«التجربة العملية» هى دائماً الأفضل للحكم على الأشياء.. وتعتبر ملاحظات المستفيدين بالفعل من مشروعات الإسكان التى تضمنها برنامج الرئيس مبارك الانتخابى، هى الأصدق، لأنها جاءت بحكم هذه التجربة ، ومعايشتهم الواقعية لما واجهوه من صعوبات وعوائق فى تنفيذ البرنامج الانتخابى، كما أن لهم تساؤلات مهمة، رغم أن المشروعات التى استفادوا منها أوشكت على الانتهاء، لأن البرنامج الانتخابى نفسه أوشك على الانتهاء. نبدأ بالمستفيدين من مشروع «ابنى بيتك»، الذى يعتبر أشهر مشروعات الإسكان التى جاءت فى البرنامج، وقد تحددت مطالب المستفيدين، التى أرادوا أن يتضمنها البرنامج الجديد، فى الإسراع فى توصيل المرافق والخدمات إلى المشروع، وتوفير الحماية الأمنية من البدو، الذين يفرضون عليهم إتاوات، والاتفاق مع شركات المقاولات على بناء منازلهم بشكل جماعى، الأمر الذى يوفر عليهم متاعب البناء، ويحميهم من الوقوع تحت رحمة المقاولين، كما يضمن وحدة شكل المشروع، وسلامته، على اعتبار أن الوزارة هى التى ستتولى الإشراف على البناء. فى البداية تساءل محمد عن سبب تأخر تسليم بعض مراحل المشروع حتى الآن فى محافظة البحر الأحمر، مشيراً إلى أنه سدد قيمة الحجز منذ أكثر من 3 سنوات، ولكن لم يتسلم الوحدة التى تم حجزها حتى الآن، رغم أن وزارة الإسكان أعلنت أن التسليم خلال سنتين فقط. أما هانى موسى فكان تعليقه أشبه بنداء للرئيس مبارك، حيث قال: «إلى الأب الروحى لشباب ابنى بيتك، السيد الرئيس مبارك، إحنا ولادك بمدينة 6 أكتوبر، بعنا شققنا وكل ما نملك بجانب الاقتراض لنبنى بيتنا، وكدنا أن نجلس على الأرصفة والتزمنا، ولكن الحكومة لم تلتزم، من حيث المواعيد أو المرافق أو إنشاء المدارس، فنناشدك يا سيادة الرئيس الرأفة بأولادك المعذبين فى الأرض، وأغيثونا مع العلم أن الموعد المحدد لسكننا فى البيت الجديد كان فى 5 سبتمبر الماضى، ولكن المرافق والخدمات لم تكتمل حتى الآن». وأثار محمد سعيد مشكلة الأعراب فى المشروع فى ظل عدم وجود أجهزة الأمن فى الموقع، إلى جانب عدم توصيل المرافق، فضلاً عن الشروط الصعبة لتوصيل الكهرباء، ومنها الحصول على خطاب من شركة تنفيذ أعمال الكهرباء للقطعة التى يملكها المستفيد، وتساءل سعيد: «هل سننتظر انتخابات الرئاسة المقبلة، ليتم توصيل المرافق، وحماية مستفيدى المشروع من الأعراب، الذين يفرضون إتاوات على المستفيدين». وتساءل أبو إنجى من بنى سويف، عن الدعم الحكومى بقوله: «حجزنا شقق مشروع مبارك بمدينة ببا منذ 3 سنوات، وتم تسليم الدفعة الأولى حتى رقم 100 على أساس ثمن الوحدة 20 ألف جنيه نقداً أو 150 جنيهاً لمدة 20 عاماً، وعندما اقترب موعد تسليمنا الوحدات الخاصة بنا فوجئنا برفع السعر إلى 35 ألف جنيه نقداً أو 300 جنيه شهرى للمدة نفسها، رغم أن الشقة نصف تشطيب أى أنها تحتاج أكثر من 20 ألف جنيه أخرى لتشطيبها، مع العلم بأن هناك أشخاصاً