*الحرمان من المعاش والعلاج والعمل والسفر.. أبرز ما يواجهه القضاة بعد إحالتهم للتقاعد *بيع السيارات والمنازل والأراضى ونقل الأبناء لمدارس مجانية.. البديل المنقذ من أعمال "التاكسى" و"القمامة" بعد منع المعاش *قضاة السياسة و"الفيس بوك" محرومون من حقوقهم بعد العزل.. وقضاة الرشوة والمخدرات "إشارتهم خضرا" ! *قضاة يعانون من أمراض خطيرة تم منع الخدمات العلاجية عنهم.. وآخرون يتم التضييق عليهم وطردهم من بلاد التحقوا بأعمال فيها *الخطيب: الرئيس يملك إعادة القضاة إلى المنصة كما فعل مع قاض بمجلس الدولة
على النقيض مما تحمله أخبار الزيادات الضخمة لبدلات القضاة ومرتباتهم، التى تستفز قطاعًا كبيرًا من المصريين الكادحين، جاءت بعض المقالات مؤخرًا لتصف حالاً مأساويًا لبعضهم ومعاناة شديدة يتحملها عدد منهم بعد إحالتهم إلى المعاش والتقاعد على خلفية الأحكام الصادرة بحقهم من مجلس التأديب والصلاحية، الذى كان ينظر البلاغات المقدمة غالبيتها من "نادى القضاة" وتتهمهم ب"الاشتغال بالسياسة" و"الظهور فى الإعلام" أو "الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي". بيع للسيارات والشقق والأراضى، تبديل لأماكن السكن الراقية ومدارس الأطفال المميزة بمساكن ومدارس فى أحياء أخرى منخفضة التكاليف ولا تتناسب نهائيًا مع المستوى السابق الذى كان يتمتع به هؤلاء القضاة وأسرهم، بالإضافة إلى أعمال غير مناسبة ولا تليق بهم، لجأوا إليها لسد حاجات أبنائهم منها بعد أن توقف راتبهم ومنعوا من صرف معاشاتهم من الدولة وجميع مستحقاتهم المالية والعلاجية بدون سبب يذكر، وكثير من الخلافات العائلية الواسعة التى تسببت فيها الصدمة من الواقع الجديد القاسى وتحول صلات القرابة بهم إلى "سبة" و"وصمة".. هذا ما يمر به رجال قضاء منهم من أفنى عمره فى خدمته وخدمة الوطن وظل حريصًا على البر بالقسم الخاص به فما كان جزاؤه إلا "العزل" والحرمان من أبسط الحقوق، التى يكفلها له الدستور وقانون القضاء ولوائحه. حصلت "المصريون"، على معلومات أكيدة تفيد بجملة من المخالفات والانتهاكات التى تمارس بحق قضاة تم عزلهم من القضاء لأسباب مختلفة، فمن قضاة "بيان رابعة" وجماعة "قضاة من أجل مصر" مرورًا بغيرهم من القضاة الذين تمت إحالتهم للتأديب ثم المعاش خلال فترة تولى وزير العدل المقال أحمد الزند لحقيبة العدل لأسباب بعضها وُصف ب"الكوميدي" و"الكيدي" .. وصولاً إلى "قضاة الفيس بوك" الذين مثلوا للتأديب بسبب مشاركات لهم على مواقع التواصل الاجتماعى تخص الشأن العام السياسى أو القضائى دون غيرهم.. نجد أن الحقوق المسلوبة واحدة والانتهاكات بحقهم متطابقة تمامًا. ممنوعون من "التقاضى" يشكك عدد كبير من القضاة المعزولين، فى سلامة إجراءات المحاكمات التى خضعوا لها من الأساس، فبعضهم حرم من الدفاع عن نفسه وآخرون تفاجأوا باتهامات غير منطقية توجه لهم.. وبينما هم يختارون أن يسلكوا طريق التقاضى للطعن على الأحكام الصادرة بحقهم، اكتشفوا أنه أصبح "ممنوعًا" عليهم، حيث تم رفض تقديم الطعن من الأساس من قبل الموظف المسئول بالمحكمة.. وبتعليمات "عليا"، فبدا أن أول الحقوق المسلوبة الآن لهؤلاء القضاة هى حقهم فى التقاضى كأى مواطن مصرى يكفل له الدستور والقانون هذا الحق الأصيل!. "حرمان تام" حُرم القضاة من كل الحقوق المالية، التى يستحقونها والتى ينص عليها قانون القضاء ولوائحه وأعرافه بلا تمييز أو استثناء