مثلت المطالبة بحل الحزب "الوطني" الحاكم سابقا، أولوية لدى العديد من نواب البرلمان السابقين، الذين وجهوا اتهامات له، وفي مقدمتها إفساد الحياة السياسية وحماية رموز الفساد الذين يخضعون للتحقيقات حاليا، والمحاكمات التي تجرى لوزراء والعديد من رجال الأعمال المنتمين للحزب الذي هيمن على الحكم في مصر لأكثر من ثلاثين عاما، مؤكدين على أن ذلك المطلب يجب أن يكون على رأس القرارات التي تتخذها الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور عصام شرف. واستند المطالبون بحل الحزب بمواقف نوابه من تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي اقتربت من 1800 تقرير تلقاه مجلس الشعب وبلغ عدد صفحاتها 45 مليون صفحة، لكن نواب "الوطني" تصدوا لأية محاولات كانت تستهدف التحقيق في تلك المخالفات، وقابلوا بالرفض طلب نواب المعارضة إلى رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور أحمد فتحي سرور بإحالة تقارير الجهاز إلى النائب العام. وأشار النائب السابق حسن إبراهيم على سبيل المثال إلى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات حول ضعف العجز التجاري السلعي مع الدول العربية البالغة 21 دولة ووصوله إلى 514 مليون دولار، وأيضا حركة التبادل التجاري مع 43 دولة أفريقية والتي لم تصل النسبة إلى 1 % بهذا الشأن أيضا؟، فضلا عن إثارة الملط لوجود مشاكل ومعوقات تحد من فاعلية الجهود المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار في مصر حتى وصل ترتيب مصر في سهولة أداء الأعمال إلى المركز 165 من بين 175 دولة على المستوى الدولي والترتيب رقم 17 وهو الأخير بين الدول العربية. وقال إن الملط لم يجد أي رد من الحكومة على هذه الملاحظات الخطيرة، كما لم يجد ردًا من الحكومة السابقة حول أسباب ارتفاع أسعار السلع ومنها الغذائية التي يتم إنتاجها محليا، وأيضا عدم الرد عليه عندما أكد أن هناك بعض التجار لجأوا إلى سياسية تعطيش السوق، وأن أغلب المواطنين بما فيهم الطبقة المتوسطة لم يعودوا قادرين على مواجهة ارتفاع الأسعار، وعلى إغراق الأسواق بالعديد من المنتجات مجهولة المصدر وانتشار تجارة الرصيف والسلع المغشوشة والمقلدة ومنها الدواء. وأوضح أن الحكومة لم ترد على تقرير الملط عن انتشار التسيب والخلل في المحليات الذي يصل إلى حد الفساد، خاصة في قطاع الإسكان والبناء، وعندما أكد على وجود اختلاف في البيانات والمعدلات والمؤشرات والنسب في مجالات الاقتصاد والإنتاج والخدمات والتنمية البشرية وتأكيده أن الحكومة قامت بنقل السلبيات إلى خانة الإيجابيات. وطالب النائب السابق الدكتور جمال زهران بحل الحزب "الوطني" وأن يتم محاسبة نوابه الذين تستروا على فساد الحكومة وعرقلوا طلبات نواب المعارضة والمستقلين بإحالة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات إلى النائب العام، خاصة أن الملط تحدث عن العديد من قضايا الفساد وإهدار المال العام وعدم كفاية وعدم دقة وعدم سلامة الدراسات الأولية والدراسات التعميمية ودراسات الجدوى الاقتصادية لعدد من المشروعات صغيرها وكبيرها والمقامة في أجزاء لا يستهان بها دون أي دراسة، وأيضا حديثه عن استمرار ارتفاع قيمة العجز في الميزان التجاري السلعي الذي بلغ 15.8 مليار دولار، ووصول نسبة الفقراء إلى 23.4% من إجمالي السكان، وتأكيده استمرار زيادة الفجوة بين الاستخدامات والموارد الفعلية إلى أكثر من 91 مليار جنيه. بدوره، تساءل النائب السابق محمد خليل قويطة: كيف يستمر الحزب "الوطني" في نشاطه حتى الآن وقيادته فقدت الشرعية وتلاحقهم قضايا فساد وإهدار للمال العام ونهب الأراضي والاستيلاء عليها بأرخص الأسعار والتلاعب بأموال صغار المستثمرين في البورصة. وتساءل: من يؤتمن على نفسه في ظل بقاء الحزب "الوطني" الذي أفسد مصر، وأين كان نوابه من قضايا الشعب المصري ؟ وأين كانوا عندما أعلنت تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات عن إصابة 7.5 مليون بفيروس سي النشط، وأين كانوا عندما أكد الجهاز أيضا أن غالبية المستشفيات العامة والمركزية ومستشفيات الحميات والصدر والتأمين الصحي ومستشفيات المعاهد التعليمية تفتقر إلى إجراءات السلامة البيئية والمهنية والإكلينيكية والطوارئ والأمن الصناعي، وأين كانوا عندما أكدت تقارير الجهاز عن غياب العلاقة بين التقدم العلمي والتكنولوجي والمحتوى الدراسي للمنهج، وعندما وصفت تقارير الجهاز تخلف النظام التعليمي الجامعي، وعندما أكدت التقارير أن هناك 34.5 مليون نسمة محرمون من خدمات الصرف الصحي بنسبة 47.7 % من إجمالي عدد السكان؟. من ناحيتهما، طالب النائبان السابقتن محمد عبد العليم داود وصلاح الصايغ بضرورة محاسبة نواب الحزب "الوطني" السابقين بتهمة بخيانة الشعب المصري والقسم الذي أدوه قبل القيام بمهامهم النيابية، خاصة أن المستندات والتقارير التي تم مناقشتها تحت القبة تؤكد تسترهم على فساد الحكومة. وتساءلا: ماذا فعل نواب الحزب "الوطني" مع الحكومة عندما أعلن الملط أن ما مرت به الأجهزة الحكومية من أزمات وكوارث وحوادث عديدة كانت نتيجة طبيعية لضعف المسئولية التضامنية بين الجهات المسئولة على إدارة الأزمة وغياب التنسيق بين الأجهزة والمحليات والقصور والتراخي، وفشل بعض المسئولين في معالجة العديد من الأزمات وتركهم للأزمات تتفاقم، بالرغم من مؤشرات كثيرة كانت تنذر باقترابها، وتأكيده أيضا أن هناك بعض المسئولين يساهمون في صنع الأزمات، وأن الإدارة في مصر تعاني من أمراض مزمنة. فيما انتقد النائبان السابقان موقف الدكتور بطرس غالي وزير المالية السابق بعد إهانته للمستشار جودت الملط وسبه وانحياز الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية السابق، ووصفه للملط باستخدام أسلوب تهكم عند عرض للحساب الختامي للدولة بأنه ذكر أحكاما عامة وكلام مرسلا. وتساءلا: كيف تصل الأمور أن يقوم وزير المالية السابق في ظل دعم ومساندة وتصفيق حاد من نواب الحزب "الوطني" بتوجيه سبب وقذف إلى الملط تحت القبة، ورفض تقديم اعتذار إليه رغم إلحاحه أكثر من مرة بضرورة أن يقدم غالي اعتذارا إليه. وانضم إليهما في الرأي النواب السابقون كمال أحمد وعلي لبن والدكتور محمد البلتاجي منتقدين لغة التهديد التي استخدمها وزير المالية السابق مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات. وقالوا إن لغة التهديد هذه كان يصاحبها تصفيق حاد من نواب الحزب "الوطني" عندما أكد غالي أن أسواق المال وتدفقات الاستثمار تدخل في صميم فلسفة برنامج الإصلاح الاقتصادي وإذا كان الجهاز المركزي للمحاسبات غير متفق مع هذه الفلسفة التي وضعها الحزب "الوطني" تحت قيادة الرئيس مبارك الذي وضع المعالم الأساسية للتوجه الاقتصادي، فالكلام لا يكون معنا قاصدا الملط ولكن يكون مع مستوى أعلى قاصدا الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأكد النواب السابقة المهندس صبري عامر ومحمد العمدة أنه بالرغم من تعدد التقارير الرقابية للجهاز المركزي للمحاسبات على مجلس الشعب والتي تحتوي على العديد من جرائم الفساد التي ارتكبتها الحكومة والتي تستوجب إقالتها ومحاكمتها أمام القضاء إلا أن نواب الحزب "الوطني" كانوا يتحدثون عن إنجازات الحكومة ونجاحها في مجالات التنمية والاستثمار بقيادة أحمد عز المحبوس حاليا على ذمة عدد من القضايا والذي كان يتغنى للحكومة ويصفها بأنها حكومة الإنجازات بشهادة المؤسسات الدولية وانتقاده للإعلام وعرض السلبيات دون أن يذكر العديد من الإيجابيات وتساءل النواب: أين حمرة الخجل من أعضاء الحزب "الوطني" الذين مازالوا يتمسكون بعضويتهم ويعقدون الاجتماعات تحت دعوى تطهير الحزب وإعادة ترتيبه وانتخاب رئيس جديد له خلفا للرئيس المخلوع مبارك والاستعداد للانتخابات البرلمانية القادمة متناسين ما فعلوه على مدار السنوات الماضية ضد الشعب المصري ومتناسين دماء شهداء ثورة 25 يناير ومعركة الجمل وأيديهم الملطخة بالدماء.