«النشر مهنة متعبة ولكنها لذيذة جداً، لأنك تتعامل مع سلعة خاصة بغذاء العقل وهى لمن يهواها تدخل فى شرايين الدم».. بهذه الجملة بدأت السيدة فدوى البستانى، صاحبة ومديرة دار البستانى للنشر، حديثها عن المهنة، التى ورثتها عن أبيها وجدها. تقول فدوى: الدار أنشأها عام 1900 جدى الشيخ يوسف توما البستانى، وكان كاتباً ومحققاً ومهتماً بالأدب والثقافة، هاجر من لبنان إلى مصر بحثاً عن الحرية، ونشر الكتب فى جميع المجالات الأدب واللغة والتاريخ والقانون والجغرافيا والمخطوطات والدينين الإسلامى والمسيحى وهو أول من صدر الكتاب العربى إلى الدول الغربية، وكان يحب أن يطلق عليه لقب «الشيخ» فقد كان المتعارف عليه أن أى شخص ضليع فى اللغة العربية وكبير فى السن يطلق عليه لقب الشيخ، كما كان صديقاً لكل شيوخ الأزهر. وأثناء توليه الدار طبع ونشر ما يقرب من 200 كتاب من عيون الأدب، فاحتكر مؤلفات جبران خليل جبران وأمين الريحانى ونشر لكثير من مشاهير الكتاب المصريين والقدماء أمثال إبراهيم اليازجى، أحمد فارس الشدياق وغيرهما وعرفت مكتبته الصالونات الأدبية لنجوم الفكر والثقافة فى عهده إلى أن توفى عام 1951. وتولى ابنه د.صلاح الدين دفة العمل بالدار فطورها جنباً إلى جنب نشر الإبداع واهتم بتوزيع الكتاب على جميع الجامعات والمعاهد العلمية فى جميع أرجاء المعمورة ولأول مرة يوزع الكتاب العربى إلى العرب والخارج كما كان يدرس بكلية الآداب قسم المكتبات وقضى 40 عاماً من عمره فى تأليف كتاب «صحف بونابرت فى مصر» فى 10 مجلدات يذكر أن صحف بونابرت كانت نواة الصحافة فى العالم العربى، كما قام بتأليف 15 كتاباً إلى أن توفى عام 1995، فتوليت أنا إدارة الدار وكنت أساعده فى العمل قبل الوفاة بخمس سنوات وعندما تسلمت المهمة قمت بتغيير اسم الدار إلى دار البستانى وأنشأت أول موقع للمكتبة على الإنترنت. وكنا أول مكتبة تقوم بذلك وطبعت كتباً فى مجال أدب الأطفال وكسبت جائزة سوزان مبارك لأفضل دار نشر لكتب الأطفال. وترى فدوى أن الطفل ينجذب أكثر إلى الكتب الأجنبية ولذلك اشترت حقوق نشر كتب أجنبية متميزة للأطفال والنشء من دور أجنبية، لأن هدفها كما تقول هو إصدار كتاب للطفل مثل كتب الطفل الأجنبى تحترم عقليته ولا تستخف به، وتضيف: ركزت على النشر أكثر من التوزيع واقتحمت السوق العربية بعد أن كان والدى يركز على السوق الأجنبية فقمت بنشر أعمال إدوار الخراط، ماهر شفيق فريد، محمد جبريل، أحمد سويلم، نادر أبوالفتوح. وعن عمل الأجيال المختلفة بالأسرة بالمهنة تقول فدوى البستانى: أمنية كل ناشر حتى فى الخارج أن يكمل أبناؤه العمل من بعده، لأن الناشر يضع فى المهنة رأسماله وخبرته وكل نقطة من دمه فلو لم يكن هناك امتداد لذهب هذا كله وهناك دور نشر تغلق أبوابها لعدم وجود من يهتم بها، ناهيك عن الجهل والفقر والأزمة الاقتصادية التى تجعل الكتاب سلعة غير مهمة. وعن شروط مهنة الناشر تقول إنه يجب على من يعمل بها أن يكون محباً للكتاب وصناعته ولديه صبر وعلاقات عامة وموهبة الإدارة. وتشير فدوى إلى أنها التقت مجموعة من السيدات اللواتى يعملن فى مجال النشر فى دول عربية مختلفة أثناء دورة تدريب الناشرين، التى دعيت إليها فى أبوظبى فى يونيو الماضى وطرحت إحداهن فكرة تأسيس اتحاد للناشرات العربيات سيتم تدشينه خلال معرض الجزائر الدولى للكتاب فى الخريف المقبل.
