ناشد المستشار أحمد الخطيب ، المستشار بمحكمة استئناف القاهرة، والمعزول من وظيفته بقرار مجلس تأديب القضاة الأعلى، إضافة إلى 14 آخرين، الرئيس عبدالفتاح السيسى ، وقف مذبحة القضاة الجارية الآن وعدم التصديق على القرارات التأديبية التي يصدرها مجلس القضاء الأعلى وفقًا لصلاحيته المطلقة وحقه بموجب القانون، داعيًا الدولة إلى عدم الدخول فى مثل هذه الصراعات، لأنهم ليسوا فى خلاف مع الدولة أو النظام الحاكم، وأن الخلاف داخل مؤسسة قضائية. وقال الخطيب في حوار صحفي أدلى به إلى صحيفة المصري اليوم بعددها الصادر اليوم ، الأربعاء، أن الاتهامات الموجهة إلى كثير من "قضاة الصلاحية" باشتغالهم في السياسة وتشكيل جماعات سياسية والانضمام لها لا أساس لها من الصحة، موضحا أنه بعد ثورة 30 يونيو، كانت هناك حالة من الارتباك فى المشهد العام، وظهرت موجة من تصفية الحسابات، وكانت هناك حالة من التربص بقضاة الإصلاح القضائى وتيار الاستقلال، وكل مَن كانت لهم مواقف معارضة لنادى القضاة تم استهدافهم والزج بهم فى هذه التحقيقات والقضايا من أجل التخلص منهم، واستغلوا فى ذلك حالة الغضب من جماعة الإخوان، فاجتزأوا من أحاديث القضاة ما يتماشى مع أهدافهم السيئة، ليظهروا وكأنهم منتمون للإخوان، وهذا ليس صحيحا . وأضاف الخطيب أن أغلب القضاة الذين تم عزلهم لا علاقة لهم بأى تيارات سياسية أو أى انتماءات سياسية، مؤكدا أن حركة "قضاة من أجل مصر" ظهرت وقت إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، ولهم عدد من المؤتمرات، ويمكن إعادة مشاهدتها ومعرفة مَن بها، وما عدا ذلك من أسماء فهى تُعد تصفية حسابات مع القضاة الذين خاضوا الانتخابات أمام نادى القضاة الحالى، الذى قدم البلاغات رسميًا فى القضاة الذين تم عزلهم . وأكد القاضي بمحكمة استئناف القاهرة أن هؤلاء القضاة يحترمون الدولة والإرادة الشعبية، وأن الخلاف فى تلك القضية هو خلاف قضائى، مشددا على أنه يربأ بالدولة أن تدخل فى هذا المعترك أو الصراع، بدليل أن مقدم تلك البلاغات هو مجلس إدارة نادى القضاة، وأغلب المشكو فى حقهم هم المنافسون له فى انتخابات النادى، وكون عضو أو اثنين تم وضعهما فى هذه المجموعة ينتميان لجماعة الإخوان، فليس معنى ذلك انتماء الأسماء فى هذه القوائم إلى جماعة الإخوان أو أن لها توجهات أو انتماءات سياسية. وفي سؤاله عن "الاشتغال بالسياسة"، قال الخطيب أن قانون السلطة القضائية واضح، فعندما حظر على القاضى الاشتغال بالسياسة كان النص هو حظر الاشتغال، ومفهوم الاشتغال هو الاندماج فى العمل الحزبى أو الانخراط فى الجمعيات أو الكيانات أو الائتلافات السياسية، لكن لم يُحظر على القضاة إبداء الآراء، وهو حق كفله الدستور، وكفله قانون السلطة القضائية، ولم ينص صراحة على حظره، إضافة إلى أن الدستور ينص على المساواة بين جميع المواطنين، فلا تجوز محاسبة البعض فى التوقيت نفسه الذى يوجد فيه قضاة آخرون أبدوا رأيهم، ولكن لم تتم محاسبتهم، ليتحول القانون إلى أداة لتصفية الحسابات والتنكيل بالخصوم. وقال: ما نشاهده حاليًا أن القانون تم تطبيقه على مجموعة وطرحه جانبًا بالنسبة لمجموعة أخرى، وهذا ما يجعلنا نشك فى صدق النوايا، ونرى فى تلك الأيام أن هناك قضاة يتحدثون فى صلب القضايا التى ينظرونها، وهو ما لم نفعله نحن، ولم نفصح عن آرائنا فى أى قضايا منظورة أمامنا، وهو ما يتنافى مع جميع القيم القضائية. وأكد الخطيب أن القضاة الصادر بشأنهم قرار بالعزل ليسوا في خصومة أو خلاف أبدًا مع الدولة، وأنهم مع الإرادة الشعبية، ولا توجد لديهم أى انتماءات سياسية، وأضاف : مَن قدم البلاغات ضدنا كان مجلس إدارة نادى القضاة وليس وزارة العدل أو المجلس الأعلى للقضاء وليس التفتيش القضائى، وما حدث أنه تم اجتزاء حواراتنا، وتقديم بلاغات ضدنا، بهدف تصفية الحسابات مع نادى القضاة، بسبب صراعات انتخابية سابقة، فكنّا نمثل تيارا إصلاحيا يطالب باستقلال القضاء، ولا ننكر أن بعضنا حُسِب على الإخوان وسافروا للخارج. وأعلن القاضي أحمد الخطيب في حواره الصحفي لجريدة المصر اليوم