بالقرب من منطقة روض الفرج، وعلى كرسى خشبى، يجلس أحمد على، الذى يدعوه أهالى المنطقة ب «الشيخ»، أمام محله الصغير الذى لا تتعدى مساحته بضعة سنتيمترات، يجلس لمزاولة عمله الثانى، بعد انتهاء عمله الصباحى فى قسم الكهرباء بحى شبرا. بمجرد أن يدخل «الشيخ» محله، يبدأ فى إخراج أجهزة التليفونات المنزلية المتهالكة ليضعها على جانبى المحل، ثم يجلس متكئاً على كرسى خشبى، وينتظر رزقه. محل الشيخ كان متعدد الاستخدامات قبل ذلك، فأول مشاريعه كانت بيع الحلوى والمياه الغازية، وبسبب سخونة الجو فى تلك المنطقة الشعبية قرر تغيير نشاطه ليكون بائعاً للجرائد، ورغم مكسبه الجيد من تلك المهنة إلا أنها كانت تستلزم وجوده طوال اليوم لانتظار الجرائد، وهو ما حال دون استمراره فى هذا المشروع. آخر نشاطات المحل كانت «تصليح التليفونات المنزلية»، وكان عليه الاستفادة من ذلك الدكان بعد أن ألقت الدنيا على كاهله المسئولية ورزقه الله بطفلين: «كنت حابب الموضوع وواخده هواية لأنى بحب أصلح تليفونات البيت. فى الأول كنت ببيع عِدد التليفونات الصينى.. لكن بعد كده قررت أصلحها بالرغم من مكسبها القليل». طوال ساعات اليوم يجلس الشيخ يعبث بيديه فى لحيته الكثيفة، لا يساوره القلق فى أن الله سيرزقه، غير مبال بانتشار «المحمول» واستغناء الكثير عن التليفونات المنزلية: «أنا شغال بقالى 4 سنين.. ومفيش مقارنة بينى وبين اللى بيصلح الموبايلات.. لأن تصليحها فيه شبهة حرام.. الواحد يصلحلك ويقولك عاوز 50 جنيه.. أنا إيه اللى يخلينى أشتغل الشغلانة دى لما ممكن أكسب بالحلال حتى لو قليل». «التميز» عامل أساسى فى استمرار الشيخ لمزاولة مهنته: «قلت لنفسى أشتغل فى حاجة ما حدش عارفها ومش منتشرة وأبقى متميز فيها ويكون ليّا زبون». من جنيهين إلى 5 جنيهات هى التكلفة التى تدفعها لتصليح أصعب مشاكل التليفون المنزلى، وبالنسبة لقطع الغيار: «فى كل حتة.. لكن للأسف كلها صينى».