للقضاة الذين تقدموا باستقالتهم لأى سبب مثل المرض أو حتى الذين عزلوا بحكم من مجلس التأديب فى اتهامات وجهت إليهم تخل بالأخلاق أو تسيء لطهارة اليد والسمعة مثل الرشاوى المالية أو الجنسية التى سمعنا عنهما مؤخرًا. إلا أن شباب القضاة على وجه الخصوص، يمرون بما هو أصعب وأقسى، حيث حرموا من المعاش بالكامل لعدم تجاوز مدة خدمتهم العشرين عامًا، وقد تقدم بعضهم بطلبات إلى هيئة التأمينات الاجتماعية لشراء مدة خدمة تضاف إلى مدتهم ليحصلوا على الحد الأدنى للمعاش إلا أنها قوبلت بالرفض، كما كانوا قد تقدموا أيضا بالطلبات إلى مجلس التأديب والصلاحية خلال محاكماتهم والذى رفض بدوره على الرغم من أنه بحسب المعلومات جائز وحدث بالفعل فى تاريخ القضاء كثيرًا أن تضاف للقضاة الذين يتم عزلهم لأى سبب "مدة خدمة" إضافية حتى يبلغوا المعاش ويحصلون عليه، توقيًا من حالة العوز والحاجة التى قد يصبح عليها القاضى بعد عزله. "معاش الكبار" وبالإضافة إلى أن الغالبية العظمى من القضاة المعزولين خلال السنوات القليلة الماضية لا تحصل على معاشاتها، فإن من يحصلون عليه من الكبار وشيوخ القضاء الذين تجاوزت مدة خدمتهم عشرين عامًا غير معفيين من حالة التدهور والتأزم المالى، حيث لا يتجاوز معاشهم 2200 جنيه شهريًا يصرف أغلبه على شراء الأدوية والعلاج من الأمراض المختلفة بعد حرمانهم أيضًا من الحقوق العلاجية كما ستبين هذه المعلومات. أما المعاش الشهرى الإضافى، الذى يصرف من صندوق الخدمة الصحية والاجتماعية، ومقداره 7500 جنيه، وهو المعاش الذى يفترض به أن يصرف لكل من يبلغ سن المعاش من القضاة بدون استثناء كذلك فقد حرموا كذلك منه رغم تسديدهم لجميع الاشتراكات الخاصة به حتى تاريخ العزل، ورغم أن العقوبة لم تتضمن الحرمان من المعاش. "ممنوعون من العلاج" وفيما يخص "بدل الدواء الشهري"، والذى قيمته ثلاثة آلاف جنيه، وكذلك الخدمة الصحية المجانية الموفرة لكل القضاة من أجل تلقى العلاج لدى الأطباء وفى العيادات المتعاقد معها والمخصصة لرجال القضاء بلا استثناء، فقد حرموا منها أيضًا وأصبحت الحالات المرضية للكثيرين منهم فى مراحل متدهورة نظرًا لعدم امتلاك المال الكافى لتلقى العلاج لدى أطباء آخرين، وعلمت "المصريون"، أن هناك قاضيين كبيرين يعانى أحدهما من أزمة شديدة فى الجهاز التنفسى ويتكلف علاجه شهريًا ما يزيد على سبعة وعشرين ألف جنيه وهو ما لا يستطيع الآن تحمله فقرر الاستغناء عن الدواء الأساسى الباهظ الثمن واكتفى فقط بالأدوية المسكنة والمكملة له.. والدعوات. قاض آخر تعانى ابنته من مشكلة صحية خطيرة، وتحتاج لعلاج شهرى يتكلف أربعة عشر ألف جنيه شهريًا، توقف عن علاجها منذ العزل بسبب عدم قدرته على توفير ثمن العلاج أو الذهاب إلى عيادة أو طبيب تابع للقضاء يقوم بتخفيض التكلفة، وذلك على الرغم من أن الخدمات الصحية داخل القضاء وغيرها من الجهات الحكومية والمؤسسات موفرة لجميع الأعضاء العاملين بها وحتى الذين خرجوا منها أو أقيلوا بحكم تأديبى دون النظر للعقوبة. "نهاية الخدمة" أما مكافأة نهاية الخدمة وقيمتها خمسمائة ألف جنيه، والتى حرص القضاة على دفع الاشتراكات الخاصة بها طوال مدة خدمتهم التى تجاوزت أربعين عامًا لدى البعض، فقد حرموا منها رغم تسديدهم للاشتراكات دون تأخير، كذلك فقد حرموا من أموال صندوق التكافل الاجتماعى، والمبلغ المخصص منه لكل قاض مائة ألف جنيه يصرفوا من وزارة