في معظم دول العالم القوانين والدساتير تطيح بالأنظمة والحكومات الفاسدة وتحاكمهم، وفي الدول العربية لا يطاح بهم ولا يحاكمون إلا باندلاع الثورة ونجاحها، هناك يستنشقون هواء الحرية والديمقراطية والنزاهة والشفافية لأن أمهاتهم ولدتهم أحرارًا، وهنا وهنا فقط في الدول العربية يستنشقون هواء الفساد والإفساد والظلم والاستبداد والقهر والرق والعبودية لأن أمهاتهم أنجبتهم عبيدًا لخدمة النظام الفاسد وحكوماته المتعاقبة حيث تربوا على الخوف والظلم والعبودية لكونه إرثًا موروثًا تحت وطأة ضربات القمع والإرهاب الأمني، لدرجة تصور فيها البعض أن الأجيال السابقة كانت تسترضع من نهود أمهاتهم ألبان الجبن والخوف والذل والمهانة والاستكانة فأصبحوا عبيدًا للطغاة والجبابرة والفراعنة وكهنة المال وحملة المباخر وأبواق السلطة والنفاق، هناك في الدول الأوروبية والأمريكية يسترضعون أطفالهم آليات الحرية ولا شيء غير الحرية ويفطنون ويعيشون ويموتون على الحرية، هناك الحرية والديمقراطية لا معنى لها إلا الحياة الكريمة وصناعة وتطبيق كل القوانين والدساتير التي تكفل ذلك، هناك يصنعون الرئيس العادل وهنا يصنعون الرئيس الفاسد والنظام الفاسد والحكومة الفاسدة، هناك لا يسكتون على الفساد – أيّ فساد – مهما كانت رموزه وهنا يسكتون عن الفساد بل يحولوه إلى فرعون في صورة حاكم يعبدوه صنمًا من الفساد والإفساد لدرجة أنه يصدق نفسه أنه أصبح إلهًا بشريًا على وجه الأرض يأمر فيطاع، هناك يسبحون بحمد القوانين والدساتير التي تصنع وتكفل لهم الحرية والأمان وهنا يسبحون بحمد النظام خوفًا من آليات القمع والتعذيب الأمني التي يمتلكها ذلك النظام هم الذين صنعوه ونفخوا فيه حتى حولوه إلهًا للفساد هنا ويبدو هنا فقط أنهم لا يستطيعون أن يعيشوا ويغرقوا إلا في بحور سيدهم إله الفساد لأنهم استمرؤوا ذلك الفساد في صوره الإله الطاغية في الأرض هم هنا صنعوا لأنفسهم بصمتهم أصنامًا من الآلهة البشرية يعبدونهم ويسبحون بحمدهم خشية من قمعهم، هناك لا يسكتون عن الفساد فالوزير ورئيس الوزراء بل ورئيس الدولة نفسه مثله مثل أي مواطن يخضع للمحاكمة إذا أخطأ في حق الشعب أو في حق أي مواطن أو إذا ارتكب جريمة ما وهنا الحكومة والنظام إلهه والشعب عبيد في سماء فلكهم وآليات التعذيب والقمع الأمني في انتظار ثورة المتمردين على الأوضاع إلى أن جاءت ثورة الفراعنة الشباب التي غيرت مجري التاريخ والحياة وأصبحت تدرس في معظم مدارس وجامعات دول العالم، إن التاريخ وحده لا يكذب ولا يتجمل ولا يعرف الرحمة والهوادة في طمس وإخفاء الحقائق لصالح نظام بعينه التاريخ أكبر من ذلك التاريخ لا يعرف التزوير والرشوة والفساد والمحسوبيات والمجاملات التاريخ لا يصنع الطغاة بل الشعوب الصامتة والصابرة هي التي تصنع هؤلاء الطغاة التاريخ الآن يسجل الثورة البيضاء والنظيفة في مصر والتي أطاحت بالنظام وحكوماته الفاسدة في 18 يومًا فقط بينما ظل النظام الفاسد جاثمًا فوق صدور الشعب أكثر من ثلاثين عامًا، إن شباب الإنترنت كما أطلق عليهم البعض استطاعوا أن يغيروا مجرى الحياة والتاريخ لأنهم عرفوا وتعلموا عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع الإنترنت المختلفة أن الحياة هي الحرية والحرية هي الحياة لم يخافوا من الموت ورصاصات الشرطة المطاطية وقنابلها المسيلة للدموع ولا مدرعاتها القاتلة بل النظام هو الذي أصابه الفزع والرعب والهلع رغم أنه يمتلك كل أدوات القمع المحرمة دوليًا بينما هم لا يملكون إلا الإيمان الكامل والعقيدة الكاملة بقضيتهم قضية الحرية والشرف والكرامة، كانوا يعلمون أنهم سيموتون لا محالة من أجل الحرية وكانوا يعلمون أنهم سيعتقلون في سجون العادلي ويصابون ويعذبون حتى الموت لكنهم بادروا فكانت الثورة البيضاء النظيفة الطاهرة وكان بعض الثوار الشباب وقودها ممن قتلوا بآليات وبلطجية النظام الفاسد في موقعة الجمل الشهيرة وما قبلها المتورط فيها وفقًا للجان تقصي الحقائق (جمال مبارك – صفوت الشريف – زكريا عزمي – محمد أبو العينين – إبراهيم كامل ) وغيرهم الكثير والذين حصلوا على البراءة، وما زالت الثورة مستمرة حتى الآن لاستردادها من الفلول واللصوص والانتهازيين وراكبي موجة الثورة في مليونيات الغضب في الميدان والمحافظات.