الطفل الأعمى الكفيف من الممكن أن يصبح عبقرياً، وشاهدنا فى حياتنا عشرات الآلاف من المبدعين، أما الطفل الأصم المحروم من السمع أو المولود بهذه الإعاقة، فمن الصعب، بل أحياناً من المستحيل، أن يسير فى طريق الإبداع إلا بعض الفلتات النادرة الاستثنائية، وهذه دلالة على أهمية وخطورة غياب تلك الحاسة عن الأطفال، وقد قدم العلم هدية عظيمة لهؤلاء المرضى بنقص السمع الحسى العصبى، الهدية هى زرع القوقعة. لمست خطورة تلك المشكلة عندما أرسلت لى أسرة فقيرة قرر التأمين الصحى مشكوراً علاج طفلتهم المحرومة من السمع والموافقة على قرار بأربعين ألف جنيه، وعندى التفاصيل لمن يريد معرفتها، وافق أستاذ أنف وأذن، بكل إنسانية ودون تردد، عندما عرضت عليه تفاصيل المشكلة علاجها مجاناً، ولكن المشكلة لم تنته عند هذا الحد، للأسف مازالت البنت تحتاج إلى سبعين ألف جنيه، باقى ثمن جهاز القوقعة التى سيتم زرعها، فثمن القوقعة يتجاوز المائة والعشرين ألف جنيه!! إذن هناك كارثة ومأساة أمام هؤلاء الأطفال، الذين مازال أمامهم طريق آخر صعب بعد زرع القوقعة، وهو طريق التأهيل والتخاطب لكى يستعيدوا إنسانيتهم ويندمجوا فى مجتمعهم، ولابد من تكوين جمعية من رجال الأعمال وأهل الخير لمساعدة هؤلاء البائسين، فلو شاهد أحد منكم أهل هذه الطفلة وهم يبيعون أثاث بيتهم لإكمال ثمن القوقعة سيقدر حجم المأساة، لو شاهدتم هؤلاء الأطفال المعزولين داخل شرنقتهم الكثيفة المنسوجة من الصمت والخرس ستلمسون حجم الكارثة، مجرد كتلة آدمية من لحم ودم بلا تواصل وبلا حياة، والحل ممكن، والأطباء القادرون على إجراء العملية والمستعدون للتنازل عن أتعابهم كثيرون، ولكن المشكلة فى هذا الكمبيوتر، الذى يحول الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كهربية يفهمها ويترجمها المخ عبر أعصاب السمع، التى لابد أن تكون سليمة، ولكن ما هى هذه القوقعة؟ جهاز السمع يتمثل فى القوقعة، التى تحوى العضو الحساس المسؤول عن نقل السمع إلى العصب السمعى، ويطلق عليه اسم عضو كورتى، الذى يحوى الخلايا المشعرة الحسية العصبية، التى تقوم بتحويل الاهتزازات الصوتية الواصلة من الأذن الوسطى إلى إشارة كهربائية يطلق عليها اسم «السيالة العصبية»، هذه الخلايا تتصل مع ألياف العصب السمعى، الذى يقوم بنقل السيالة العصبية إلى المراكز الدماغية، نقص السمع الحسى العصبى يحدث فى معظم الأحوال نتيجة إصابة فى هذه الخلايا الحساسة، ومن أسباب هذه الإصابة: التشوهات الخلقية، الإصابات الوراثية، العوامل الجرثومية والفيروسية. ليس المطلوب فقط إنقاذ هذه الطفلة المسكينة، وإنما المطلوب إنقاذ أطفال مصر من المعاقين، سمعياً، وتأهيل إخصائيى التخاطب ورفع رواتبهم، لأنهم عملة نادرة، وتكوين جمعية لتوفير هذه القواقع لمن يقرر التأمين الصحى علاجهم، لابد من التكاتف حتى ننقذ هؤلاء المساكين من صحراء الصمت. [email protected]
