قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، الخميس، إنه بالرغم من أن جمال مبارك أحد المنافسين الأقوياء في انتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، إلا أنه لم يعد الخليفة الوشيك. واعتبرت أن «حالة عدم اليقين السياسي تعوق المجتمع المصري»، مشيرة إلى أن «مصر على أعتاب فترة حساسة في تاريخها السياسي في ظل عدم اليقين حول ما إذا كان الرئيس حسني مبارك سيترشح للرئاسة أو سيعين نائبا عنه، أو خليفة». ونقلت الصحيفة عن أسامة الغزالي حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية قوله «لا أتصور أن الرئيس مبارك سيكون خارج السلطة للحظة واحدة»، مضيفاً «إذا اختفى فجأة، فإن كل المعطيات على الساحة السياسية ستتغير، بما في ذلك فرص جمال مبارك التي ستقل». ولفتت الصحيفة إلى أن توريث الحكم أمر «مكروه» من قبل العديد من المصريين، متوقعة أن جمال مبارك سيواجه «مقاومة شديدة» من الحرس القديم الذي يحتفظ بصوت قوي داخل الحزب الوطني. وأشارت الصحيفة إلى أن جمال مبارك جلب جيلاً جديداً من رجال الأعمال الذين حققوا مكاسب على حساب أقدم القادة داخل الحزب الوطني، في إشارة إلى أحمد عز، وهو قطب صناعة الحديد والصلب في مصر، مؤكدة أنه هو الذي دبر فوز الحزب الوطني الساحق في الانتخابات الأخيرة. وأوضحت الصحيفة أن الخليفة سيخضع لاختيار النظام، وأنه سيكون من ذوي المناصب العليا في الحزب الحاكم، مؤكدة أنه لن يكون هناك فرصة لمن هم خارج النظام- في إشارة إلى الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولفتت الصحيفة إلى أن البرادعي قام بتنشيط الساحة السياسية في فترة وجيزة، فضلاً عن أن دعوته لمقاطعة الانتخابات البرلمانية «هزت» النظام، إلا أنه «في وضع حرج بسبب القيود المفروضة على العمل السياسي في مصر»، وهو ما جعل نشاطه يقتصر إلى حد كبير على الإنترنت. ونبهت الصحيفة إلى أن حالة عدم اليقين ستُطيل من فترة الانتظار لإجراء إصلاحات ملموسة في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ناقلة عن أحد الدبلوماسيين الغربيين قوله «لا أحد يتوقع أن تأخذ الحكومة المصرية أية خطوات ملموسة على المستوى السياسي والاقتصادي في هذه الفترة الغامضة». وأضاف «الجميع في حالة ترقب وانتظار دون معرفة مدة الانتظار، ولكن حالة عدم اليقين ستؤثر على الاستثمار وعلى المرحلة القادمة من الإصلاحات الاقتصادية». ورصدت الصحيفة تراجع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير خلال العام الحالي، مرجعة ذلك إلى المخاطر السياسية المتصاعدة نتيجة للخلافة غير الواضحة. من جانبه، طالب خبير بمعهد العلوم السياسة بجامعة «إيرلنجن» الألمانية، الدكتور توماس ديملبر، الدول الأوروبية، بضرورة الانتباه إلى نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وإعادة دراسة سياساتها تجاه مصر، مشيراً إلى أن الانتخابات أظهرت أن تجنب الصراع مع النظام المصري لا يضمن استقرار البلاد على المدى الطويل. وأكد ديملبر، في مقال له الخميس، على موقع «قنطرة برلين» الألماني لتعزيز الحوار مع العالم الإسلامي، أن النظام المصري لا يهتم بالانفتاح السياسي، مشيراً إلى أن «التلاعب» بالانتخابات لا يعكس قوة النظام، كما أنه ليس دليلاً على كفاءة العمل الحكومي، ولكنه يعبر عن «ضعف» هذا النظام. وأضاف ديملبر: «النظام المصري لم يترك أي شيء للصدفة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ولذا يتعين على أوروبا والولايات المتحدة طلب المزيد من الشفافية وزيادة المشاركة السياسية لجماعات المعارضة».
