لا شك أن حالة الطرق هي أهم مؤشر يدل على مستوى التحضر أو التخلف لأية دولة.. ولقد عانينا كثيرا، ولازلنا للأسف، من سوء حالة الطرق ومستوى جودة الرصف؛ مما جعل الكثيرين يظنون أن النظم الحاكمة كانت تتعمد تشويه الطرق لترويج تجارة قِطع غيار السيارات التي تدرّ عليهم المليارات!. إن من أهم أمارات التخلف لأي نظام: إهمال الجودة، واحتقار الإنسان، وعدم الاهتمام بالجانب الجمالي، وتجاهل الصيانة الدورية، وانعدام التدريب، وتفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة، وانتشار الرِّشا في قطاع المقاولات؛ خصوصا رصف الطرق، والعشوائية في التصميم والتنفيذ. ولسنا بحاجة لوصف ما يعانيه الشعب المسكين من رداءة الطرق، فالكل يعاني.. وكنا نظن أن الثورة سوف تخلصنا من هذا الهوان، ولكن مرّت أعوام، وتغيرت الحكومات ولم يبدأ بعد مجرد الإصلاح والترميم، ولم تتغير التعليمات لتحسين الأداء، بل لم نحصل حتى على وعود أو جدول زمني للإصلاح!. أليست هناك أولويات؟!.. ألم يكن من الأفضل والأهم إصلاح الطرق القديمة التي يعاني منها عشرات الملايين قبل البدء في إنشاء طرق جديدة بالصحراء لخدمة عشرات الآلاف؟!. إن من أهم ما يعانيه الناس انتشار الحُفر والمطبات والبالوعات وسوء التخطيط والإرشاد؛ فالحفر تظهر فجأة جراء الهبوط بسبب رداءة الرصف، أو الحفر العمْدي بطريقة همجية دون نظام- وفي غيبة الدولة- لتوصيل مياه أو صرف، ثم تترك لشهور وسنوات في انتظار إعادة الرصف؛ فتتسع وتخرّب الأسفلت، وإذا كان طريقا هاما يتم الترميم- بعد طول انتظار- ولكن بطريقة غبية لتتحول الحفر إلى مقبات!.. وتستمر المعاناة. أما ما يسمونها المطبات الصناعية! (وهي عبارة عن مقبات تجعل السيارة "تقب" إلى أعلى) فقد صارت أهم أمارات التخلف.. إذ تُزرع عشوائيا دون خطة أو مواصفات أو نظام، وتحولت الطرق في المحافظات إلى خرائب بسبب هذه المقبات التي تدمر السيارات، وتسبب الحوادث، وتخرّب الطريق نفسه، وتعطل المرور.. كما تزايدت أعدادها لتصل في المتوسط إلى خمسة مقبات همجية أمام كل قرية (هناك قرية بين السنبلاوين والمنصورة بها 11 مطبا!). كما تعتبر البالوعات الغريبة بالطرق المصرية من عجائب مصر التي لم نرها بأي مكان في العالم. والمفروض أن تسرع وزارة النقل بترميم الطرق وتغيير اللوائح والقوانين التي أدت إلى هذا الوضع المؤسف.. ولكن يبدو أن كل من في هذه الوزارة لا يرون ما نرى، أو أنهم يعتقدون أن ليس في الإمكان أبدع مما كان!. وسوف أعرض على وزير النقل بعض التساؤلات، لعله ينتبه لما يعانيه الناس ويأمر بعلاج هذا الخلل: · هل ستظل الطرق التي تم توسيعها وإمدادها بالجسور(مثل طريق القاهرة- الإسماعيلية وغيره) هكذا بدون صيانة دورية لمعالجة الرصف الرديء حيث هبط الطريق في بعض البقع!.. وعندما يقومون بالترميم (أحيانا) تتحول الحفر إلى مقبات تزلزل السيارات بسبب الترميم الرديء، هل يُعقل أن أحدا من مسئولي الوزارة لم يمر من هناك ويلاحظ هذا التخلف؛ أم أن المرسيدس لا تجعلهم يشعرون؟