العدل، بالإضافة إلى المبالغ المقررة لجمعية النيابة العامة وقدرها أيضًا مائة ألف، والمبالغ المقررة من العمل الصيفى والبدلات التى تصرف لكل القضاة حتى المرضى منهم ومن لم يباشروا أعمالهم لأى سبب، إلا أنه تم حرمانهم منها أثناء المحاكمات وقبل صدور الحكم بعزلهم من القضاء .. أى وهم لا يزالوا فى الخدمة رسميًا. "ملايين فى ذمة المحاكم" وتصل المبالغ المستحقة لهؤلاء القضاة لدى الدولة، وفى ذمة المحاكم لملايين الجنيهات، حيث وصل المبلغ المستحق لواحد فقط من القضاة إلى سبعمائة ألف جنيه، والذى قام برفع دعوى بهذا الشأن وحصل على حكم بأحقيته فيها لكن الحكومة وهيئة قضايا الدولة استأنفا على الحكم، على الرغم من أنها حقوق مؤكدة وثابتة ويستطيع رئيس محكمة النقض أو مجلس القضاء أن يقرها، بحسب المعلومات . "ممنوعون من العمل" وعلى صعيد الحياة العملية، فقد حرم القضاة من القيد فى نقابة المحامين والقيام بالعمل الذى تأهلوا له بدراستهم للحقوق، فقد أعلن نقيب المحامين عدم قيد أى من القضاة المحالين للصلاحية بالنقابة متعللاً بأن الحكم التأديبى "مسيء للسمعة والسلوك"، وهو ما لا يمكنه أن ينطبق على هؤلاء القضاة الذين خرجوا بعد محاكمتهم بتهمة الاشتغال بالسياسة وهى صلب عمل المحاماة ونقابتها التى يترشح النقيب والأعضاء فيها للبرلمان ويطلقون التصريحات السياسية دون حذر. "ممنوعون من السفر" وفى الوقت الذى عزل فيه القضاة وغادروا منصة القضاء، ومنعوا فيه من القيد بنقابة المحامين.. يواجه عدد منهم كذلك "المنع من السفر"، فلا هم يحصلون على معاشات تؤمن لهم حياة مستقرة وكريمة ولا هم مقيدون بنقابة المحامين لمزاولة المهنة التى تلقوا تعليمها واكتسبوا الخبرات فيها من خلال سنوات طويلة قضوها بالعمل القضائى.. وكذلك فهم لن يتمكنوا من مغادرة البلاد والبحث عن فرص عمل خارجها، بل إن المعلومات التى لدينا تؤكد أن بعض الذين تمكنوا من السفر إلى الخارج تم التضييق عليهم بعد تسلمهم لوظائف بالفعل فى دول مثل "الكويت" التى طلبت من أحد القضاة مغادرتها بعد الموافقة على عمله مستشارًا بمجلس الوزراء وبدون أسباب معلومة. ونتيجة كل ما سبق، فإن المعلومات التى حصلنا عليها تؤكد أن غالبية القضاة الذين تم عزلهم بالطريق التأديبى مؤخرًا اتجهوا فى الفترة الماضية إلى بيع ممتلكاتهم من شقق وسيارات وأراض، إما لتوفير مبلغ كاف لإقامة مشروعات أخرى يكفون بها أنفسهم من مشقة البحث عن عمل لائق ومذلة السؤال أو لتوفير نفقات المعيشة والعلاج والتعليم لهم ولأسرهم . خلافات عائلية وعلى الصعيد العائلى، فقد تسبت الصدمة التى تعرضت لها أسر وعائلات هؤلاء القضاة المعزولون بسبب الواقع الجديد القاسى والتضييق عليهم ماديًا ومعنويًا إلى نشوب خلافات شديدة مع بعض الزوجات والأبناء الذين تغير مستواهم المعيشى بين ليلة وضحاها وتبدلت أحوالهم بعد أن تركوا منازلهم وجامعاتهم ومدارسهم فى الأحياء الراقية، ليس هذا فحسب.. ولكن امتدت هذه الخلافات إلى الأقارب من الدرجتين الثانية والثالثة وربما الرابعة الذين منع أبنائهم من الالتحاق بكليات عسكرية أو شرطية وغيرها من الكليات المهمة، وكذلك الذين تقدموا للوظائف الحساسة فى مؤسسات الدولة وتم رفضهم بسبب صلة القرابة التى تربطهم بواحد من هؤلاء القضاة. جدير بالذكر، أن القضاة المتهمين بتقاضى رشاوى، أو بتعاطى المخدرات أو المتاجرة بها يحصلون على جميع الحقوق التى حرم منها