انتهت وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية يوم 31 ديسمبر الماضى من تسليم جميع قطع أراضى «ابنى بيتك» التى يصل عددها إلى نحو 100 ألف قطعة أرض على مساحة 150 مترا موزعة فى 13 مدينة جديدة ويحصل كل مستفيد من المشروع على دعم مباشر 15 ألف جنيه أثناء تنفيذه المشروع. ويعد «ابنى بيتك» أحد أهم وأكبر المحاور السبعة المكونة للمشروع القومى لإسكان مبارك، الذى تقدم به الرئيس مبارك فى برنامجه الانتخابى فى 2005 كحل لأزمة الإسكان فى مصر. وأسس المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان الجهاز التنفيذى للمشروع القومى للإسكان الإجتماعى الذى يرأسه حاليا اللواء جلال سيد الأهل ليكون الجهة المسئولة عن تنفيذ المشروع بمحاوره المختلفة ومن بينها محور ابنى بيتك الذى حاز الاهتمام الاعلامى الأكبر لسرعة تنفيذه ولأن وسائل الإعلام كانت تتابع المشكلات والمعوقات التى تواجه الشباب أثناء محاولاتهم بناء وحداتهم بشكل ذاتى بعيدا عن تدخل وزارة الاسكان. كشفت التجربة الجديدة عن سلبيات وإيجابيات فى قطاع الاسكان وبالتالى قطاع العقارت فى مصر سواء من حيث تأثيراته الاقتصادية فى أسعار مواد البناء وسرعة الانشاء والطلب على العمالة إلى تأثيره الاجتماعى الذى يهدف لسد عجز الوحدات السكنية الموجود فى السوق المصرية منذ سنوات والذى يزيد بمعدل 150 ألف طلب جديد على الاسكان سنويا. لذلك تحاول «الشروق» التركيز على هذا المشروع بعد الانتهاء من تسليم قطع الأراضى للشباب بهدف تقييمه ورصد ما نتج عن هذه التجربة سواء ايجابيا أو سلبيا وتأثير تلك التجربة على سوق العقارات فى مصر على توفير الاحتياجات الأساسية للطلب على الإسكان. وأعلن اللواء جلال سيد الاهل المدير التنفيذى للمشروع القومى للإسكان أن هناك دفعة تسليم اضافية لم يتم تحديد موعدها بعد لتسليم المستفيدين الذين تخلفوا عن مواعيد التسليم، مؤكدا حصول 52% من مستفيدى ابنى بيتك على الدعم المستحق لهم وقيمته نحو نصف مليار جنيه من أصل مليار جنيه هو الدعم المقرر للمستفيدين من المشروع والذى يصل تعدادهم إلى نحو 100 ألف مستفيد يحصل كل مستفيد على 15 الف جنيه. ووصف سيد الأهل تكرار الشكوى من عدم توافر المياه فى مناطق تنفيذ المشروع بأنها مبالغات لأن المستلم لأى قطعة أرض تصله «فناطيس» المياه بعد 24 ساعة فقط من استلامه الأرض وإذا تأخرت فلا تتجاوز اليومين ويكون ذلك بسبب كسر فى المواسير أو ما شابه وليس أكثر من ذلك. وعن المشكلات الأمنية التى تواجه المستفيدين اثناء البناء قال إن هذه المشكلات لم تكن إلا فى 6 أكتوبر فقط وتم التغلب عليها من خلال التنسيق مع وزارة الداخلية حيث قام الجهاز التنفيذى للمشروع بتوفير 3 أماكن تصلح كنقاط امنية فى 6 أكتوبر وساهمت الداخلية بتوفير الجنود والظباط لضبط الأمن هناك وأن هناك دوريات أمنية مستمرة طوال اليوم. مؤكدا أن التحدى الأهم الذى واجه إدارة المشروع هو زيادة عدد قطع الأراضى المطروحة من 20 ألف قطعة إلى 100 ألف قطعة إلا أن الجهاز التنفيذى للمشروع كان يقوم بإدارة مراحل المشروع المختلفة بالتنسيق مع الجامعات المصرية التى وضع أساتذتها تخطيط المشروع والتصميمات التى قام بها المركز القومى لبحوث البناء والاسكان. ومراحل التنفيذ وإدارة المشروع وتوزيع الاراضى التى قام بها الجهاز التنفيذى بشكل مباشر، لتنفيذ المشروع حسب توصيات الرئيس مبارك فى نفس المدة الزمنية المعلنة للمشروع. وعن مستقبل مناطق ابنى بيتك أوضح جلال سيد الاهل أن هذه المناطق بعد انتهائها سيتم ادارتها من خلال المدن التابعة لها كحى من أحياء المدينة وستكون إدارة كل مدينة هى المسئولة عن ادارة المرافق بهذا الحى سواء كانت مدارس أو مستشفيات أو أى خدمات أخرى. وأرجع أهمية مشروع ابنى بيتك إلى عنصرين أساسيين الأول هو أن مشروع ابنى بيتك يشبه تأسيس مدينة جديدة ولكن تم توزيعها فى 13 مدينة جديدة لأن مساحة الأراضى التى يتم