لم يعد ارتفاع درجات الحرارة مع دخول شهر رمضان الكريم هو الهم الشاغل للمصريين، إنما أسعار السلع والمواد الغذائية وياميش رمضان باتت أشد حرارة وارتفاعا واكتوت بها الأسر المصرية، وخاصة ذات الدخل المنخفض، فقد شهدت الأسواق المصرية ركودا شديدا بسبب ارتفاع الأسعار غير المبرر وعزوف المواطنين عن الشراء، نظرا للارتفاع الملحوظ فى الأسعار، فلم يخلُ بيت فى مصر من الحديث عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما جعلهم يتساءلون عن حجم التغيير والذى لم يختلف كثيرا بعد الثورة عنه قبل الثورة، والجميع يعلم أن ارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى الدخل من أهم الأسباب التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير. "المصريون" رصدت ظاهرة زيادة الأسعار مع دخول شهر رمضان الكريم وردود أفعال المواطنين حول هذه الزيادة. المواطنون: الأسعار ولعت نار ويا ريت الحكومة ترحمنا وتبص للناس الغلابة اللى دخلهم محدود ذهبنا إلى إحدى الأسواق وتحدثنا مع عدد من المواطنين وكانت هذه آراءهم: نادية بيومى موظفة تقول إن أسعار السلع الغذائية فى زيادة مستمرة، مفيش حاجة بترخص، بالعكس كل حاجة بتزيد. وتضيف نادية: أنا كنت بنزل أشترى احتياجات تكفينى لمدة أسبوع لكن دلوقتى مع الزيادة الملحوظة فى الأسعار بشترى كميات محدودة تكاد تكفى احتياجات يومى فقط. وتؤكد نادية أنها شاهدت ارتفاعا فى أسعار الخضر، حيث وصل سعر كيلو الليمون إلى 8 جنيهات والثوم إلى 10 جنيهات أما البصل تعدى حاجز ال2 جنيه، والبطاطس 3 جنيهات والخيار وصل إلى 3 جنيهات، أيضا أما البامية وصلت 8 جنيهات، وتقاس على هذه الزيادة بقية الخضروات الأخرى. أما زينب مصطفى، ربة منزل فتقول بحزن واضح: الأسعار ولعت نار ويا ريت الحكومة ترحمنا وتبص للناس الغلابة اللى دخلهم محدود وتخفض الأسعار ودى أبسط الحقوق اللى لينا على الدولة، كما نتمنى أن يكون هناك رقابة على الأسواق، حيث إننا نتعرض لجشع التجار الذين يتلاعبون بالأسعار إلى جانب استغلالهم المستمر للظروف الصعبة التى تمر بها البلاد. أم محمد، ربة منزل، أكدت لنا أن المعاش الذى تتقاضاه 400 جنيه فقط، وتتساءل: هل هذا المبلغ يكفى لدفع فواتير المياه والكهرباء والإيجار وشراء مستلزمات البيت والاحتياجات الأساسية من سلع غذائية وياميش رمضان؟ ذهبنا إلى محمد السيد، حيث تحدث إلينا بصوت يغلب عليه القهر والانكسار، مؤكدا لنا أن اللحمة لم تدخل بيته منذ عدة أشهر بسبب ارتفاع سعرها، والذى وصل إلى 70 و80 جنيها للكيلو، فضلا عن امتناعه عن شراء بعض السلع الغذائية وأنه اكتفى من ياميش رمضان بشراء البلح وقمر الدين فقط، أما بقية الياميش مثل الزبيب والمكسرات لم يستطع شراءها، نظرا لزيادة سعرها إلى الضعف عن ذى قبل. ويضيف محمد: أنا أطالب الحكومة بأن تسترد أموالنا المنهوبة والتى استولى عليها النظام السابق وتبدأ فى تشغيل المصانع وتزيد من إنتاج السلع الغذائية وتزيد أيضا من الرقعة الزراعية حتى ينتعش اقتصادنا بدلا من الاستيراد من الخارج والذى يلعب دورا رئيسيا فى زيادة الأسعار والذى ينعكس بدوره على المواطن البسيط الذى يتحمل هذه الزيادة بمفرده. رئيس شعبة الدواجن يناشد المستهلكين عدم التكالب على السلع الغذائية حتى لا ترتفع أسعارها من جهته، تحدث إلينا الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية، قائلا: أسعار الدواجن ثابتة منذ أكثر من شهر، حيث وصل سعر كيلو الدواجن إلى 12.5 جنيه من المزرعة لكن من حوالى عدة أيام ارتفعت أسعار الدواجن 50 قرشا فى المزرعة، وأصبحت 13 جنيها للكيلو. ويضيف عبد العزيز أننا حذرنا من ارتفاع الأسعار فى أول أيام رمضان بنسبة 10%، نظرا للإقبال الشديد من بعض المواطنين ومازلنا ننصح المستهلكين بعدم التكالب على السلع الغذائية حتى لا يتم ارتفاع أسعارها بصورة غير طبيعية، ومن المتوقع أن يصل سعر الدواجن إلى 14 جنيها، ولكننا نتمنى ألا يحدث هذا، لكن فى كل الأحوال بعد هذه الارتفاعات فجأة