ممن تسلموا كانوا من ضمن الحاجزين معنا فى اليوم نفسه، فأين الدعم الذى تكلموا عنه. وطالب محمد محمود، بمتابعة ما حدث من تلاعب فى الأساسات، وأخطاء فى التصميمات، حتى لا يفيق المستفيدون على سقوط المنازل عليهم وأسرهم، مطالبا المهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان بتفقد المشروع بنفسه، واقترح على الوزارة أن تتفق مع عدد من شركات المقاولات لبناء أراضيهم، لحمايتهم من النصب من قبل بعض المقاولين. أما بالنسبة للمواطنين الذين استفادوا من مشروع «الأولى بالرعاية»، فقد تلخصت مطالبهم فى مراعاة أعمالهم ووظائفهم قبل نقلهم، وأن تتناسب مساحة الشقة مع عدد أفراد الأسرة، وطمأنة المستفيدين بمنحهم عقود الإيجار أو التمليك حتى لا يصبحوا مهددين بالطرد فى أى وقت. قال الحاج عويس محمد، أحد سكان محافظة 6 أكتوبر، إن الدولة عندما قررت نقل الأهالى إلى المدن الجديدة لم تراع طبيعة مهنهم، «فانقطع عيشهم»، بعد انتقالهم إلى تلك المساكن وقال: «ياريتهم كانوا سابونا نموت فوق الجبل أحسن، أنا من يوم ما جيت هنا مش عارف اشتغل حاجة، وكنت فى الأول بتاجر فى البطاطس والخضار قدام البيت فوق الجبل، ولما حاولت أبيع الخضار قدام العمارة سحب منى الأمن الشوال، وقطعوا عيشى، وطلبوا منى أقدم على دكان، فرحت وقدمت لكن ما حدش سأل فى من 3 شهور، وأضطر إلى العمل فى الفاعل، رغم أن عمرى 59 سنة». وطالب عويس أن تتناسب مساحة الشقة مع عدد أفراد الأسرة، لأنهم يقدمون شققاً موحدة المساحة للجميع، سواء أسرة عددها 4 أفراد أو 9، كما طالب بتحديد القيمة الإيجارية على حسب الدخل. وطالب الحاج أحمد محمد بتوفير وسائل مواصلات مريحة ورخيصة لهم، لأنه لم يذهب إلى القاهرة منذ انتقل إلى المساكن الجديدة، إلى جانب طمأنة المستفيدين بمنحهم عقود الإيجار أو التمليك حتى لا تصبح حياتهم «على كف عفريت». وقالت الحاجة زهرة عبدالناصر إنها لم تجد مكاناً للمبيت فيه داخل شقتها الجديدة سوى خلف باب الشقة، لأنه المكان الوحيد فى تلك المساحة الضيقة التى لا تتجاوز ال46 متراً الذى احتوى سريرها، بعد أن كانت تعيش فى منزل واسع تمتلكه فى «عزبة خير الله». أما المستفيدون من الوحدات التى طرحها القطاع الخاص والشركات الاستثمارية ضمن البرنامج، فحددوا مطالبهم بإلزام الشركات بالحصول على مقدمات تتناسب مع الشباب، وكذلك الأقساط الشهرية، ومتابعتها للتأكد من أنها لا تتاجر فى الأراضى التى حصلت عليها من الدولة بثمن زهيد، بينما تضحك على الشباب بوضع صورة الرئيس على مشروعاتها، فضلا عن وضع آليات جديدة لدعم مبلغ المقدم والأقساط للشباب. قال حامد عبد الفتاح، «28 سنة»، مدير مبيعات، إنه عندما أراد الحصول على شقة فى أحد مشروعات القطاع الخاص فوجئ بأن مقدم الشقة التى لا تتعدى مساحتها 68 متراً يصل إلى 40 ألف جنيه، ويتراوح القسط الشهرى بين 600 و700 جنيه شهرياً، رغم أنها دون تشطيب.