الزيارة السرية للدكتور أسامة الباز لواشنطن كما وصفها البعض جاءت تلبية لمطلب من الإدارة الأمريكية قبيل زيارة كوندليزا رايس لمصر وبعض دول المنطقة. السفارة الأمريكية أرادت التعرف بدقة على حجم التنازلات والإصلاحات التي يمكن أن تقدمها مصر لكوندليزا رايس أثناء زيارتها لمصر. زيارة الباز لواشنطن تميزت بشح متعمد في الأخبار عن نتائجها الأمر الذي يؤكد أن محادثات الباز تطرقت إلى موضوعات حساسة تمس الشأن المصري وأن الإعلان عنها في أمريكا قد يضر أكثر من أن ينفع. لكن رغم هذا التكتم من الجانبين المصري والأمريكي حول نتائج الزيارة أو موضوعاتها فقد تسربت بعض الأخبار والتقارير في وسائل الإعلام هنا وهناك يمكن إيجازها فيما يلي: تأكيد أسامة الباز للإدارة الأمريكية بأن عملية الإصلاح السياسي والدستوري قد بدأت في مصر ولن تتوقف وأن الوقت لم يكن كافياً لتعديل شامل للدستور لأن الانتخابات الرئاسية على الأبواب. طمأنة الإدارة الأمريكية بأن الرئيس بعد انتخابه للولاية الخامسة سيتخذ العديد من القرارات على طريق الإصلاح الديمقراطي خاصة فيما يخص الطوارئ والمعتقلين السياسيين. وبالنسبة للانتخابات الرئاسية القادمة أكد الباز بأن أجهزة الدولة خاصة الأمنية ستلتزم الحيدة الكاملة. كما أكد أسامة الباز بأن الدولة استجابت بالفعل لكل مطالب القضاة حتى تضمن إشرافهم الكامل على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة. كما ستقبل مصر بمراقبين دوليين للإشراف على الانتخابات وكذا تعهد الرئيس باختيار نائب أو أكثر له من المدنيين. وبالنسبة للقضية الشائكة وهي قضية المشاركة السياسية الكاملة للإخوان المسلمين أكد أسامة الباز للإدارة الأمريكية خطورة هذا التوجه على مصالح أمريكا في المنطقة مشيراً إلى أن أفضل الحلول هو ما تتبعه مصر حالياً مع جماعة الإخوان المسلمين حيث تسمح لهم بمشاركة محدودة في الحياة السياسية. وبالنسبة لإمكانية إرسال مصر لقوات حفظ سلام إلى العراق لتحل محل القوات الأمريكية عند انسحابها من بعض المناطق أبدى الباز موافقة مبدئية شرط أن تكون هذه القوات ضمن قوات الأممالمتحدة. كما لم ينس الباز أن يطمئن اللوبي الموالي لإسرائيل سواء داخل الإدارة الأمريكية أو في الكونجرس أن الدور المصري الفاعل للتوفيق بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل مستمر بما يحقق الأمن والسلام لكلا الجانبين مؤكدا على أهمية هذا الدور واستحالة تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غياب نظام الرئيس مبارك. وبالنسبة للتعاون الأمني بين مصر وأمريكا في مكافحة ما تسميه أمريكا بالإرهاب أكد الباز على استمرار هذا التعاون مؤكداً أن مصلحة الإدارة الأمريكية أن لا تدعم أي تغيير سياسي شامل مفاجئ سواء في مصر أو في المنطقة لأن ذلك من شأنه دفع المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار وتزايد العنف والكراهية ضد الأمريكان. ولم ينس الباز أن يذكر الإدارة الأمريكية بكم الكراهية لدى الشعوب العربية التي ترفض أي تدخلات أمريكية في شئونها الداخلية حتى ولو كان ظاهرها الرحمة. وبالنسبة للموضوعات الشائكة التي تحملها أجندة وزيرة الخارجية الأمريكية سواء سياسية أو عسكرية فقد أكد الباز بأن القيادة المصرية مستعدة لمناقشة أي موضوعات مهما كانت حساسة لكنه عاود وأكد بأنه مخول فقط للحديث عن قضايا الإصلاح السياسي والديمقراطي وعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد أشارت وسائل الإعلام الأمريكية أن مصر أرادت أن تثبت للإدارة الأمريكية حسن النية ولدعم مشاورات الباز في أمريكا وذلك بإعلانها قبول مطالب القضاة كاملة وكذا الإعلان عن تعيين نائب مدني للرئيس مبارك بعد الانتخابات الرئاسية وتأكيد جمال مبارك بأنه لا ينوي تولي مقاليد الأمور بعد والده أيضاً التلميح بقبول فكرة مراقبين دوليين.