يحدث انخفاض بعد الأسبوع الأول من رمضان، وربما تنخفض إلى أقل من ذلك. ويشير عبد العزيز إلى أن زيادة الأسعار هذا العام مرتفعة عن الأعوام السابقة نتيجة لارتفاع أسعار العلف الذى وصل إلى 3740 جنيها للطن، ويعد هذا أعلى سعر فى تاريخ صناعة الدواجن فى مصر، بالإضافة إلى أن سعر طن العلف كان 3100 قبل هذه الزيادة فهناك زيادة وصلت إلى أكثر من 600 جنيه، وهذا ارتفاع كبير جدا. كما يؤكد أنه إذا لم تعد الأسعار إلى ما كانت عليه فلن تنخفض خلال الفترة القادمة. ويكمل عبد الفتاح كلامه قائلا: الارتفاع المفاجئ فى أسعار العلف يعد مشكلة كبيرة تواجهنا الآن مما جعلنا نفكر فى عمل أعلاف غير نمطية من المخلفات الزراعية كقشور البسلة وقشور القصب والتى وصلت إلى 40 طنا لم نستفد بها إلى الآن، وأتوقع أنها سوف تشهد رواجا إذا ما تم استخدامها. ويختتم عبد العزيز كلامه قائلا: يجب أن يتغير النمط الاستهلاكى الخاطئ للمواطنين، كما أرجو من المواطن المصرى ألا يأخذ أكثر من احتياجاته، لأن السلع ولله الحمد متوفرة وبكثرة حتى لا تحدث فجوة فى السوق، مما يؤدى بأصحاب النفوس الضعيفة غير الملتزمة أن تقوم برفع الأسعار. رئيس شعبة السلع الغذائية: أسعار ياميش رمضان هذا العام مثل أسعار العام الماضى ما عدا الزبيب من جهة أخرى، تحدث أحمد يحيى، رئيس شعبة السلع الغذائية، ل"المصريون" قائلا: يوجد استقرار فى الأسعار قبل بداية العام الحالى وخاصة السلع الغذائية ويمكن أن نقول إن بعض الأسعار انخفضت، غير أنه توجد زيادة فى سلعة أو اثنتين بنسبة 5% فقط مثل اللبن المعبأ والشاى وغير ذلك، مما يجعلنا نستطيع أن نقول إن كل الأسعار مستقرة تماما وبعض الأسعار انخفض سعرها عن أول السنة الحالية السابقة. ويضيف أحمد يحيى أن السلع كلها متوفرة والأسعار أيضا مستقرة فى رمضان. وعن دور التجار فى ارتفاع الأسعار، يقول أحمد يحيى إن الذى يتحكم فى السوق كله العرض والطلب وليس التجار وكلنا نعلم أن الفترة السابقة شهدت ركودا ملحوظا فى الحركة التجارية وصل إلى 40%، وعلى الرغم من السلبيات التى عانى منها السوق بسبب هذا الركود إلا أنه أوجد إيجابيات عديدة منها توافر السلع التى لم يكن عليها طلب كبير واستقرار الأسعار، بالإضافة إلى أن التجار ليس لهم أى ذنب فى ارتفاع سعر أى سلعة وخصوصا فى ظل المنافسة الشديدة الموجودة فى السوق حاليا وانتشار عدد كبير من السوبر ماركت حيث لا يستطيع أى تاجر أن ينفرد بسلعة ولا يخالف سعر سلعة بمفرده إلا قليلا من بعض التجار من الممكن أن يرفع سعر بعض السلع ويكون ذلك بسبب ظروف مكان معين وفى وقت معين بعيدا عن المنافسة. كما يشير يحيى إلى أن أسعار السلع الرمضانية مثل الياميش هذا العام مثل أسعار ياميش رمضان فى العام الماضى إذا لم يكن أقل، ما عدا الزبيب هو الوحيد الذى يشهد ارتفاعا هذا الموسم، نظرا لاختلاف موسمه مع دخول رمضان حيث كان المعروض قليلا فارتفع سعره، وفى المقابل نجد أن بعض أنواع الياميش الأخرى انخفض سعرها بنسبة 40%. كما يؤكد أن تأثير أزمة البنزين والسولار على المستهلك بسيط إذا لم يكن منعدما والسولار تكلفته غير مباشرة ويمكن أن تزيد من أسعار السلع نتيجة النقل التى يمكن أن يتحملها التاجر ويستوعبها السوق ولا يشعر بهذه الزيادة المستهلك نظرا للركود الموجود حاليا. وعن الاستيراد وتأثيره على المستهلك، يقول يحيى: كل هذه الأشياء غير واضحة المعالم فى الوقت الحالى فلا نستطيع أن نحكم إلا بعد أن يتحرك السوق وترجع الحركة التجارية إلى معدلاتها الطبيعية وإذا لم يواكب ضبط فى الاستيراد وزيادة فى الإنتاج المحلى قبل الاستيراد من الممكن أن تختلف الأمور بشكل يدعو للقلق أما إذا استقرت الأوضاع فى البلد، فمن المؤكد أن وضع السوق سوف يشهد تحسنا كبيرا. والسؤال الذى يدور فى أذهان الكثير من المواطنين فى الوقت الحالى كيف تواجه الحكومة الحالية زيادة هذه الأسعار؟ هل تقوم بزيادة الرواتب لتواكب هذه الزيادة أم أنها تتدخل لخفض الأسعار رحمة بالأسر الفقيرة ذات الدخل المنخفض؟