تنفيذ مشروع ابنى بيتك عليها تصل إلى نحو 11 ألف فدان. بالإضافة إلى أن المشروع أحد العناصر المهمة التى ساعدت على نمو قطاع العقارات ومعدلات النمو بشكل عام فى قطاع الإسكان خاصة بين المقاولين الصغار والمتوسطين لأن حجم العمالة التى تم تشغيلها فى هذا المشروع ضخمة. كما ننتظر أن يضيف المشروع نحو 100 ألف وحدة سكنية متوسطة فى سوق العقارات، ونتوقع أن يسهم المشروع فى حالة اكتماله بإضافة 270 ألف وحدة سكنية. من جانبه، يرى طه جادوا نائب رئيس جمعية ابنى بيتك «وهى الجمعية الأهلية التى تمثل الشباب المستفيدين من مشروع ابنى بيتك» أن المشروع يتسم ببعض الإيجابيات منها أن تكلفة قيام الشاب المستفيد لبناء الوحدة التى سيسكنها أقل من الذى تتكلفه الحكومة فى طرح المناقصات على المقاولين لبناء الوحدات مع الحصول على دعم مالى على دفعات لتفويت الفرصة على مقاولى المناقصات والموظفين المرتشين. ولكن على الرغم من التيسيرات التى قدمتها الوزارة للمستفيدين من المشروع من سداد ثمن الارض على 10 سنوات إلى زيادة فترة البناء 3 شهور إضافية وتوفير المياه بالمجان لمستفيدى المشروع توفير نقاط أمنية فى بعض مناطق ابنى بيتك والقبض على كثير من العرب فارضى الإتاوات. إلا أن ارتفاع تكلفة البناء كانت عائقا أمام عدد كبير من المستفيدين إلى جانب مشكلات ارتفاع مواد البناء وعدم توافر التيسيرات البنكية للاقتراض لحين انهاء البناء. وللآن جميع الشباب المستفيدين مطلوب منهم انهاء عمليات البناء فى مدة سنة تسبب ذلك فى زيادة الطلب على مواد البناء وعلى الحرفيين من النجارين والحدادين المسلح مما أدى إلى زيادة اليومية للصنايعى إلى 120 جنيها، كما أن الخدمات الامنية فى مناطق ابنى بيتك لم تكن بالكم الكافى الذى يتناسب مع أعداد وحجم الأعمال فى المناطق المختلفة من المشروع وعدم توافر مهندسين من جهاز المدينة للإشراف والتوجيه والمعاونة أثناء التنفيذ أدى إلى عشوائية فى البناء لعدم خبرة المستفيدين. وقال جادو إنه على الرغم من انتهاء البعض من بناء الثلاثة أدوار وتشطيبها إلا أن بيوتهم مازالت مهجورة ولا يسكنها غير العمال لعدم استكمال بناء وتشغيل المرافق الأساسية من المياه والكهرباء والطرق وهو ما يعطل المستفيدين من الاستفادة بالوحدات التى قاموا ببنائها والانتقال اليها أو تأجيرها. وقال المهندس أبوالحسن نصار استشارى خبير عقارى إن المشروع لم ينجح بشكل كامل وبالتالى لن يحقق أهدافه المرجوة منه، ويفند سلبيات المشروع إلى 4 نقاط أساسية هى عدم دراسة المشروع للإمكانات المادية للفئة المستهدفة من المشروع فى ظل غلاء مواد البناء والإنشاء، وعدم خبرة ودراية الشباب المستفيد بعمليات المقاولات وتنفيذ البناء مما عرضهم للاستغلال والنصب من قبل الكثير من المقاولين. ويقول نصار إن التجربة التى قامت بها الحكومة من سنوات بمنح الشباب 5 أفدنة ومنزلا للزراعة لم تنجح لعدم خبرة الشباب الجامعى بعمليات الزراعة والرى، ويتم الآن تكرار نفس الخطأ فى مشروع ابنى بيتك. وكان من الأفضل أن تمنح عقود تنفيذ مشروع ابنى بيتك لشركات كبيرة معتمدة قادرة على هذا المشروع وتحصل هذه الشركات على الدعم المباشر الذى كان مقررا للشباب. وقال إن الشباب يلجأ لاستبدال الأراضى. وأضاف أن المشكلة الأساسية تكمن فى ضعف دخول الشباب ومستويات دخولهم أقل من أن تتحمل تكلفة البناء. وتشكك فى أن يكون ل100 ألف وحدة التى التى سيسهم المشروع بطرحهم فى السوق أى تاثير قوى لأن أسعار الوحدات الصغيرة أصبحت غير منطقية ولا يستطيع المواطن محدود الدخل تحمل تكلفتها، رغم أن المشروع يهدف إلى بناء وحدات صغيرة يستطيع المواطن محدود الدخل تحمل تكلفتها وسداد قيمتها. ويقترح أن يكون الحل فى شركات التمويل العقارى التى تشترى الوحدات لحساب الشباب المستفيد من المشروع ويقوم الشباب بالتسديد للشركات على أقساط طويلة المدى بين 20 إلى 30 سنة دون أن يتجاوز القسط 25% من راتب الشاب.