أطلقوا عليه الخبير، فمنذ ريعان شبابه وهو في مهنة "التليفونات"، بعد أن أتم مرحلة التعليم الأساسي سافر إلى القاهرة، وهناك امتهن عدة مهن حتى استقر به الحال إلى أن عمل في سنترال القاهرة العمومي. عم حسين عبد الحميد، من مواليد قرية "اقصاص" بمركز المراغة شمال محافظة سوهاج، اجتهد في عمله، فكان من المميزين فيها، والكل يشهد بخبرته في هذا المجال على مدى سنين عمله حتى أطلق عليه زملاؤه لقب "الخبير". يقول عم حسين: "حبيت شغلتي دي، وكان بيني وبين التليفونات علاقة حب، وكنت بصلح أي عطل في أي خط تليفون مهما كان، وكنت بروح مهمات خاصة لإصلاح أعطال التليفون في القصر الرئاسي أيام الرئيس أنور السادات". وأضاف: "لما كان أي تليفون في القصر الرئاسي يعطل كانوا يستدعونني بالاسم عشان أروح أصلحه، وكان الرئيس السادات الله يرحمه يطلبني بالاسم، وكنت الوحيد اللي بيصلح تليفونات القصر الرئاسي أنا وعامل تاني مساعد ليَّ وقتها اسمه محمود". وعن حال المهنة قديمًا يقول: "زمان كان ممكن يكون ليها قيمة، وكنا إحنا كعمال تليفونات قليلين، ومعدودين على الأصابع، كنت باخد 12 جنيهًا يومها، وكانت الدنيا لسه بخير، وكنت ممكن أمشي أكثر من 5 كيلو وأنا راكب عجلة عشان أصلح تليفون". وعن الوسائل التي كانت متاحة حينها يضيف: "كانت معايا عجلة مستلمها من الشغل، وكنت بمشي مسافات طويلة في أماكن مختلفة عشان أصلح تليفون، وكانت معايا سماعة أجرب بيها". وتابع: "البيت اللي كان فيه تليفون زمان كان دوار العمدة، أما في المدينة كانت برضو التليفونات محدودة، حتى منتصف السبعينات زادت أعداد الاشتراكات". وعما وصلت إليه المهنة في الوقت الحالي يؤكد عم حسين أنها اليوم تكاد تكون انقرضت، وغالبية عمال التليفونات القدامى إما رحلوا عن دنيانا أو تقاعدوا عن العمل لبلوغهم سن المعاش، منوهًا بأن عمال اليوم ليسوا موهوبين أو حرفيين بالشكل الذي كان عليه العمال قديمًا، مرجعًا السبب في ذلك إلى أن غالبيتهم امتهنوها إما مجرد كونها وظيفة أو ربما جاءت بهم الواسطة ولا يعرفون شيئًا عن أصول المهنة". واختتم حديثه: إن الدولة قديمًا وحديثًا لم تهتم بعمال التليفونات، ولم نأخذ حقنا ولم تعرف قيمتنا حتى اللحظة، منوها بأن عامل التليفون في الدول الأجنبية ما زال يؤدي دوره وما زال له قيمة في ظل انتشار الهواتف المحمولة، أما في مصر فبمجرد انتشار الهاتف المحمول، قضى على التليفونات الأرضية.