غيرهم من القضاة الذين اتهموا بالاشتغال بالسياسة أو الكتابة على الفيس بوك، وهو ما يمكنه أن يحدث مع القاضى المتهم حاليًا فى قضية مخدرات، والذى تقدم باستقالته منذ أسابيع قليلة، حيث يمكنه العودة إلى عمله على منصة القضاء إذا ما حكم لصالحه وكذلك فإنه سيتمتع بكل الحقوق المقررة للقضاة من معاش ومكافآت وخدمات رغم تقديمه استقالته. قرار جمهوري وفى هذا الصدد، يقول المستشار أحمد الخطيب، رئيس سابق بمحكمة الاستئناف، إنه ينبغى على السلطة الحالية إعادة النظر فى ما يتعرض له القضاة من إجراءات عنيفة بسبب مخالفات إدارية تتعلق بإبداء رأى فقط لم تنطو على تحريض أو عنف أو سب أو قذف لمؤسسات الدولة وصدرت فى وقت كان يتحدث فيه جميع القضاة فى الشأن العام والسياسى عبر كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والإلكترونية ولم تتم محاسبة الجميع بشأنه، وهو وما يمثل إخلالاً جسيمًا بمقتضيات العدالة، فالقانون قواعده عامة مجردة تطبق على الكافة وإذا خالف ذلك واقتصر على رأى معين دون آخر فإننا نكون أمام حالة من حالات التعسف فى استخدام القانون لتصفية الحسابات ضد مجموعة من القضاة كانت حريصة على مصلحة الوطن واستقراره وتحترم الإرادة الشعبية فى كل الأحوال وليس بينها وبين النظام الحالى أية خصومة لأنه لم يكن موجودًا أثناء حديث القضاة فى وسائل الإعلام وكان حرصهم الأساسى على تطبيق القانون وتهدئة المناخ العام دون أن يعبر ذلك عن تبنى مواقف معينة سياسية أو انتماء لأى جماعات . وأكد الخطيب فى حديثه ل"المصريون"، أن القضاة يرفضون كافة مظاهر العنف ومحاولة استخدام قضية القضاة المعزولين لتحقيق مصالح سياسية على حساب استقرار البلاد، وأنهم مستمرون فى الدفاع عن قضيتهم العادلة من داخل الدولة وعبر قنواتها المشروعة والاحتكام إلى القانون والقضاء، ورافضين لأى تدخل من النظمات الخارجية أو المحرضة ووسائل الإعلام التى تسعى للنيل من سلامة البلاد بمؤسساتها لأن المصلحة العامة وحفظ الوطن أهم بكثير من قضيتهم العادلة للرجوع إلى منصة العدالة، خاصة أن الرئيس يملك إصدار قرار جمهورى بذلك باعتباره صاحب الاختصاص وهو الذى أصدر قرر عزلهم.. فمن يملك إصدار قرار العزل يملك إصدار قرار الإعادة إلى العمل وهناك سابقة حدثت فى هذا الشأن تخص أحد قضاة مجلس الدولة الذى أصدر الرئيس قرارًا بإعادته للعمل بعد إصدار قرار تقاعده . وأشار إلى أن ما تشهده البلاد من إعادة النظر فى قضايا الرأى والعفو عن البعض، تؤكد أن هناك إرادة سياسية نحو الانفتاح تجاه الآخر وهو ما يجب تطبيقه أيضًا مع القضاة خاصة أنهم لم يرتكبوا جرائم وأن ما صدر عنهم هو مجرد رأى فقط كانت تحركه المصلحة العامة والحفاظ على استقرار البلاد، بعيدًا عن الصراعات الداخلية التى تهدد أمن الوطن . وأوضح الخطيب، أن اغلب القضاة المنتمين لجماعة الإخوان إن لم يكن جميعهم، غادروا البلاد وحصلوا على فرص عمل مجزية ومناسبة بالخارج ولا يواجهون أزمات، أما القضاة غير المنتمين لها فلا يزالون داخل البلاد يبحثون عن فرص عمل ومتمسكين بالبقاء فيها وحريصين على العودة إلى منصة القضاء. منوهًا إلى أنه لا يجوز أن يمتد العقاب إلى أسر هؤلاء القضاة بسبب مجرد آراء. واختتم الخطيب، بتأكيده على أن هناك بعض الأسماء التى تم الزج بها فى هذه الأمور بسبب خلافات انتخابية سابقة، خاصة أن الدولة لم تحرك البلاغات إنما من حركها هو نادى القضاة .