب بفصل كل العناصر التي ثبت تورطها في أعمال فساد ومن بينهم وزراء سابقون ورجال أعمال متورطون في قضايا فساد. وقالوا لإن قيادات الحزب "الوطني" تواجه العديد من الاتهامات، ومنها قضايا غسيل أموال وسرقة المال العام والتربح ونهب أراضي الدولة والحصول على عمولات ورشاوى والتلاعب في البورصة. وأعرب عن ثقتهم في صدور حكم رادع في جلسة الثلاثاء بحل الحزب، خاصة وأن هناك الآلاف من أعضاء الحزب وقيادته تقدموا باستقالاتهم استجابة لمطالب الرأي العام الضاغط عليهم بترك الحزب "الفاسد"، وبعد رفع شباب الثورة لافتات تطالب بتطهير البلاد من بقايا النظام السابق. وتساءل النواب: ماذا تبقى لهذا الحزب الفاسد بعد أن نزعت صورة رئيسه من الشوارع، وماذا بعد أن تقدم العديد من رؤساء النقابات باستقالاتهم من الحزب، ومنهم حمدي خليفة نقيب المحامين وأيضا عبد المنعم السعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الأهرام" بخلاف أكثر من 200 نائب بمجلس الشعب والشورى. واعتبر هؤلاء أن الحل أصبح أمر ضروري ومطلب شعبي، خاصة وأن هناك العديد من قيادات الحزب "الوطني" بالمحافظات قدمت استقالاتهم ولم تكتف بذلك بل أنها وجهت إنذارًا على يد محضر للأمين العام للحزب يطالبه فيه بعدم المساس بأي أموال وودائع في البنوك. وطالبوا بضرورة تدخل الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء والموكل له الإشراف على مجلسي الشعب والشورى والمجلس الأعلى للصحافة بأن يتقدم بطلب إلى المحكمة الإدارية العليا طبقا للمادة 17 من قانون الأحزاب السياسية وبصفة مستعجلة بحل الحزب "الوطني" وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال. واستندوا في ذلك إلى أن الحزب "الوطني" وقياداته خالفوا قانون الأحزاب السياسية، خاصة المادة 17 منه التي تنص أيضا على أنه يجوز لمقتضيات المصلحة القومية للبلاد وقف نشاط الحزب في حال خروجه على المبادئ المنصوص عليها في مواد القانون ومنها المادة 3، 4، 5، بالإضافة إلى المادة 25 من قانون الأحزاب السياسية التي تنص على أن يعاقب بالحبس كل مسئول في حزب سياسي أدى أي من أعضائه أو من العاملين به قبل أو تسلم مباشرة أو بالواسطة مالا أو حصل على ميزة أو منفعة بغير وجه حق من شخص اعتباري مصري وتكون العقوبة هنا ليست السجن فقط بل مصادرة كل مال يكون متحصلا من الجريمة وطالب النواب الجمل بضرورة ملاحقة الحزب "الوطني" قضائيا خاصة وأن هذا الحزب وقياداته خالفوا أيضا المادة 3 من قانون الأحزاب التي تنص: "تسهم الأحزاب السياسية في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية". وتساءلوا عما إذا كان الجهاز المركزي للمحاسبات يقوم بتقديم تقارير بصفة دورية ومراجعة دفاتر ومستندات حسابات إيرادات ومصروفات الحزب للتحقيق من سلامة موارد الحزب ومشروعية أوجه صرف أمواله، خاصة وأن أمواله في حكم الأموال العامة والعاملين به في حكم الموظفين العموميين وتسرى عليهم جمعيا أحكام قانون الكسب غير المشروع. وحث النواب الجمل الذي كان قبل الثورة دائما ما يدافع عن الشعب المصري ويطلب له الحرية أن يستمر في مواجهة فساد الحزب المتهم بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لخيرة شباب مصر. وقالوا: نحن لا نتصور أن لا يتحرك الدكتور يحيى الجمل الذي شاهد بنفسه الجرائم الإنسانية التي ارتكبت بحق الشعب المصري على مدار الثلاثون عاما الماضية وما شاهدة أمام شاشات التلفزيون من عمليات إبادة وقتل مستمرة أدانها العالم وأدانها أيضا تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة المستشار عادل قورة الذي فضح النظام السابق وأعوانه. وكان تقرير لجنة تقصي الحقائق اتهم أعضاء بالحزب "الوطني" والعديد من رجال الأعمال وضباط شرطة وبلطجية بالتورط في استخدام والتحريض على استخدام الرصاص الحي والخرطوش.