عن مبادرته التي توجه بها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي قائلا أن "مجالس التأديب أنهت دورها، ويتبقى دور رئيس الجمهورية بتصديقه على تلك الأحكام، فمن حقه التصديق عليها أو رفضها، وأتمنى من الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يعيد النظر فى تلك الأمور، فله صلاحية مطلقة وحق بموجب القانون، وأنا أربأ بالدولة أن تدخل فى مثل هذه الصراعات، لأننا لسنا فى خلاف مع الدولة أو النظام الحاكم، نحن فى خلاف داخل مؤسسة قضائية، وبإمكان الرئيس وقف مذبحة جديدة للقضاة، لأن الدولة ليست طرفًا فيها، وأود أن ألفت الانتباه إلى أنه رغم إنجازات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فإنه حُسب عليه فى فترة رئاسته حدوث مذبحة قضاء، كان المسؤول عنها أحد أقطاب حكمه، والرئيس مبارك رفض فى عهده الزج باسمه فى خلافات قضائية، وبدورنا نتمنى من الرئيس السيسى ألا يوقع على مثل هذه القرارات التأديبية، فلسنا فى خصومة مع الرئيس أو مع الدولة، وكانت مواقفنا قبل 30 يونيو هى مواقف قانونية، بعضها مؤيد وبعضها معارض للنظام السابق، وننتقدهم فيها بعد اكتشافنا خطأهم، وثقتنا كبيرة فى أن الرئيس السيسى لن يسمح بحدوث هذه المجزرة أو المذبحة القضائية". وفي سؤال بشأن الدعوات إلى تدويل القضية ، قال الخطيب على رفض عدد كبير من القضاة بشكل قاطع لها، رفضا للمزايدة أو المتاجرة بها، مؤكدا : سنظل فى كفاحنا داخل مصر وليس من خارجها من أجل استقلال القضاء، وذلك من خلال مؤسسات الدولة، ومن خلال الطرق القانونية، وعبر توضيح موقفنا فى وسائل الإعلام، نحن هدفنا العمل لمصلحة الوطن، قضاة الإخوان الآن بالخارج، لكننا متواجدون فى مصر، ولا يوجد بيننا وبين النظام أى خلاف ولا أى خصومة، وصوتنا كان محجوبا عن النظام لأسباب معينة، وعندما أُتيحت لنا الفرصة نحاول توضيح موقفنا، وللأسف ما تم تصديره فى الإعلام أننا ضد الدولة، وهذا ليس صحيحا شكلا وموضوعًا، نحن مع الدولة قلبًا وقالبًا. وأعرب الخطيب عن دهشته واستغرابه من أن بعض أعضاء الهيئات القضائية الذين تورطوا فى جرائم رشوة جنسية واتجار فى الآثار تمت معاملتهم أفضل منّا، فتم حظر النشر فى قضاياهم، ولم تتم محاكمتهم جنائيًا أو تأديبيًا، وقاموا بتقديم استقالاتهم بإرادتهم، والتى يحصلون بموجبها على جميع مستحقاتهم المالية والمكافآت والصناديق والمعاش، ويتم قيدهم بنقابة المحامين، لكن ما حدث مع قضاة الرأى المختلفين مع نادى القضاة أكثر بكثير من هذا، فقد تم التشهير بهم إعلاميًا، وحدثت حالة حجب إعلامى ضدهم، لعدم توضيح موقفهم، إضافة إلى حرمانهم من جميع المستحقات المالية، وحرمانهم من القيد فى نقابة المحامين، متسائلا : لمصلحة مَن كل هذا التصعيد، ولمصلحة مَن تدمير أسرهم؟! وعن وصفه قرار العزل ب"تصفية الحسابات" ، أوضح الخطيب أن المجلس الأعلى للقضاء فى فترة حكم المجلس العسكرى أو الرئيس المعزول محمد مرسى كان يسمح للجميع بالظهور، ولم يتخذ أى إجراء ضد أى قاضٍ يُبدى آراءه فى وسائل الإعلام، ولو كان يرى أن الظهور فيه مخالفة لكان قد اتخذ إجراء، ولكن صمت المجلس عن المخالفات التأديبية معناه أنه موافق عليها، فلا يجوز بعد خروج مجلسين أن يأتى الثالث ويحاسب القضاة على أفعال رآها المجلس السابق إجراءا طبيعيا، وكان وقتا يتحدث فيه الجميع، وهو ما يعيدنا إلى المربع الأول، وهو أن ما يحدث معنا «تصفية حسابات»، وأننا أمام محاكمات رأى للقضاة، وأنك لا تحاسب الجميع، فمثلا اللقاء التليفزيونى كان يوجد فيه أكثر من قاضٍ، تختار أحدهم لتحاسبه على رأيه، فيما تترك الآخر، وهذا يجعلنى أتساءل: هل هناك حرية رأى كفلها الدستور، وهل هناك مساواة بين القضاة فى الحقوق والواجبات أم لا؟ واختتم الحوار بسؤال الخطيب عن طبيعة البلاغات المقدمة ضده ، وهو ما أوضح فيه أن هناك بلاغ مقدم ضده من مجلس إدارة نادى القضاة، بعدما اعترض على تدخل النادى أو المستشار أحمد الزند فى اختيار وزير العدل، فتمت إحالته إلى مجلس التأديب والصلاحية، بسبب ظهوره فى الإعلام وتدخله فى السياسة.