، إنكم مطالبون بمراعاة حقوق الإنسان الذي يعاني من هذا الخراب. · من مساوئ نظام الرصف في مصر تعمد إيذاء السيارات وركابها أثناء عمليات الرصف التي تتم دون إنشاء تحويلة لإبعاد السيارات عن مسار العمل، وكذلك حَفْر (أو كَحْت) الأسفلت ووضع مواد الرصف القاسية، غير المستوية، وتركها شهورا دون وجود طريق بديل أو سرعة التنفيذ، أو حتى تحذير.. لماذا تستمر هذه الإهانة للمواطن الذي كرمه الله تعالى؟!. · هناك طرق تم رصفها، وبقيت الطبقة الأخيرة في بعض المناطق، ولم يراعى تدريج الرصف بين هذه الوصلات، فيفاجأ الناس بمرتفع أو منخفض حاد كالسكين دون تحذير، ويستمر ذلك لسنوات، إلى متى؟!. · إذا أردت مثالا على مستوى التخلف وانعدام الشعور بالمسئولية أو الضمير، فتفضل بالمرور من أمام قرى ومدن المحافظات (مثلا بلبيس، ديرب نجم، السنبلاوين، قرية غيتة بطريق بلبيس- مسطرد، قرية الزريقي بطريق السنبلاوين- المنصورة).. وتذكّر قول الفاروق عمر لو عثرت بغلة في العراق........ · هل تصدق أن هناك كباري (علوية) بها مطبات قاسية (كانت حفرا فقلبوها إلى مقبات!) يمكن أن تطيح بالسيارات من أعلى؛ (كوبري بلبيس مثلا).. هل يستحيل إصلاح هذه العراقيل الخطرة.. مالكم كيف تحكمون؟!. · إلى متى تظل فوضى زرع المطبات الهمجية؟.. لماذا لا تستخدم المطبات الجاهزة مع تحديد الأماكن المسموح بها؟، ولماذا لا تفكر الوزارة في إنشاء كباري للمشاة بسلالم كهربية للتخلص من هذه المشكلة، وحل مشكلات المرور؟.. إن هذه السلالم صارت رخيصة وتنتج محليا، ولم تعُد من الكماليات!. · كان من أمارات تخلف نظام المخلوع وضع كتل خرسانية أمام القرى على جانبي الطريق (حماية للمنازل من السيارات!!)، وقد أحدثت تأثيرات عكسية وضاعت الأرصفة أو تحولت إلى مقالب للقمامة.. هل ستظل هكذا؟. · ومن أغرب المشكلات التي يعاني منها المصريون ندرة أو انعدام أو سوء حالة الشواخص المرورية الإرشادية.. فإذا وُجدت لافتة تدلك على الطريق فإنك تفاجأ بعدها بتقاطع دون لافتة وتضطر للتوقف وسؤال المارة!؛ وقد رأيت شيئا غريبا ومضحكا عند استخدام الكوبري الجديد بالمنصورة حيث لا تجد لافتة قبل صعود الكوبري بتفرعاته الغامضة، وبعد السؤال والمعاناة والصعود تفاجأ بخمسة لافتات أعلى الكوبري (أي بعد فوات الأوان) مع أن واحدة تكفي مادام الطريق متواصلا، والباقي مطلوب على الأرض وقبل الوصول إلى الكوبري!!. يا سيادة الوزير؛ إن الأسفلت به ميزة جيدة وهي إمكانية الترميم بحيث لا تظهر عيوب للوصلات إن تم الترميم بطريقة علمية.. أي أن ترميم الطرق وتحسين مستواها ممكن وسهل إن أردتم، ويغني عن إعادة الرصف من جديد، لأن الميزانية لن تسمح بإعادة رصف كل الطرق. وهناك ملاحظة هامة بالطرق التي تخضع للتوسيع أو المنشأة حديثا: حيث لم يراعى استواء الطريق جيدا ولم يحسب حساب الميول لتصريف مياه الأمطار، ولم تراعى الشاحنات الكبيرة في الدورانات (U- turn)، كما أن الحواجز (الخرسانية!) بالجُذر الوسطى لا تحجب الإضاءة من السيارات المقابلة (في الدنيا كلها توضع حواجز خفيفة من الصاج في مستوى مصابيح الإضاءة ولا تكون قاتلة في حالة الحوادث). ونظن أنه قد حان الوقت لتحديد حمولة كل طريق، والإلزام بوزن الشاحنات وعدم تجاوز الحمولة. كما أن الدستور يلزمكم بمراعاة حقوق الإنسان أثناء عمليات الرصف، ووضع نظام جديد يمنع (بهدلة) المواطن!. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.